أثار إعلان لشركة "جراند فيس" الفرنسية، نُشر على لوحات إعلانية متحركة في العاصمة باريس، جدلاً واسعا، بسبب احتوائه على صور نمطية "تكرس الفكر الاستعماري".
ونشرت شركة "جراند فيس" المتخصصة بتأمين العمّال والعاملات المختصين في مجالات مختلفة من الرعاية المنزلية: "كوني فاطمة.. مساعدة منزلية يمكنها تكريس نفسها لسيمون وأندريه".
وصدرت ردود فعل متفاوتة حول الإعلان، حيث قال البعض إنه "إعلان تنميطي" يكرس صورة "الخادم" لقسم من المهاجرين.
Ce pays où on te demande de devenir Fatima seulement qd faut torcher le fion de papi mamie.
— la gazette (@naimisma) January 19, 2022
Je peux plus 🙄🙄 pic.twitter.com/SO3dvzbPhx
كما أدان الحزب الشيوعي الفرنسي في مدينة ليون، الإعلان قائلاً إن "الدعاية لها دلالات استعمارية".
وجاء في بيان صادر عنه: "هذه الدعاية ذات الدلالة الاستعمارية التي توصم إخواننا المواطنين من أصل شمال أفريقي أمر غير مقبول.. نطالب بإزالتها على الفور من شوارعنا".
وتابع: "فرنسا لا تصنف مواطنيها على أساس لون بشرتهم أو أسمائهم. ولن نتسامح مع أي رسالة تنشر فكرة معاكسة، وتعتدي على الآلاف من شعبنا".
أما "وسيلة تمزالي"، الكاتبة والباحثة النسوية من أصول جزائرية، فقالت على حسابها في "فيسبوك": "التقطت هذه الصورة لملصق في الدائرة 13 في باريس، بالقرب من مكتبة فرنسا الكبيرة في 24 يناير/كانون الثاني، وتعكس التصور الجمعي الاستعماري".
وأضافت: "كما يلقي الضوء بشكل كبير على الإنكار والتحريف بالرد بشكل عام".
من جانبها، ردت الشركة على الجدل، قائلة: "منذ عام 2007، كانت مهمة الشركة هي مساعدة المسنين ورعاية الأطفال وتقديم خدمات التنظيف بفضل عمل 6 آلاف متخصص".
ولفتت إلى أنه "من بين مقدمي الرعاية هؤلاء، فإن الأسماء الأربعة الأكثر شيوعاً في وكالاتنا، هي كاثرين وماريا وفاطمة وكريستوف".
🚨 Petits-fils s'affiche partout en France 🚨
— Petits-fils (@petits_fils) January 19, 2022
Vous êtes auxiliaire de vie ? Nous vous proposerons des conditions de travail optimales, mais surtout nous apprendrons à mieux vous connaître pour mieux vous accompagner. #DevenezCatherine
➡ https://t.co/yjPYcwi7z5 pic.twitter.com/PUUwoerPj6
وغردت "فضيلة محل"، على "توتير": "بالطبع لا توجد وظائف غبية وتكريس نفسك للآخرين يمكن أن يكون إنجازاً.. لكن يمكن أيضاً أن تساعد سيلفي سيمون وأندريه. ويمكن أن تحلم فاطمة أيضًا بأن تصبح محامية أو مهندسة معمارية".
Bien sûr il n’y a pas de sots métiers et se dévouer aux autres peut être un accomplissement. Mais Simone et André peuvent aussi être aidés par sylvie. Fatima peut aussi rêver de devenir avocate ou architecte. Il est plus facile de briser un atome qu’un préjugé disait #Einstein pic.twitter.com/GNYyU36RsX
— Fadila MEHAL (@fmehal) January 20, 2022
وغرد "سليم العموري"، نتمنى أن تصبح "فاطمة" كل ما تريد، بغض النظر عن الاسم الأول.
On souhaite surtout à toutes les "Fatima" de devenir ce qu'elles souhaitent, peu importe leur prénom. https://t.co/2ajVaQogzo
— 💡 Sélim El Amouri (@selimelamouri) January 19, 2022
وتعد الكراهية الفرنسية المسيحية وما يسمى بالكراهية "العلمانية" للمسلمين، جزءا من الخطاب اليومي للحكومة الفرنسية والنقاد ووسائل الإعلام.
ولا يضفي تطبيع خطاب الكراهية ضد المسلمين الشرعية على التمييز المؤسسي الذي يتعرض له المسلمون الفرنسيون فحسب، بل يحرض أيضًا على العنف ضدهم داخل فرنسا وخارجها.
ولا يُظهر التمييز المؤسسي المستمر من قبل الدولة الفرنسية ضد مواطنيها المسلمين أي بوادر للتراجع تحت حكم الرئيس "إيمانويل ماكرون".
ولا تزال فرنسا غارقة في خطاب شوفيني وكراهية مهيمنة اليوم، لا يختلف عن الخطاب الذي سيطر دائمًا على الثقافة الفرنسية حتى قبل الثورة الفرنسية.
صحيح أن ثقافة الكراهية المسيحية البيضاء والفاشية المنتشرة على نطاق واسع في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة اليوم (والتي تذكرنا بثقافة الكراهية الأوروبية في الثلاثينات) ليست مقصورة على فرنسا، لكن الفرنسيين يتفوقون في التعبير عنها بشكل مباشر.
وتعتبر الأزمة الحقيقية التي تواجه فرنسا في تعاملها مع المسلمين، هي أزمة الشوفينية الفرنسية، ورفض المسيحيين والفرنسيين المتعصبين للعرق الأبيض الاعتراف بأن بلادهم هي قوة استعمارية جديدة تحمل ثقافة رجعية مهيمنة، وتصر على التمسك بأمجاد الماضي المليء بخطايا الإبادة الجماعية من البحر الكاريبي إلى جنوب شرق آسيا، إلى أفريقيا، والتي أودت بحياة ملايين الأشخاص منذ أواخر القرن الثامن عشر، وفق مراقبين.