الإندبندنت: اعتقالات الأردن تستهدف حماية النظام لكن العكس سيحدث

الاثنين 5 أبريل 2021 07:13 م

لطالما كان الأردن يفتقر إلى الأحداث التي يمكن للصحفيين تغطيتها، إلى درجة دفعت الصحفيين الذين يغطون شؤون الشرق الأوسط لتسميتها "مملكة الملل الهاشمية"، لكن ذلك تغير خلال اليومين الماضيين.

ففي يوم السبت، قال الأمير "حمزة بن حسين"، ولي العهد السابق والأخ غير الشقيق للملك "عبدالله الثاني"، في مقطع فيديو إنه تحت الإقامة الجبرية واتهم قيادة البلاد بالفساد وعدم الكفاءة؛ فيما يمثل شقاقًا نادرًا ما يخرج للعلن، في العائلة المالكة.

ثم يوم الأحد، قال نائب رئيس الوزراء الأردني "أيمن الصفدي"، إن المملكة أحبطت "مؤامرة خبيثة" تورط فيها الأمير "حمزة"، الذي اتهمه بالاتصال بجهات أجنبية لزعزعة استقرار البلاد.

وقال "الصفدي": "كان من الواضح أنهم انتقلوا من التصميم والتخطيط إلى اتخاذ إجراءات"، وأضاف أنه هناك ما بين 14 إلى 16 آخرين أيضا قيد الاعتقال.

وتضم قائمة المعتقلين شخصيات بارزة مثل الشريف "حسن بن زيد"، وهو عضو في العائلة المالكة وشغل منصب مبعوث الأردن للسعودية، و"باسم إبراهيم عوض الله"، وهو رئيس سابق للديوان الملكي ومساعد مقرب من الملك "عبدالله"، وقال "الصفدي" إن هناك صلة بين هؤلاء جميعًا.

حصن للاستقرار سابقًا

كان الأردن يظهر غالبا كحصن للاستقرار في منطقة مضطربة، وقد نجح الملك "عبدالله" بذكاء في تجنب ثورة كاملة في عام 2011، في الوقت الذي اشتعلت فيه الانتفاضات في جميع أنحاء المنطقة. وقد فعل ذلك من خلال الدفع بإصلاحات دستورية وقانونية وإقالة مجلس الوزراء، واعدًا بخلق عشرات الآلاف من الوظائف في القطاع العام.

ومنذ ذلك الحين، سيطرت الدول المجاورة للأردن على العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام، بما في ذلك سوريا والعراق وإسرائيل والسعودية.

لكن الحقيقة بالطبع أكثر تعقيدا، فالأردن في خضم معاناة منذ فترة، وباعتباره واحدًا من أكثر الأماكن جفافا على الأرض، فإن مساحات كبيرة من البلد ليس لديها إمكانية الوصول إلى المياه بانتظام.

كما أن الاقتصاد الأردني متعثر، وقد تفاقم ذلك مع وباء "كورونا"، حيث فرضت الحكومة إغلاقات تعد ضمن الأقسى في العالم مما دمر الأعمال التجارية، بالرغم أن هذه الإجراءات لم تنجح في السيطرة على معدل الوفيات.

والشهر الماضي، اضطر وزير الصحة الأردني للاستقالة بعد أن توفي 6 أشخاص بسبب نقص الأكسجين في مستشفى حكومي يعالج المرضى المصابين بـ"كورونا"، فيما يعد علامة مرعبة على مدى سوء الوضع.

وبالرغم أن معدل البطالة الرسمي ما زال نحو 25%، إلا أن التقديرات غير الرسمية تشير إلى النسبة تصل إلى 40%، مما فاقم الشعور العام بالسخط، في الوقت الذي يشعر فيه النظام أنه مضغوط.

حملة قاسية

خلال الأسابيع والأشهر القليلة الماضية، كانت هناك حملات مكثفة ضد الناشطين والمتظاهرين والشباب من جميع الاتجاهات الأيديولوجية، كما جرى تفكيك نقابة المعلمين التي تعد أكبر هيئة منظمة في المملكة.

وفي الوقت نفسه، اعتقلت أجهزة الأمن الأردنية عشرات المعلمين، الذين كانوا يطالبون بالاعتراف بوعد قديم برفع الأجور.

وقال "تايلور لاك" الخبير والمحلل المقيم في الأردن، إن "قيادة البلاد حاولت إرسال رسالة مفادها أنه لن يسمح لأحد بإثارة الاضطرابات خلال هذه القترة الحساسة وأن استقرار الأردن خط أحمر مهما كانت القضية التي يطالب بها الناس".

لكن كل تلك الأحداث تتضاءل أمام تطورات الأيام الماضية، فالأمير "حمزة" له شعبية كبيرة لأسباب ليس أقلها تشابهه القوي بالملك الراحل "حسين"، والده الذي كان يشاع في البداية أنه يجهزه كخليفة له. ولكن، في الأسابيع الأخيرة من حياته، اختار الملك "حسين" ابنه الأكبر "عبدالله" لكي يكون الملك القادم، مما جعل الأمير "حمزة"، ابن الزوجة المفضلة للملك "حسين"، وليا للعهد.

أما الملك "عبدالله" فقد كان حذرًا دائمًا، وفي عام 2004 جرد الأمير "حمزة" من هذا المنصب وجعل ابنه هو ولي العهد.

سخط القبائل

وبالرغم من تخفيض رتبة الأمير "حمزة"، فإنه ما زال محبوبًا، لا سيما بين العديد من القبائل الأردنية القوية التي عقدت مجموعة من الاجتماعات مع الأمير في الفترة التي سبقت أحداث السبت.

وسيؤدي احتجاز الأمير "حمزة" في منزله تحت الإقامة الجبرية، إلى غضب هؤلاء المؤيدين، ويقول "لاك": "ما يجعل هذا الحدث مختلفًا هو أن الشخصيات المتهمة من النخبة، سواء كانوا قبليين أو اقتصاديين أو حتى من العائلة المالكة، وهذا يرعب النخبة الأردنية والليبراليين والشيوخ".

وحذر خبراء من عدم جدوى محاولة إخفاء الانتفاضة المحتملة داخل البلاد، معتبرين أن موجة الاعتقالات ستجعل الوضع أسوأ.

وقال "بيسما موماني" أستاذ السياسة في جامعة واترلو: "تستهدف هذه التحركات منع الأمير حمزة من الاستفادة من ضعف النظام. للأسف، سيكون لذلك تأثير معاكس، لقد اعتقلوا أميرًا أردنيًا محبوبًا، وهناك إحباط لدى الأردنيين، خاصة قبائل الضفة الشرقية".

وتعتبر قبيلة "مجالي" من بين أقوى قبائل الضفة الشرقية، وقد أطلقوا بيانًا غاضبًا بشأن اعتقال أعضاء القبيلة البارزين الذين يخدمون في مناصب بارزة في الحكومة الأردنية والجيش.

ووصفت القبيلة الأحداث بأنها "يوم أسود"، قائلة: "اقتحمت قوات الأمن المنازل بنفس الطريقة التي تهاجم بها رجال العصابات وتجار المخدرات".

وأضافت: "لم تكن هناك حاجة لهذا الإجراء"، مؤكدة أن "أولئك الذين أمروا بالاعتقالات ونفذوها سيحاسبون قانونيا وقبليًا".

ليس من الواضح ما سيحدث بعد ذلك، لكن هذا مؤشر صارخ عن مدى الاضطراب وعدم الاستقرار الذي تعيشه الأردن.

وبالنظر إلى دور الأردن في المنطقة، أصدرت الولايات المتحدة والسعودية والدول العربية في الشرق الأوسط بيانات قوية لصالح الملك "عبدالله"، ولكن هل سيكون ذلك كافيا لمنع المزيد من الاضطرابات؟.

المصدر | بيل ترو - الإندبندنت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الأردن الصفدي الأمير حمزة الملك عبدالله انقلاب الأردن عبدالله الثاني حمزة بن الحسين أيمن الصفدي

والدة الأمير حمزة: أدعو أن تنصف العدالة الضحايا الأبرياء لهذا البهتان

رسميا.. ملك الأردن يوكل عمه بحل الأزمة مع الأمير حمزة

الأردن.. الأمير حمزة يعلن رسميا ولاءه للملك عبدالله بعد أيام متوترة

حراك حمزة بن الحسين.. هل تقف الإمارات والسعودية وراء محاولة انقلاب في الأردن؟

وفد سعودي في الأردن للإفراج عن باسم عوض الله.. ماذا تخشى الرياض؟

انتقدوا الملك وحذروا من الفساد.. اعتقالات في الأردن وسط غضب حقوقي وشعبي