رغم الإفراج عن بعض الناشطين.. القمع مازال منهجيا في مصر

الاثنين 17 يناير 2022 02:20 ص

أطلقت مصر أخيرا بعض الناشطين السياسيين المعروفين، مما أنعش الآمال في انفراجة من جانب سلطة تتعامل "بخشونة" مع كافة أطياف المعارضة.

ولكن المدافعين عن حقوق الإنسان يرون أن القمع لا يزال "منهجيا"، ولا انفتاح في الأفق.

عام 2021، بدا أن هذا البلد العربي الأكبر ديموجرافيا، يسجل نقاطا إيجابية رغم الانتقادات التي توجه إليه بانتظام بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، بدءا من عمالة الأطفال، وانتهاء بالإعدامات خارج القانون.

في البداية، أعلن الرئيس "عبدالفتاح السيسي"، الذي قام بإسكات المعارضة تدريجيا منذ وصوله إلى السلطة عام 2013، وسط ضجة إعلامية محلية كبيرة، إلغاء حال الطوارئ السارية منذ سنوات، وبالتالي تعليق العمل بقانون الطوارئ وبالمحاكم الاستثنائية.

ثم أفرج عن بعض وجوه الحركة الحقوقية والناشطين السياسيين الليبراليين، بل وعن ناشطة إسلامية.

وأطلق الباحث المصري الإيطالي "باتريك زكي"، أما "حسام بهجت" أبرز وجوه حركة حقوق الإنسان الذي كان يحاكم باتهامات تصل عقوبتها إلى 3 سنوات، فقد أدين ولكن كانت عقوبته الغرامة فقط.

ومطلع هذا الأسبوع، وصل الناشط المصري الفلسطيني "رامي شعث" إلى فرنسا بعد 30 شهرا أمضاها في الحبس الاحتياطي، ولكنه أرغم على التنازل عن جنسيته المصرية مقابل الإفراج عنه.

وفي ذات الوقت، صدرت أحكام قاسية ضد ناشطين سياسيين آخرين، فـ"علاء عبدالفتاح" حكم عليه للمرة الثانية منذ وصول "السيسي" للسلطة بالسجن 5 سنوات، وهو نفس الحكم الذي صدر بحق الناشط الشاب، و"زياد العليمي" النائب في أول برلمان بعد الإطاحة بالرئيس الراحل "حسني مبارك"، إضافة الى أحكام أخرى بالسجن على ناشطين آخرين.

وإذا كان الرئيس المصري ألغى حال الطوارئ، فقد أُقرت تشريعات جديدة في القانون العام بعضها أكثر قمعية من قانون الطوارئ، ومن بينها تشريع يقضي بأن تقوم كل المنظمات غير الحكومية بتسجيل نفسها لدى السلطات الرسمية قبل منتصف يناير/كانون الثاني الجاري، وإلا فسوف يتم حلها.

وهذا القانون، كان آخر مسمار في نعش الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إحدى أقدم وأهم المنظمات الحقوقية المصرية.

فبعد 18 عاما من العمل، تغير خلالها 3 رؤساء في البلاد وقامت ثورة شعبية وأطاح الجيش برئيس دولة، أعلنت المنظمة الإغلاق الكامل.

ودانت هذه المنظمة "تزايد الاستهانة بسيادة القانون وتنامي انتهاكات حقوق الإنسان وتزايد الملاحقات البوليسية سواء المغلفة بغطاء قانوني أو قضائي".

ومن جانب آخر، اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، أن "محاولات مصر السطحية لخلق انطباع التقدم في حقوق الإنسان لم تخفِ القمع الحكومي الوحشي لجميع أنواع المعارضة".

ويرفض الرئيس المصري تماما كل هذه الاتهامات.

وفي لقاء مع الصحفيين هذا الأسبوع، قال "السيسي" موجها حديثه للمنظمات الحقوقية: "هل تحبون شعبنا أكثر منا، هل أنتم تخافون على بلادنا أكثر منا.. نحن بلادنا لا تجد الأكل.. هل أنتم مستعدون لمساعدتنا؟".

ويكرر "السيسي" بانتظام رؤيته لحقوق الإنسان، توفير الرعاية الصحية والتعليم والكهرباء أهم من حق التجمع المحظور عمليا في البلاد.

وعندما قدم في سبتمبر/أيلول "الإستراتيجية المصرية لحقوق الإنسان"، حرص على التركيز على ذلك المحور.

ولكن المنظمات غير الحكومية تعتبر أن الإطار التشريعي الراهن غير مقبول.

وفي هذا السياق، تشير "رايتس ووتش" إلى أن تسجيل المنظمات غير الحكومية "عملية معقدة تتطلب مئات الأوراق"، وليس هناك أي ضمانة بإتمام التسجيل بعد الخوض في كل الإجراءات المطلوبة، لأن "التسجيل يتوقف على موافقة وزارة التضامن الاجتماعي علنا".

ويقول "جمال عيد" مؤسس "الشبكة العربية"، الذي يتعرض منذ سنوات هو وزملاؤه لمضايقات من السلطات، إن مسؤولا دعاه الى "حظر العمل على حرية التعبير وأوضاع السجون".

ويضيف: "نرفض أن نتحول لمؤسسة تعمل على الموضوعات غير ذات الأهمية، فلن نتحول إلى مؤسسة متواطئة أو جنجوز" أي منظمة غير حكومية تابعة للدولة.

وبعد ما تعرض له، قرر "عيد" الذي ما يزال ممنوعا من السفر وما تزال أمواله مجمدة، أن يغلق المنظمة.

وكثيرون مثله ممنوعون من السفر وأموالهم مجمدة، وفق المنظمات الحقوقية، التي تؤكد أن هناك 60 ألف سجين رأي وسجين سياسي في مصر.

ولذلك، وصفت "العفو الدولية" و20 منظمة غير حكومية أخرى الوضع بأنه "كارثي"، مشيرة لوجود "ناشطين سلميين ومدافعين عن حقوق الإنسان ومحامين وأساتذة جامعات وصحفيين محبوسين لمجرد أنهم مارسوا حقهم في حرية الرأي والاجتماع السلمي والتنظيم".

ولإسكات أي معارضة، تستخدم السلطات سلاحا آخر وهو الطابع المحافظ للمجتمع المصري.

فقد تم توقيف 20 من الفتيات والسيدات المؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي عام 2020 بتهمة "الدعوة إلى الفجور".

وقالت "رايتس ووتش": "وسّعت السلطات القمع ليشمل المدافعين عن الحقوق خارج البلاد بالقبض على أفراد أُسرهم في مصر وأحيانا (تقوم بـ) إخفائهم".

وتؤكد المنظمة الحقوقية، أنه "لا يمكن للمجتمع الدولي أن يتحمل السماح للدولة بإبادة المجتمع المدني المصري الذي كان حيويا في السابق بهذه التكلفة الزهيدة، وعليه الضغط على الحكومة".

المصدر | فرانس برس

  كلمات مفتاحية

حقوق الإنسان قمع التعذيب قانون الطوارئ السيسي انتهاكات حقوقية

حكومة قمعية.. رايتس ووتش: تدقيق متزايد بشأن حقوق الإنسان في مصر