تعرف على أهمية دونيتسك ولوهانسك في الصراع الروسي الأوكراني

الاثنين 21 فبراير 2022 09:37 م

أثار إعلان الرئيس الروسي "فلادمير بوتين"، الاعتراف باستقلال دونيتسك ولوهانسك جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، التساؤلات حول الأهمية الاستراتيجية لتلك المناطق، ومدى تأثير الاعتراف الروسي على مسار الأزمة الجارية، لا سيّما في ضوء المخاوف المتصاعدة من اجتياح روسي وشيك للأراضي الأوكرانية.

وتخضع دونيتسك ولوهانسك منذ عام 2014 لسيطرة الانفصاليين الناطقين بالروسية، وذلك إبّان سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم وضمّها في مارس/آذار من العام ذاته.

وأعقب ذلك بدء أعمال شغب في حوض دونباس الشرقية؛ إذ شرعت مجموعة من الميليشيات بالاستيلاء على المباني الحكومية في جميع أنحاء دونيتسك ولوهانسك.

نوفوروسيا 

بدأت مؤشرات التوتر عقب الثورة التي شهدتها أوكرانيا في فبراير/شباط عام 2014، والتي تسبت بهروب الرئيس الأوكراني السابق، المدعوم من موسكو، "فيكتور يانوكوفيتش"، بعد أشهر من الاحتجاجات المدنية، وردت موسكو آنذاك بضم إقليم القرم إليها في مارس/آذار. 

نشبت بعدها النزاعات في شرقي أوكرانيا، حيث بدأت ميليشيات انفصالية، في أبريل/نيسان، بالسيطرة على المباني الحكومية في منطقتي دونيتسك ولوهانسك، وأعلنت تلك الجماعات استقلال المنطقتين، باسم جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوهانسك الشعبية، في مايو/أيار عام 2014.

وأطلقت الجماعات في كلتا المنطقتين مصطلح "Novorossiya" (روسيا الجديدة) على شرقي أوكرانيا، أو المنطقة المعروفة باسم "دونباس"، وهي التسمية التي كانت تعرف بها جنوب أوكرانيا خلال احتلال الإمبراطورية الروسية في القرن الثامن عشر، وفقا لما ذكرته مجلة "الإيكونوميست". 

وأدى النزاع منذ 2014، إلى مقتل قرابة 14 ألف شخص، وفقا لوكالة "فرانس برس". 

وتراجعت وتيرة القتال بشكل كبير منذ "اتفاقيات مينسك" في 2014 و2015، التي وافقت روسيا وأوكرانيا بموجبها على وقف لإطلاق النار وخريطة طريق نحو تسوية سياسية.

غير أنّ تلك العملية اصطدمت بطريق مسدود بات معه الطرفان يتبادلان الاتهامات بعدم الالتزام بالاتفاق.

وأعلنت الميليشيات الاستقلال عن أوكرانيا في مايو/أيار 2014، وذلك تحت اسم جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك، آمليْن معاً في أن يصبحا نوفوروسيا (روسيا الجديدة).

وعلى الرغم من محاولة القوات الأوكرانية استعادة الأراضي التي يسيطر عليها الانفصاليون في دونباس، فإنّ التعزيزات العسكرية الروسية التي تدفّقت عبر الحدود للانفصاليين، حالت دون ذلك، إلى أن وقّعت روسيا وأوكرانيا اتفاقيات مينسك للسلام برعاية أوروبية.

أهمية استراتيجية واقتصادية

كان الكرملين اتّخذ خطوات وإجراءات استثنائية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بشأن منطقتي دونيتسك ولوهانسك، فاعترفت موسكو بالشهادات حول منشأ البضائع الصادرة عن الأجهزة العاملة بالفعل في أراضي دونباس التي تشمل دونيتسك ولوهانسك، معلنةً عدم فرضها قيوداً متعلّقة بالاستيراد والتصدير فيها، والسماح بدخول البضائع منهما إلى أسواق روسيا بشروط متساوية مع السلع الروسية، بل وتعزيز كمياتها في سلسلة المتاجر الروسية.

ويعكس ذلك الأهمية الاقتصادية لمنطقة دونباس، حيث تفيد إحصاءات بأنها تضمّ احتياطيات من الفحم بنحو 60 مليار طن، وكانت تنتج ما يقارب من 75% من إجمالي الفحم المنتَج في أوكرانيا، كما كانت منتجات دونباس تستحوذ على 30% من إجمالي الصادرات الأوكرانية، وذلك قبل إعلان الانفصاليين الموالين لروسيا استقلالهم عن كييف.

وكان مرسوم صادر عن الكرملين عام 2018، منح سكان دونباس حق استخراج جوازات سفر ووثائق ميلاد ووفاة روسية، فيما أعلنت وزارة الداخلية الروسية في فبراير/شباط من العام الماضي، أكثر من 600 ألف شخص من دونباس جوازات سفر روسية.

حصان طروادة

وتشير مجلة "الإيكونوميست" إلى أن اتفاقيات "مينسك" قد تصبح "حصان طروادة" الذي تستغله موسكو للسيطرة على أوكرانيا، إما عن طريق زعزعة استقرار البلاد من الداخل أو من خلال التغييرات الدستورية التي من شأنها أن تمنح روسيا حق النقض على تحول أوكرانيا إلى الغرب، في إشارة إلى رغبة كييف في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو". 

وحظي الانفصاليون في دونباس، المنطقة التي تضم دونيتسك ولوهانسك، على دعم كبير من موسكو.

في حين تنفي روسيا أن لديها جنودا على الأرض هناك، لكن مسؤولين أمريكيين وحلف شمال الأطلسي وأوكرانيا يقولون إن الحكومة الروسية تزود الانفصاليين بالدعم الاستشاري والاستخبارات وتدمج ضباطها في صفوفهم.

كما وزعت موسكو مئات الآلاف من جوازات السفر الروسية على سكان منطقة دونباس في السنوات الأخيرة.

واتهم مسؤولون ومراقبون غربيون بوتين بمحاولة إثبات الحقائق على الأرض من خلال تجنيس الأوكرانيين كمواطنين روس، وهي طريقة فعلية للاعتراف بالدولتين الانفصاليتين، فيما يمنحه سببا للتدخل في أوكرانيا، وفقا لتقرير نقلته شبكة "سي أن أن" الأميركية.

واستعرضت صحيفة "نيويورك تايمز" المخاوف من أن تتحول هاتان المنطقتان إلى شعلة لكارثة كبرى، مشيرة إلى أن "الكارثة" قد تنجم "بشكل مدبر أو بصورة عرضية، يمكن أن تؤدي إلى عنف أوسع بكثير".

وتضرب الصحيفة مثالا بأن قذيفة طائشة قد تضرب مبنى سكنيا، أو قد يكون هناك هجوم إرهابي على اللاجئين الفارين، ومهما كان الوضع، سيتم إلقاء اللوم على أوكرانيا، وسيكون لروسيا ذريعة للغزو.

وكانت موسكو تراجعت في الماضي عن الاعتراف باستقلال "الجمهوريتين"، مفضلة بدلاً من ذلك ممارسة سيطرة غير مباشرة واستخدام الأراضي كوسيلة ضغط في نزاعاتها الأوسع مع أوكرانيا والغرب.

وتعتبر أوكرانيا أنّ التحرّكات الروسية في دونباس تهدف إلى جذب الأخيرة إلى مجالها السياسي والاقتصادي، وأن ذلك يتناقض مع التزامات روسيا المذكورة في اتفاق مينسك، وأنّه يزيد من حدّة التوتّر والعنف الدائر بين الانفصاليين والقوات الأوكرانية.

ويهدد الاعتراف الروسي باستقلال "الجمهوريتين" الانفصاليتين عن كييف، عملية السلام الهشة أصلاً في شرق أوكرانيا، في وقت تتزايد فيه المخاوف من اندلاع نزاع واسع النطاق بين موسكو وكييف.

وتصاعد التوتر بين دول الغرب وموسكو بشأن أوكرانيا في الأشهر القليلة الماضية، وذلك في أعقاب حشد روسيا عشرات آلاف العسكريين على حدود جارتها الموالية للغرب.

ولن تكون المرة الأولى التي تعترف فيها روسيا باستقلال مناطق انفصالية في دولة مجاورة.

فبعد هجوم بري خاطف على جورجيا المجاورة في 2008، اعترفت روسيا باستقلال جمهوريتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وأقامت فيهما قواعد عسكرية روسية دائمة.

نتائج الاعتراف

وذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أنه من المحتمل أن يؤدي الاعتراف إلى نتيجتين رئيسيتين: أولاً، انهيار اتفاقيات مينسك والآمال في حل دبلوماسي للصراع في شرق أوكرانيا.

ويوم الاثنين، أبلغ تيار من كبار المسؤولين "بوتين" أنهم يعتقدون أنه لا يوجد احتمال لتطبيق اتفاق السلام بالكامل، وهو أمر قالوا إنه لا يمنح موسكو أي خيار سوى اتخاذ إجراءات أخرى.

أما النتيجة الثانية، وفقا للصحيفة، تكمن في أن يعطي الكرملين مبررًا لإرسال قوات ومعدات عسكرية روسية إلى المناطق. ومن المرجح أن يزيد ذلك من خطر نشوب صراع كامل بين موسكو وكييف على طول خط المواجهة المشتعل أصلا.

من جانبها ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الاعتراف الروسي باستقلال المنطقتين قد يتيح للقادة الانفصاليين طلب المساعدة العسكرية من روسيا، مما يسهل الطريق أمام شن هجوم عسكري في باقي أرجاء الدولة، وفقا لما ذكره مسؤولون أوكرانيون، ومن المرجح أن تفسر أوكرانيا ذلك على أنه دخول القوات الروسية إلى أراضيها.

واتهام روسيا لأوكرانيا بالابتعاد عن الالتزام باتفاقيات "مينسك"، قابله نفي من كييف، وتمنح الاتفاقيات كلاً من دونيستك ولوهانسك "حالة خاصة"، ولم يتم تحديد مفهوم ذلك، كما لم يتضح إن كان لدى شعب دونباس أي قرار بشأن من سيحكمهم. 

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

روسيا أوكرانيا بوتين الناتو دونيتسك ولوهانسك

CBS: بوتين لم يعد مهتما بالتفاوض مع الغرب لحل الأزمة الأوكرانية

الأزمة الأوكرانية.. هل تتحول سوريا إلى ساحة لتصفية الحسابات بين روسيا وأمريكا؟