مجمع سجون السيسي.. فرصة جديدة للقمع في مصر

الأحد 31 أكتوبر 2021 01:03 م

"فرصة للحياة".. عنوان الأغنية التي احتفت بافتتاح مصر قبل أيام، أحد أكبر السجون في العالم، بمنطقة وادي النطرون، بمحافظة البحيرة، شمالي البلاد، بطاقة استيعابية تقدر بنحو 34 ألف سجين.

وعلى الرغم من الاحتفاء الرسمي بالخطوة، وإبرازها كإنجاز لنظام الرئيس "عبدالفتاح السيسي"، فإن حالة من السخرية والاستنكار عمت مواقع التواصل، ووسائل الإعلام العالمية، إزاء دولة تفتتح مجمعا للسجون، وهي تعيش في الأساس على القروض والمنح والودائع الخارجية، وتعاني تهالكا في بنيتها التحتية خاصة الصحية والتعليمية.

ويتزامن افتتاح مجموع سجون وادي النطرون، مع إعلان مصر الاستراتيجية القومية لحقوق الإنسان، إضافة إلى تغييرات شكلية بتحويل مصطلح قطاع السجون في وزارة الداخلية إلى قطاع "الحماية المجتمعية"، واستبدال كلمة "السجين" بـ"نزيل".

قبضة حديدية

وفق منظمة "نحن نسجل" الحقوقية، فإن السجن الجديد جرى تصميمه بشكل مماثل لسجن "العقرب" سئ السمعة (جنوبي القاهرة)؛ ليبدو بشكلٍ أقرب إلى الحصن؛ حيث يحوي مدخلًا واحداً وكذلك مخرجاً واحداً، وتغلفه أسوار من الخرسانة المسلحة بطول 1330 متراً وارتفاع 7 أمتار.

وتقول وزارة الداخلية، في بيان، إن المجمع يضم أماكن لإقامة الشعائر الدينية وفصول دراسية وأماكن تتيح للسجناء ممارسة هواياتهم، وساحات للتريض وملاعب ومراكز للتدريب المهني والفني، تضم مجموعة من الورش المختلفة.

وتضم منطقة التأهيل والإنتاج مناطق الزراعات المفتوحة والصوب الزراعية والثروة الحيوانية والداجنة والمصانع والورش الإنتاجية، إضافة إلى منافذ لبيع المنتجات، حيث يتم تخصيص العائد المالي للنزيل.

ويشمل المجمع مستشفى مركزيا مجهزا بأحدث المعدات والأجهزة الطبية والتخصصات الطبية المختلفة، وحضانات للأطفال، وكذلك مناطق ترفيه للأطفال لأبناء النزيلات، وفقا لتأكيد "الداخلية" المصرية.

ويتوافر بالسجن الجديد، الذي فضلت السلطات تسميته بـ"مركز الإصلاح والتأهيل"، مجمع محاكم يوفر 8 قاعات لجلسات المحاكمة، ومقار للقضاء والنيابة العامة، أي أن المحتجز داخله لن يرى العالم الخارجي، في أي من مراحل التقاضي.

تكلفة ضخمة واستثمار

اللافت أن الحكومة المصرية، تكتمت على التكلفة الحقيقية لتشييد المجمع الجديد، والتي من المتوقع تجاوزها عشرات المليارات، كون مساحة الأرض المقام عليها تبلغ مليون و700 ألف متر مربع (تقارب الـ515 فدان)، ليصبح بذلك أكبر مجمع سجون في تاريخ مصر الحديث.

لكن وزارة الداخلية، زعمت أن "مركز الإصلاح والتأهيل" سيؤدي عقب التشغيل الفعلي له إلى غلق 12 سجنا يمثلون 25% من إجمالي السجون المصرية، وهو ما سيؤدى إلى عدم تحمل الموازنة العامة للدولة أية أعباء، في ضوء أن القيمة الاستثمارية لمواقع السجون العمومية المقرر غلقها تفوق تكلفة إنشاء المجمع الجديد.

الاتجاه ذاته روج له الإعلامي المصري المقرب من السلطة "عمرو أديب" عبر برنامجه "الحكاية" على قناة "إم بي سي مصر"، قائلا إن "المجمع ده هيتقفل قصاده 12 سجن يا جماعة في أماكن مهمة جداً، انتوا عارفين سجن ليمان طره ده فين؟ الأماكن دي هتتباع بفلوس كتير تصرف على الاستثمار ده".

وتخطط الحكومة المصرية لإخلاء المساحة الضخمة التي يحتلها سجن طرة، على ضفاف النيل وسط العاصمة القاهرة؛ للاستفادة منها في بناء مشاريع استثمارية، وطرح تلك الأراضي للبيع بمبالغ خيالية.

ليس الوحيد وعلى المنط الأمريكي

الخطير أن هذا المجمع الواقع عند طريق مصر-الأسكندرية، سيكون واحدا من بين 7 أو 8 سجون في مصر سيتم تشييدها على النمط الأمريكي، بحسب تصريحات "السيسي".

وسيضاف المجمع الجديد إلى 35 سجنا جديداً أنشئت بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ما يرفع إجمالي عدد السجون في البلاد إلى 78 سجنا.

وتضم قائمة السجون المبنية بعد ثورة 2011، سجن وادي النطرون العمومي، وسجن القنطرة العمومي، وسجن بني سويف المركزي، وليمان جمصة، وسجن جمصة العمومي، وليمان المنيا، وسجن المنيا شديد الحراسة.

وهناك السجن المركزي بقسم ثان بنها، وسجن (2) شديد الحراسة في طره، وسجن الجيزة المركزي، وسجن النهضة، وسجن 15 مايو، وسجن الكيلو 10 ونص، وسجن الخصوص، وسجن ادكو، وسجن قرية بغداد، وسجن الخانكة، وسجن العبور، وسجن عتاقة في السويس، وسجن مركز ثالث في طنطا.

وتشمل القائمة، سجن التأهيل العمومي في الجيزة، وسجن مطروح العمومي، وسجن كرموز في الأسكندرية، وسجن القوصية المركزي في أسيوط، والسجن المركزي في أسيوط الجديدة، وسجن أوسيم بالجيزة، والسجن المركزي بأسيوط، وسجن محلة دمنة في الدقهلية، وسجن أكتوبر المركزي بالجيزة، وسجن سنهور المركزي في الفيوم، وسجن يوسف الصديق المركزي بالفيوم، وسجن بلبيس المركزي، وسجن قسم ثالث في العاشر من رمضان بمحافظة القليوبية.

عزل المنظمات الحقوقية

يقدر عن السجناء في مصر بـ114 ألفاً، أي أكثر من ضعفي القدرة الاستيعابية للسجون التي قدرها "السيسي" نفسه بـ55 ألفا في ديسمبر/كانون الأول 2020، بحسب ما أوردته منظمة العفو الدولية في يناير/كانون الثاني 2021.

وبينما تأمل مص عبر تلك الخطوة، تحسين صورتها في ملف حقوق الإنسان، فإن توجه النظام المصري لبناء سجون جديدة، يعكس بلا شك تضاعف معدل الاعتقالات خلال السنوات الأخيرة، وتكدس السجون المنتشرة في أنحاء البلاد.

ويقول معارضون، إن الغاية من افتتاح مجمع السجون الجديد هو إبعاد المعتقلين عن رقابة المنظمات الحقوقية وعزلهم عن أهاليهم نظرا لتواجده في منطقة صحراوية بعيدة.

وتسعى "الداخلية" المصرية عبر تلك الخطوة، لنقل أي بؤر للتوتر الأمني، إلى الصحراء الشاسعة شمالي البلاد، خاصة أن تلك السجون تضم تجمعات كبيرة لمعارضي الانقلاب العسكري من الإسلاميين وغيرهم.

ويبدو أن أغنية "فرصة للحياة" التي صاحبت تدشين مجمع السجون الجديد، لم تفلح في تبديد المخاوف من تحول مجمع النطرون إلى فرصة جديدة للقمع في مصر، وقوة إضافية للنظام المصري، المتهم بتحويل "أم الدنيا" إلى سجن كبير.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مجمع سجون وداي النطرون مصر السيسي وزارة الداخلية المصرية طرة العقرب العفو الدولية مركز الإصلاح والتأهيل

رسالة مسربة تكشف جحيم غرفة التأديب في سجون مصر

إشارات مقلقة.. ماذا يعني توجه النظام المصري لبناء سجون ضخمة؟

"مكافأة للسيسي على قمعه".. رايتس ووتش تنتقد استضافة مصر كوب27

وزير الداخلية المصري يصدر قرارا بإنشاء 6 سجون جديدة

ترحيل معتقلين مصريين تمهيدا لنقلهم لمجمع سجون وادي النطرون

رغم الإفراج عن بعض الناشطين.. القمع مازال منهجيا في مصر

ميدل إيست آي: القمع سر بقاء العسكر في حكم مصر 70 عاما.. وهذه بدائل الوضع القائم

قبل فضائح كوب 27.. كيف حول السيسي مصر إلى بوتقة قمع؟