من هم أعداء السودان؟

الاثنين 14 فبراير 2022 04:24 ص

 من هم أعداء السودان؟

يقول البرهان «إن الإسرائيليين ليسوا أعداء السودان» وترجمته أن الإسرائيليين هم أصدقاء العسكر ضد الاحتجاجات الشعبية المناهضة لهم.

يوثق البرهان التزام قادة السودانيين العسكر بأجندة إسرائيل الأمنية، ويؤكد أن دعم إسرائيل المعلوم للانقلاب، يتجاوز التعاون الأمني والاستخباراتي.

هل بات العسكر وإسرائيل متفقين على أن أعداء السودان هم السودانيون أنفسهم لأنهم لا يريدون أن يُحكموا بالأوامر العسكرية ويريدون حكما مدنيا وديمقراطيا.

يقول البرهان إنه «تحدث لقيادات في لجان المقاومة كثيرا جدا» في حين تتحدث الوقائع عن اعتقالات لم تتوقّف لتلك القيادات منذ الانقلاب وانطلاق الاحتجاجات ضده.

قال البرهان إنه يتفق مع لجان المقاومة بأن «المؤسسة العسكرية يجب أن تكون خارج الحكم» لكن لم يقل ماذا يفعل في الحكم إذا كان يصادق على رأي لجان المقاومة؟

*      *      *

قرر رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، أن الوقت مناسب لبث رسائل سياسية، فأعاد برنامجا تلفزيونيا تم إيقافه، واستدعى لقمان أحمد، رئيس «الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون» على قناة «السودان» ليقوم بحوار مبرمج معه أطلق فيه بعض التصريحات اللافتة، بعضها موجّه للعالم (وللولايات المتحدة الأمريكية بالتحديد) وبعضها موجّه للسودانيين.

حملت بعض الرسائل الموجّهة للسودانيين مبالغات فاقعة من قبيل حديث البرهان عن أنه «تحدث إلى قيادات في لجان المقاومة كثيرا جدا» في الوقت الذي تتحدث فيه الوقائع عن اعتقالات لم تتوقّف لتلك القيادات منذ الانقلاب وانطلاق الاحتجاجات المناهضة له.

إضافة إلى حديث البرهان «كثيرا جدا» لقيادات لجان المقاومة، فلم يحظ الأخيرون بمديح وصفهم فيه بـ«القوى الحقيقية» فقط بل إن الجنرال الذي لم يستطع تحمّل حكومة مدنية يقودها رئيس الوزراء المستقيل عبد الله الحمدوك، وعيّن وزراء يقودهم بنفسه، قال إنه يتفق مع لجان المقاومة بأن «المؤسسة العسكرية يجب أن تكون خارج الحكم».

لم يقل البرهان، مع ذلك، ماذا يفعل في الحكم إذا كان يصادق على رأي لجان المقاومة؟

إحدى الرسائل الأخرى كانت الحديث عن وضع موازنة، وهو حديث تجاهل طبعا علاقة الانقلاب بالاستعصاء السياسي الحاصل، فوصف الوضع الاقتصادي بأنه «متأزم» وتجاهل علاقة الانقلاب باستنكاف المنظومة الدولية ومؤسساتها النقدية عن تقديم الغطاء الماليّ للانقلاب، أو استئناف المساعدات الاقتصادية التي بدأت إثر تشكيل حكومة حمدوك الأولى، فقال إن «اعتماد الموازنة على الخارج خطأ».

المفارقة التي تحيط بفكرة أن «الاعتماد على الخارج خطأ» أن البرهان خصص جزءا من حواره المتلفز لجزء من ذلك «الخارج» وهو إسرائيل، فقال إن تل أبيب مكنت الأجهزة الأمنية السودانية من «ضبط خلايا إرهابية» في السودان.

مديح إسرائيل الواضح في الجملة الأخيرة يعني أن الدولة العبرية أعلم بأوضاع السودان الأمنية من أجهزة المخابرات السودانية نفسها، وعليه فهو هجاء غير مقصود لمنظومة الانقلاب الأمنية!

كما أنه يطابق عمليا بين تعريفات إسرائيل التي نعرفها حول «الإرهاب» وهو تعريف يعاني منه الفلسطينيون في أنحاء العالم، وتعريفات الجنرال البرهان.

يريد البرهان أن يدحض تهمة «التنسيق السياسي» لقادة العسكر مع إسرائيل، لكنه يؤكد، من جهة أخرى، على عكس المراد منه، فهو يوثّق التزام قادة السودانيين العسكر بأجندة إسرائيل الأمنية، ويؤكد أن دعم تل أبيب المعلوم للانقلاب، يتجاوز التعاون الأمني والاستخباراتي.

مصداق هذا التأكيد هو قول البرهان «إن الإسرائيليين ليسوا أعداء السودان» وترجمته أن الإسرائيليين هم أصدقاء العسكر ضد الاحتجاجات الشعبية المناهضة لهم، وأن العسكر وإسرائيل متفقان على أن أعداء السودان هم السودانيون أنفسهم، الذين لا يريدون أن يحكموا بالأوامر العسكرية ويريدون لبلدهم حكما مدنيا وديمقراطيا.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السودان،إسرائيل، العسكر، التعاون الأمني والاستخباراتي، الانقلاب، الاحتجاجات الشعبية، البرهان،

قتيلان برصاص الشرطة في مليونية حب الوطن بالسودان