انتقدوا الملك وحذروا من الفساد.. اعتقالات في الأردن وسط غضب حقوقي وشعبي

الأحد 20 فبراير 2022 05:43 ص

اعتقلت السلطات الأردنية على مدار الأيام الماضية، نحو 10 ناشطين سياسيين، ينتمون إلى قبيلة "بني حسن"، انتقدوا الملك والحكومة، وحذروا عبر منشورات على مواقع التواصل من الفساد بين قادة الأردن.

ونقلت عائلات معتقلين من "حراك بني حسن"، أن "الاعتقال جاء على خلفية آراء سياسية طرحها المعتقلون عبر شبكات التواصل الاجتماعي وخصوصا عبر تطبيق (كلوب هاوس)، بالتزامن مع الحراك السياسي الذي تشهده المملكة عبر شبكات التواصل، والذي أثاره المعارض المعروف ليث شبيلات بعد سلسلة فيديوهات انتقد فيها الأوضاع في البلاد".

وحسب المحامي "محمد المجالي"، فإن جميع المعتقلين من قبيلة "بني حسن" استجابوا لدعوات شخصية معارضة بارزة للضغط على الحكومة، بشأن الخصخصة والفساد المزعوم.

وقال "المجالي"، الذي يمثل بعض المعتقلين، إن "9 من المعتقلين اتهموا بنشر شائعات كاذبة بناء على معلومات على مواقع التواصل الاجتماعي".

وأضاف: "هذا انتهاك للدستور الأردني الذي يضمن حرية التعبير".

في وقت قال الناشط الحقوقي والنقابي "ميسرة ملص"، إن "الاعتقالات جاءت بحسب أقارب بعض المعتقلين على خلفية نشاط سابق تعليقات سابقة لهم، لكن الأمر تم بشكل جماعي بهذه القوة الأمنية ما يؤشر على أن هنالك خطوة لقطع الطريق على ما قام به شبيلات تحت وسم (فوضناك) لاستعادة أموال الأردنيين".

وتابع: "هي رسالة إلى الناشطين بأن الدولة والنظام جاهزان ولن يسمحا بأي حال في مثل هذه التحركات والتفاعل معها، خصوصا أن هؤلاء الشباب تفاعلوا عبر تطبيق (كلوب هاوس) بسقف مرتفع".

وحسب "ملص"؛ فإن "تحرك شبيلات جاء بعد أن أصبح الوضع غير مريح، عسر شديد وبطالة ضخمة وظروف اجتماعية قاسية، بالمقابل، هناك طبقة حاكمة تعيش برخاء، والشارع يريد التقاف أي محاولة جادة تصوب نحو المشكلة".

وظهر المعارض "ليث شبيلات"، في مقاطع فيديو، مطالبا الأردنيين بتفويضه إلكترونيا "لاستعادة أموالهم المنهوبة"، على حد قوله.

وتصدر وسم "فوضناك" و"ليث شبيلات يمثلني" شبكات التواصل في الأردن، في وقت سابق الأسبوع الماضي.

ووجد معارضون أردنيون في تطبيق "كلوب هاوس" فرصة للتفاعل مع دعوة "شبيلات"، وخلق حوارات بسقف مرتفع انتقاد سياسات البلاد رغم حظر السلطات الأردنية للتطبيق.

وعلى الأرض، تظاهر أبناء قبيلة "بني حسن"، في مدينة الزرقاء، حيث اتهموا المسؤولين الفاسدين بسرقة المساعدات والمنح الدولية، وسلطوا الضوء على ارتباط الأردن بفضيحة وثائق "باندورا"، وحملوا الملك "عبدالله الثاني" المسؤولية كاملة.

أما في مدينة السلط، فقد اجتمع عشرات المتظاهرين في ساحة العين، وهتفوا بأغانٍ مناهضة للنظام، منها أغنيةٌ يبدو أنها تشير للملك يقولون فيها: "بطلنا نحكي (يعيش)، ليش نموت وانت تعيش؟".

وكان من المتوقع إقامة مسيرة في حي الطفايلة بوسط عمَّان مساء الجمعة، إذ أصدر ممثلو الحي بياناً يقولون فيه إنهم "يرفضون إهدار موارد الوطن وسرقة ثرواته، بينما يتعرض الباحثون عن الحرية للاعتقال".

كما قالوا إن موضع الخلاف الأساسي بالنسبة لسكان الحي يكمن في الإصلاحات الدستورية الأخيرة التي وضعت سلطاتٍ أكبر في يد الملك.

ويُعَدُّ الانتقاد العلني للملك أمراً نادر الحدوث وربما خطيراً أحياناً في الأردن، لكن المتظاهرين حمَّلوه مسؤولية توجهات المملكة وأوجاعها.

من جانبه، قال الناشط من الطفايلة "معين الحراسيس"، إن اعتقال الناشطين في جميع أنحاء الأردن يمثل "رسالةً واضحة للجميع".

وأردف أن الاعتقالات تبدو بمثابة "تحركٍ وقائي لدرء أي حملةٍ في مهدها، وردع الآخرين باستعراضٍ ضخم لقوات الأمن التي نفذت عمليات الاعتقال".

وبدا الأردنيون متحمسين لأفكار "شبيلات" على تطبيق "كلوب هاوس"، وقد أعربوا منذ الاعتقالات أيضاً عن قلقهم الشديد على الحريات الشخصية، حيث تم حظر التطبيق في الأردن، لكن الناس يستخدمون الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN) لفتح التطبيق والتعبير عن مظالمهم.

وحملت إحدى الفعاليات على التطبيق الخميس عنوان: "تغطية فعاليات حراكات بني حسن والسلط.. الحرية لمعتقلي الرأي".

وقد كان التركيز منصباً في جميع الفعاليات على تحميل الملك "عبدالله"، المسؤولية عن تراجع الحريات الشخصية في الأردن، ونددوا بتحول الأردن إلى "دولةٍ بوليسية".

أما المحامي "جمال جيت"، عضو فريق الرصد والمتابعة والدعم القانوني في الملتقى الوطني للدفاع عن الحريات، زار هو ومحامون، المعتقلين الذين وزعتهم السلطات الأردنية على سجون بعيدة عن أماكن سكناهم.

وقال إن "هذا الاعتقال مختلف وملفت للانتباه.. عادة ما يكون الاعتقال بناء على وقفات أو مشاركة باعتصامات أو منشورات حديثة.. الملفت أن الاعتقالات والتهم قائمة على منشورات، ما يثير علامات سؤال حول التوقيت وعدد المعتقلين ومداهماتهم في منازلهم بهذه الطريقة".

وتابع: "التفسير برأيي هو لتشتيت الانتباه عن قضايا مطروحة بالشارع".

من جانبها، حاولت الحكومة الأردنية التقليل من شأن الاعتقالات، وصاغتها على أنها جرت في إطار اتباع الإجراءات بموجب القانون "دون أن يكون لها أي صفةٍ سياسية مطلقاً".

وقال مصدرٌ حكومي لوكالة أنباء "بترا" الأردنية (رسمية)، إنه جرى إلقاء القبض على 10 أشخاص في عدد من المحافظات، بناء على إجراءات قانونية محضة لا تتعلق بأي نشاط أو توجهات سياسية.

وأكد أن إلقاء القبض عليهم جاء بناء على طلبات قضائية متعلقة بتهم منها "إذاعة أنباء كاذبة من شأنها إثارة النعرات"، وأنه جرى تحويل الأشخاص المقبوض عليهم إلى المرجعيات القضائية المختصة وفقاً لأحكام القانون.

ونفى المصدر أن "يكون ذلك مرتبطا بأي شأن أو نشاط آخر بخلاف ذلك، مؤكدا أن الجميع تحت مظلة القانون، والقضاء النزيه هو صاحب الكلمة الفصل".

أما النائب في البرلمان الأردني "صالح العرموطي"، قال إن تلك الاعتقالات "رسالة لكل مواطن ولكل حر يقف مع قضايا الوطن ويسيء للدولة والنظام على حد سواء، هذا ممارسة إرهاب فكري، الملف الأمني ما زال هو المسيطر في الأردن".

وأضاف: "من المؤسف جدا رفع شعارات الإصلاح وتعديل التشريعات والدستور لحث الشباب على المشاركة السياسية في وقت يجري فيه قمع حرية التعبير المحصنة والمصانة".

وتابع: "لماذا لا يتم فتح حوار مع هؤلاء الشباب الذين يطالبون بمحاربة الفساد ومكافحة الفقر والبطالة التي وصلت إلى 50% في صفوف الشباب (..) مداهمة البيوت في المنازل ودب الرعب في قلوب الأطفال لا يجوز".

وتأتي الاعتقالات في صفوف الناشطين في وقت يعتصم فيه شباب متعطلون عن العمل في مدن أردنية (مأدبا، معان، الطفيلة) منذ أيام، مطالبين بفرص عمل محملين الحكومة مسؤولية فشلها في إدارة الملف الاقتصادي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اعتقالات الأردن انتقاد الملك الفساد

الأردن: تسريبات حسابات الملك في بنوك سويسرا "مضللة بهدف التشهير"