حليف من خارج الناتو.. هكذا توسع أمريكا نفوذها الدبلوماسي عبر قطر

السبت 12 فبراير 2022 07:13 ص

"رسالة واضحة حول القيمة التي تضعها الولايات المتحدة لعلاقتها العميقة مع الدوحة، وسنوات عديدة من التعاون الوثيق عبر عدة ملفات، و3 قضايا ذات أهمية خاصة لواشنطن"..

هكذا سلط الرئيس التنفيذي لمركز تحليلات الخليج في واشنطن، المختص بتحليلات الأخطار الجيوسياسية "جورجيو كافيرو"، الضوء على دلالات إعلان إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" تصنيف قطر حليفا استراتيجيا من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وأشار "كافيرو"، في تحليل نشره بموقع قناة TRT التركية باللغة الإنجليزية، إلى أن أمير قطر "تميم بن حمد آل ثاني" هو أول رئيس دولة من مجلس التعاون الخليجي يزور واشنطن منذ بدء رئاسة "بايدن".

وأضاف أن الدولة الخليجية الصغيرة يمكنها أن تساعد في توسيع "النفوذ الدبلوماسي" للولايات المتحدة بينما تواصل الأخيرة تحولها الاستراتيجي بعيدًا عن الشرق الأوسط.

واعتبر "كافيرو" أن القرار الأمريكي بتصنيف قطر لم يكن متسرعًا، مشيرا إلى أن إدارة الرئيس السابق "دونالد ترامب" كانت تفكر في الخطوة ذاتها، استنادا إلى سنوات عديدة من التعاون الوثيق بين واشنطن والدوحة عبر عدة ملفات، برزت 3 منها خلال الآونة الأخيرة.

ملف أفغانستان

فمنذ عهد الرئيس الأمريكي "باراك أوباما"، كانت قطر قناة مفيدة بين كابل والغرب، وبعد ما يقرب من 6 أشهر من سيطرة "طالبان" على أفغانستان، زادت أهمية علاقات واشنطن الوثيقة بالدوحة.

وهنا يشير "كافيرو" إلى أن قطر ساعدت، العام الماضي، في جهود الإجلاء الأمريكية من أفغانستان، حيث غادر عشرات الآلاف من الأفغان بلادهم عبر الدوحة في أعقاب سيطرة طالبان مجددة على السلطة في بلادهم.

وبناءً على موقعها كوسيط، بدأت الدوحة، بحلول أغسطس/آب 2021، في لعب دور خاص في أفغانستان نيابة عن واشنطن، وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلن وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن" أن قطر ستصبح رسميًا الممثل الدبلوماسي للولايات المتحدة في أفغانستان من خلال قسم المصالح الأمريكية بالسفارة القطرية في كابل.

طاقة أوروبا

ويعد مستقبل الطاقة في أوروبا هو الملف الثاني على طاولة العلاقات الأمريكية القطرية، بعدما أثارت الأزمة في أوكرانيا مخاوف كبيرة بالدول الغربية من انقطاع إمدادات الغاز الروسية حال اندلاع حرب، أو في حال فرض عقوبات جديدة على موسكو، ولذا أولت اهتماما خاصا بقطر.

ونتيجة لذلك، تناقش واشنطن والدوحة عمليات تحويل محتملة لصادرات الغاز القطرية بعيدًا عن العملاء الآسيويين حتى يمكن تسليمها إلى أوروبا في ظل هذه الظروف.

وبغض النظر عن المدى الذي يمكن أن تكون فيه خطة الاعتماد على بديل قطري عملية، إلا أن استعداد الدوحة للرد الإيجابي على مطالبات الغرب يبرز أهمية الولايات المتحدة بالنسبة للدولة الخليجية، حسبما يرى "كافيرو"، منوها إلى أن دول الخليج العربية الأخرى "أكثر حيادًا من الناحية الجيوسياسية تجاه أوكرانيا ولا تريد إثارة غضب موسكو".

وأشار إلى أن "قطر هي العضو الوحيد في مجلس التعاون الخليجي الذي يقف إلى جانب الناتو في هذه المواجهة".

نووي إيران

أما ثالث ملفات التعاون الاستراتيجي بين قطر وأمريكا فيتمثل في برنامج إيران النووي، إذ تحاول الدوحة المساعدة في تضييق الخلافات بين شروط واشنطن وطهران لإحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015.

فللدوحة مصالحها الخاصة في إعادة صيغة الاتفاق بين مجموعة 5+1 وإيران، ما يساعد على تفسير سبب رغبة قطر في المساعدة بتحقيق مثل هذه النتيجة.

ويوضح "كافيرو" أن هذه المصالح تتمثل في تأمين صادرات الغاز القطرية، إذ لا بديل لقطر عن مضيق هرمز كمسار لها، وبالتالي فإن الدوحة لديها حوافز كبيرة للمساعدة في إنقاذ الاتفاق النووي كوسيلة لتقليل مخاطر الحرب أو انعدام الأمن الإقليمي في الخليج.

وفي هذا الإطار، يرى عديد الخبراء أن عمل قطر كـ"قناة خلفية للولايات المتحدة وإيران" يساعد في ضمان أمن الدوحة واستقرارها دون التضحية بحيادها.

وبسبب سياسة الدوحة الخارجية الخاصة وعلاقاتها القوية مع كل من واشنطن وطهران، فهي المرشح المثالي في هذا الصدد.

وهنا ينقل "كافيرو" عن مدير الأبحاث والتحليل في المركز العربي بواشنطن "عماد حرب" قوله إن "قطر تطبق المبادئ الأساسية للتحوط الاستراتيجي الذي تستخدمه الدول الصغيرة لضمان أمنها واستقرارها دون التضحية بحيادها، عبر العمل على تسوية الخلافات الأمريكية الإيرانية".

وكما في حالة أفغانستان، من مصلحة الولايات المتحدة أن يكون لديها خيار "القناة الخلفية" مع إيران عبر قطر، وهو الدور الذي سبق أن لعبته سلطنة عمان خلال الفترة التي سبقت توقيع الاتفاق النووي عام 2015.

وفي المقابل، تعتبر قطر، بالنسبة لإيران، وسيطا جيدا، ليس فقط لأنها تتمتع بعلاقات ممتازة مع الولايات المتحدة ولكن أيضًا لأن الدوحة شريك طهران في مخزون وإنتاج الغاز بالخليج.

ويشير "كافيرو"، في هذا الصدد، إلى أن إيران قدمت شريان الحياة لقطر خلال الحصار الذي فرضته عليها السعودية والبحرين والإمارات بين عامي 2017 و2021 ، وبالتالي فإن طهران لا تخشى من أن تلعب الدوحة "دورًا خبيثًا" في مستقبل الوساطة بينها وبين واشنطن.

الشرق الأوسط

وفي الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة تحولها الاستراتيجي الأكبر بعيدًا عن الشرق الأوسط، من المحتمل أن يتجه المسؤولون الأمريكيون أكثر إلى قطر للمساعدة في "توسيع نطاق النفوذ الدبلوماسي الأمريكي" إلى إيران وما بعدها.

فهناك إدراك في واشنطن بأن جميع دول مجلس التعاون الخليجي مهمة لسياسة الولايات المتحدة الخارجية في المنطقة، ومع ذلك لم يحصل الجميع على الوضع الخاص كحليف رئيسي من خارج الناتو.

لكن هذا لا يعني أن الأمريكيين لديهم خطط لمغادرة الشرق الأوسط بالكامل، وهو ما أوضحه الباحث "توبياس بورك"،  من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، مؤكدا: "هناك في الواقع استنتاج مفاده أن قاعدة العديد الجوية في قطر (تضم قوات أمريكية) ستظل مهمة للوضع العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط وما وراءه".

واعتبر "كافيرو" هذا الأمر بمثابة إقرار آخر بأهمية قطر لاستراتيجية الولايات المتحدة وموقفها في المستقبل، مشيرا إلى أن تصنيف الدولة الخليجية حليفا من خارج الناتو "هو علامة على المدى الذي قطعته الدوحة فيما يتعلق بإثبات أن علاقاتها مع واشنطن ذات قيمة فريدة للدول الغربية".

وترتبط هذه القيمة بعلاقات قطر مع حركات "حماس" و"طالبان" ومختلف فروع جماعة الإخوان المسلمين على مر السنين، بحسب الرئيس التنفيذي لمركز تحليلات الخليج في واشنطن، الذي اختتم تحليله قائلا: "أعتقد أن الولايات المتحدة، وشركاء أوروبيين آخرين، قد فهموا الآن قيمة وجود هذا البلد المحايد في وسط منطقة مزقتها الصراعات".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

قطر الناتو أمريكا تميم بن حمد آل ثاني

رسميا.. بايدن يعلن تصنيف قطر حليفا رئيسيا للولايات المتحدة من خارج الناتو

نصف قرن من تدشين علاقات البلدين.. أمريكا تعد بتحالف أكثر قوة مع قطر

قطر تبحث مع الناتو أمن الطاقة والغذاء وأزمة أفغانستان