رفع الدعم عن السوريين.. أخطاء بالجملة وغضب واسع ودعوات للتظاهر

الخميس 3 فبراير 2022 08:02 ص

صدم مئات آلاف السوريين بمناطق سيطرة النظام خلال اليومين الماضيين، برسائل إلكترونية من تطبيق "وين" المخصّص للدعم الحكومي للسكان، وتفيد تلك الرسائل باستبعادهم من "الدعم الحكومي" عبر ما يعرف بـ"البطاقة الذكية".

وهذا الإجراء وصفه السوريون بالتعسفي، حيث شمل ما يقارب نصف مليون شخص، بمعدل عشرات آلاف الأسر من الذين يملكون سيارة بقدرة (150 سي سي) صناعة عام 2008، والأسر التي يكون "ربّها" مسافراً لأكثر من عام.

وأثار القرار سخطاً شعبياً واسعاً، قد ينذر بـ"كسر حاحز الخوف لدى السوريين مرة جديدة"، حيث بات المنتقدون هذه المرة من مقربي النظام وأنصاره، أكثر من معارضيه، وسط دعوات لافتة من أسماء اشتهرت بالدفاع عن رئيس النظام "بشار الأسد"، للتظاهر ورفض القرار.

ووفق "فاديا سليمان" معاونة وزير الاتصالات في حكومة "الأسد"، فإن عدد الأسر المستبعَدة من الدعم عبر "البطاقة الذكية"، بلغ 66 ألف أسرة، والسيارات المستبعدة من الدعم (المحروقات) بلغ 58 ألف سيارة، وإن الموظفين والعسكريين المتقاعدين يشكلون 10% من المسبتعَدين.

وعلى ذلك، فإن الحكومة حدّدت بيع ربطة الخبز لغير المشمولين بالدعم بمبلغ 1300 ليرة للربطة، بينما سعرها ضمن الدعم (250 ليرة) بمعدل ربطة يومياً للعائلة المكوّنة من شخصين، وربطتين يومياً لعائلة مكوّنة من 3 أشخاص.

كما حددت سعر أسطوانة الغاز بالسعر (الحر) للأشخاص الذين رُفع عنهم الدعم بسعر (30600 ليرة) وذلك عن طريق الموزّعين المعتمَدين فقط، أي لا يحق للمواطن شراء الأسطوانة من السوق الحرة وحده.

الغريب، وفق مراقبين هو شمول عشرات آلاف الأشخاص ضمن قرار الاستبعاد من الدعم، دون استيفائهم شروط القرار، كأشخاص موجودين في سوريا ولا يمكلون جواز سفر، واعتبرتهم الوزارة مسافرين منذ سنوات، أو لعائلات فقدت ربَّ أسرتها قبل سنوات، وشُملت ضمن القرار التعسفي، وهو ما انعكس سلباً على عشرات آلاف الأسر المعدومة.

ونشرت الصحفية الموالية للنظام "لينا ديوب"، قصة "جارها في مصياف" الذي استبعد من الدعم بحجة أنه "مسافر خارج البلد"، رغم أنه لا يمتلك جواز سفر أصلاً.

وتحدثت أيضاً عن زميلة لها في التليفزيون السوري، تم استبعادها بحجة سفر والدها خارج البلاد، رغم أن والدها متوفى منذ 17 عاماً.

فيما عبّر المحامي "عارف الشعّال"، عن توصيف المشهد بـ"بلاغة وإيجاز"، حين كتب على صفحته على "فيسبوك" قائلاً: "في منتصف الليل وعبر بطاقة ممغنطة (ما بتعبي العين) جرى الانتقال من الفرز الدستوري للشعب بين عمال وفلاحين وباقي الفئات الأخرى، إلى صيغة بورجوازيين وصغار كسبة!!.. فهنيئاً لصغار الكسبة الفوز بدعم وعطف وحنان وحضن الحكومة".

خطوة رفع الدعم أشعلت غضباً غير مسبوق لدى السكان بمناطق سيطرة نظام "الأسد"، حين عبّر المستبعَدون عن سخطهم وغضبهم من قرارات الحكومة "التعسفية" تجاههم، في ظل أزمات اقتصادية متفاقمة يعانيها هؤلاء السكان.

وتداول مواطنون سوريون خلال هذين اليومين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صورا من حساباتهم على تطبيق "وين" الإلكتروني الحكومي، ووثقوا فيها أنهم باتوا تحت صفة "مستبعد من الدعم".

وأٌرفقوا مع الصور أسباب الاستبعاد، حيث كانت متنوعة بين كل فرد عن الآخر، ما أثار جدلا واسعا حول عملية "الانتقاء العشوائي" للعائلات التي لا تملك حتى منزلا باسمها، ومع ذلك تم شطبها من استحقاق الدعم.

كما طفت مطالبات كثيرة بسحب الثقة عن الحكومة بعد قرار رفع الدعم، حيث ناشد البرلماني "ناصر يوسف الناصر" بحجب الثقة، مؤكداً أن قرار رفع الدعم قرار ظالم وغير مدروس ويجب إلغاؤه فوراً.

كما أعلن "شادي أحمدي"، وهو خبير اقتصادي موالٍ لـ"الأسد"، أنه سيتقدم بطلب لوزارة الداخلية من أجل الخروج بما سمّاها "مظاهرة سلمية"، أمام البرلمان وسط العاصمة دمشق من أجل التنديد بالقرار.

من جانبها، عقدت حكومة النظام السوري، الأربعاء، اجتماعا وصفته بـ"العاجل"، لبحث الاعتراضات التي تلقتها، لكنه لم يتوصل بحسب نص مخرجاته إلى قرارات تذكر.

وجاء فيه أن المجتمعين بحثوا الاعتراضات التي قدمها المواطنون عبر الموقع الإلكتروني، بينما أوصوا بأن موظفي الدولة والمتقاعدين، ممن تم استبعادهم من الدعم لامتلاكهم سيارة، ستتم إعادتهم بعد تقديم طلب اعتراض ومراجعته.

وخلال الأشهر الماضية، أدارت حكومة النظام السوري الأزمة المعيشية في سوريا بطريقة "خاصة"، متجهة بذلك إلى رفع أسعار المواد التي تمس حياة السوريين بشكل يومي، أو تخفيض المخصصات المتعلقة بها.

وفي تقرير لها، أواخر العام الماضي، بررت صحيفة "الوطن" شبه الرسمية هذه الإجراءات بأنها ترتبط بـ"عجز الحكومة على تمويل المواد المدعومة، لانعكاس غليان الأسواق العالمية على الكميات المتاحة من المواد الغذائية".

وسبق أن تحدث وزير المالية السوري "كنان ياغي"، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن "برنامج جديد حول إعادة هيكلة الدعم سيُعلَن عنه مطلع عام 2022".

في المقابل، تحدث رئيس الحكومة "حسين عرنوس"، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، عما وصفه بـ"تحريك أسعار" الخبز والمازوت، لأسباب خارجة عن الإرادة لكلا النوعين، لضمان استمرار تأمينهما.

ونفى "عرنوس"، حينها، أن تكون زيادة أسعار المواد المدعومة خطوة لتمويل الموازنة، و"إنما هي تخفيف جزء من العبء عليها".

وبعدما بات غالبية السوريين تحت خط الفقر، بعد 10 سنوات من الحرب التي أنهكت الاقتصاد ومقدّراته، عدا عن تداعيات العقوبات الغربية المفروضة على نظام "الأسد"، تتضاءل تدريجيا قدرة حكومة الأخيرة على توفير الاحتياجات الرئيسية على وقع تدهور سعر صرف الليرة السورية.

وحسب الأمين العام للأمم المتحدة، "أنطونيو جوتيرش" في تقريره الذي قدمه لمجلس الأمن فإن 90% من السوريين تحت خط الفقر، فيما يعاني 60% منهم "انعدام الأمن الغذائي".

وتحتل سوريا المرتبة 101 على مؤشر الأمن الغذائي التابع لمجلة "إيكونوميست" البريطانية، الصادر في فبراير/شباط 2021.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

رفع الدعم سوريا نظام الأسد حكومة سوريا

الحكومة العراقية تمد «الأسد» باحتياجاته النفطية بنصف السعر

دراسة أممية: أكثر من 83% من سكان سوريا تحت خط الفقر

حملة فلسطينية تنجح في جمع 10 ملايين دولار لمساعدة النازحين السوريين