قطر والجزائر.. قمة عربية ثنائية بنكهة السياسة والغاز

الأحد 20 فبراير 2022 01:05 م

تحمل زيارة الرئيس الجزائري "عبدالمجيد تبون" إلى العاصمة القطرية الدوحة، الأسبوع الجاري، أهمية كبيرة، كونها تتزامن مع انعقاد القمة السادسة لرؤساء دول وحكومات منتدى الدول المصدرة للغاز، التي تستضيفها قطر.

وتأتي الزيارة بعد عام واحد، من زيارة في الشهر ذاته من العام الماضي، قام بها أمير قطر، الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني" إلى الجزائر، بهدف تعميق التعاون الثنائي بين البلدين على كافة الأصعدة، لا سيما على المستويين الاقتصادي والاستثماري.

وتعد الزيارة هي الأولى التي يقوم بها الرئيس الجزائري إلى دولة خليجية منذ وصوله إلى سدة الحكم في نهاية العام 2019.

وتسيطر على المباحثات المقرر إجراؤها، الأحد، ملفات عدة، يتصدرها التعاون الثنائي، والقمة العربية، والوضع في ليبيا وتونس، وتطورات سوق الغاز.

قمة الغاز

تشارك في قمة الغاز، التي تتواصل حتى الثلاثاء المقبل، 11 دولة عضو، هي قطر، والجزائر، وبوليفيا، ومصر، وغينيا الاستوائية، وإيران، وليبيا، ونيجيريا، وروسيا، وترينيداد وتوباجو، وفنزويلا.

ويجمع منتدى الدول المصدرة للغاز، الدول الأعضاء التي تملك أكثر من 70% من احتياطيات الغاز في العالم.

وتعتبر قطر والجزائر من أكبر منتجي ومصدري الغاز في العالم، ما يعني أن التنسيق بينهما سيمنح البلدان تحالفا قويا في سوق الطاقة، تزاداد أهميته عالميا مع المخاوف من توقف إمدادات الغاز من روسيا إلى أوروبا، على خلفية التوتر العسكري القائم مع أوكرانيا.

وتتمحور مباحثات قمة الغاز بحضور أمير قطر، ورئيس الجزائر، حول رفع مستوى التنسيق بين الدول الأعضاء، ووضع آلية تضمن تدفق الطاقة وقت الأزمات، إلى جانب التعاون في الأبحاث والاستكشاف والتنقيب.

ويسعى المنتدى إلى بناء آلية لحوار أكثر جدوى بين منتجي الغاز ومستهلكي الغاز؛ من أجل استقرار وأمن العرض والطلب في أسواق الغاز الطبيعي العالمية.

تعاون اقتصادي

ويعول الجانبان القطري والجزائري، على تعزيز التعاون بين البلدين، في المجال الاقتصادي، والوصول إلى شراكات وتحالفات تخدم اقتصاد الطرفين.

وتعتبر قطر من أكبر المستثمرين بالسوق الجزائري كونه سوقا واعدا، يعد بوابة أفريقيا، نظرا لموقعها الجغرافي الهام بين القارتين الأوروبية والإفريقية.

وتطمح الحكومة القطرية إلى زيادة استثماراتها في السوق الجزائرية، بعد نجاح مشروع "بلارة الجزائري القطري للصلب" بتكلفة ملياري دولار، وبطاقة إنتاجية تصل إلى 5 ملايين طن من الصلب.

وهناك مشروع مجموعة "أُوريدو" القطرية، الرائدة بقطاع الاتصالات، التي حققت نجاحا معتبرا في الجزائر، إضافة إلى استثمارات قطرية أخرى بمجالات الزراعة والسياحة والخدمات.

في المقابل، تأمل الجزائر زيادة عدد الشركات الجزائرية العاملة بالسوق القطري، خصوصا مع توفر العديد من الفرص الاستثمارية، لاسيما مع قرب استضافة الدوحة مونديال 2022.

وتخطط الجزائر لرفع نصيب العمالة الجزائرية في قطر، بمختلف قطاعات النشاط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، لاسيما النفط والغاز، والطيران.

ويقول رئيس غرفة التجارة والصناعة الجزائرية "الطيب شباب"، إن هناك رغبة في توسيع حجم الاستثمارات بين البلدين، خاصة في مجال البتروكيماويات.

ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الجزائري، الإثنين المقبل، رابطة رجال الأعمال القطريين، في لقاء يشارك فيه طيف واسع من رجال الأعمال والمستثمرين، لبحث قضايا الاستثمار في الجزائر، وتقديم صورة عن الامتيازات التي تقدمها الجزائر للمستثمرين الأجانب.

ووفق الخبير الاقتصادي الجزائري "مراد ملاح"، فإنه خلال آخر ثلاث سنوات بلغت الصادرات الجزائرية إلى قطر نحو 8.49 ملايين دولار، فيما بلغت الصادرات القطرية إلى الجزائر نحو 116.7 ملايين دولار، وهي أرقام لا تعكس أبدا مستوى العلاقات بين البلدين، بحسب "العربي الجديد".

تنسيق سياسي

إزاء الموقف الجزائري الرافض لحصار قطر، إبان الأزمة الخليجية منتصف العام 2017، بدا جليا أن العلاقات بين البلدين تتجه إلى مرحلة أكثر تعاونا وتنسيقا بشأن ملفات إقليمية عدة.

ويمكن القول إن قرار "تبون"، منتصف العام الماضي باعتماد قناة "الجزيرة" القطرية وفتح مكتب دائم لها في الجزائر، بعد أن كانت محظورة لعقدين من النشاط في البلاد، كان نافذة مهمة عززت التقارب بين البلدين.

وتفرض قضايا فلسطين والقمة العربية المقبلة التي تحتضنها الجزائر والنزاع الليبي نفسها على رأس أجندة الملفات التي سيتم التباحث حولها.

وتزداد أهمية التنسيق بين البلدين إزاء القضية الفلسطينية، بعد استقبال "تبون" نظيره الفلسطيني "محمود عباس"، في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، والتحضير لعقد مؤتمر جامع في بلده للفصائل الفلسطينية.

وبالنظر إلى نفوذ الدوحة لدى حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، فضلا عن استضافتها رئيس مكتبها السياسي "إسماعيل هنية"، فإن التنسيق معها يكتسب أهمية لإنجاح الحوار الوطني الفلسطيني الذي ترعاه الجزائر.

وتكتسب زيارة الرئيس الجزائري بعدا استثنائيا من حيث توقيتها؛ كونها تأتي قبل انعقاد القمة العربية التي ستستضيفها الجزائر، ورغبة الأخيرة في إنجاح القمة، ولم الشمل العربي، وحلحلة الموقف القطري الرافض لعودة رئيس النظام السوري "بشار الأسد" إلى مقعده في القمة.

وترى الدوحة التي شاركت في دعم المعارضة السورية المناهضة لحكم "الأسد" منذ العام 2012، أن الظروف التي أفضت لتعليق عضوية النظام السوري في جامعة الدول العربية لم تتغير، وأنه لا ينبغي مكافأة "الأسد" على هجماته المستمرة ضد شعبه.

وإلى جانب الملف السوري، هناك دور قطري مهم في ليبيا وتونس، وتوافق مع الجزائر حول ضرورة عودة الاستقرار للبلد العربي النفط، وإجراء الانتخابات الليبية، وخروج المرتزقة الأجانب، إضافة إلى عودة المسار الديمقراطي التونسي، الأمر الذي يمنح تنسيق الدوحة والجزائر بشأن ليبيا وتونس، أهمية أخرى لزيارة "تبون".

ومن المؤكد أن العلاقات التاريخية بين البلدين التي تحتفظ بذكرى رمزية مشتركة منذ ثورة التحرير، حينما قدم القطريون مساهمات مالية من أجل الثورة الجزائرية، تتجه لاستعادة بريق تلك العلاقات، تارة من بوابة الغاز، وتارة من بوابة السياسة والقضايا العربية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر الجزائر تميم بن حمد عبدالمجيد تبون العلاقات القطرية الجزائرية قمة الغاز ليبيا

شهدا توقيع اتفاقيات تعاون.. أمير قطر ورئيس الجزائر يبحثان ملفات إقليمية

قطر والجزائر تبحثان تعزيز التعاون بين جيشيهما (صور)