استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تسفي برئيل: هل تغير الموقف السعودي باتجاه إنقاذ الأسد؟

السبت 23 أغسطس 2014 12:08 م

تسفي برئيل، هآرتس

الأفق الذي تحدث عنه نتنياهو ليس مفاوضات سياسية بل حلف غير رسمي وتعاون مع الدول العربية.

"أخرج كل ما في جيوبك"،  أمر المسلح في حاجز الطرق الذي نصب في الضواحي الريفية لمدينة ادلب. الشاب السوري فادي اليوسف، طالب في جامعة حلب، تخلى عن المبلغ الذي يساوي 8 دولارات، والذي انتقل الى الحارس في الحاجز، رجل جبهة النصرة. ولكنه لا يشكو. "عمي دفع على هذا الحاجز 80 دولار قبل بضعة ايام"، روى لصحيفة "الاخبار" اللبنانية.

لقد أصبحت الدفعات للعبور على الحواجز منذ زمن بعيد واقعا اضطر المواطنون السوريون الى الاعتياد عليه. الكل يجبي المال في الحواجز. جنود الجيش السوري، ميليشيات الجيش السوري الحر، حواجز جبهة النصرة وكذا نشطاء الدولة الاسلامية. ويقول المواطنون ان الجنود هم الاكثر راحة: "فهم بشكل عام يفحصون اوراقك فقط، يسألونك لماذا لست مجندا، ويفحصون شهادة الاعفاء من الخدمة العسكرية اذا كانت لديك كهذه. أحد المواطنين أضاف بان الجنود يجبون المبالغ الادنى. المشكلة هي ان المواطن الذي يرغب في الوصول من دمشق الى ادلب سيضطر الى اجتياز عدة حواجز تعود لمنظمات مختلفة، ويجمل به ان يحمل ما يكفي من المال النقدي كي يصل بسلام الى مقصده.

في سوريا يحتاج المواطن الى عدة خرائط. واحدة كي يعرف من يسيطر اين في أرجاء الدولة، والثانية، مدينية أو لوائية، تريه أي ميليشيا تسيطر في أي حي أو قرية، والثالثة تبين الطرق الالتفافية واجتياز الحدود الى لبنان او الى تركيا. وتتغير الخرائط كل يوم. فمثلا في مدينة الحسكة الكردية في الشمال وصل مقاتلو الجيش السوري الحر الى اتفاق مع الميليشيات الكردية، بعد ايام طويلة من تبادل النار، على هدنة، والان يمكن الوصول الى المدينة دون أي خوف تقريبا.

في منطقة جبال القلمون المحاذية للبنان، يغير الجيش السوري مع قوات حزب الله مناطق السيطرة كل يوم. فمدينة طرطوس على شاطيء البحر لا تزال تعتبر آمنة نسبيا، وحتى توريد الكهرباء هو لساعات عديدة، مقابل منطقة دمشق حيث تورد الكهرباء على التوالي لساعتين، والعديد من المواطنين يسافرون الى الفنادق كي يتصلوا بالانترنت.

في عدة بلدات قرر المواطنون عقد تحالفات مع القوات السورية منعا للهجمات على بلدتهم، وفي اطار هذه "التحالفات" يطلبون من رجال الميليشيات مغادرة المكان. احيانا ينجح الامر واحيانا لا، وذلك لان المقاتلين يقتلون حتى رجالهم اذا تبين بانهم يشاركون في هذه التحالفات. واصبحت الاتفاقات المحلية طريقة حكم بديلة بينما يواصل الجيش السوري ببطء، قرية إثر قرية في محاولة لخلق تواصل في السيطرة.

كما تدير الميليشيات "علاقات خارجية" مع دول اخرى، وليس فقط لتجنيد المال. فجبهة النصرة والدولة الاسلامية خصمها تدير اتصالات على تحرير جنود لبنانيين اسروا في المعركة الشديدة في مدينة عرسال في لبنان قبل نحو اسبوع. وتطلب الجبهة تحرير اثنين من رجالها المحبوسين في لبنان مقابل كل جندي. اما الدولة الاسلامية فتطلب 10 مقابل كل جندي.

وتشرك هذه المفاوضات قطر وتركيا اللتين تحاولان اقناع الجبهة في الوصول الى تسوية تحرير، بينما لا توجد أي علاقة مع الدولة الاسلامية. قطر وتركيا، اللتان مولتا جبهة النصرة في بداية طريقها، قبل أن تنضم الى القاعدة، كفيلتان أيضا بمساعدة الاف اللاجئين السوريين الذين لا يمكنهم الوصول الى لبنان. وحسب تقارير في لبنان، فان تركيا ستستوعب 25 ألف لاجيء آخر رغم أنها أعلنت بانها لن تسمح بدخول مزيد من اللاجئين.

بعد اكثر من ثلاث سنوات من القتال ومقتل اكثر من 170 الف نسمة، بدأ الاسد يشعر بالتغيير ليس فقط في الساحة السورية، بل وايضا في الاجواء الدولية. فالرئيس اوباما الذي وصف هذا الاسبوع تصفية مخزون السلاح الكيميائي في سوريا كانجاز هام، اضاف: "نحن نضغط على نظام الاسد كي يضع حدا للفظائع التي يواصل ارتكابها ضد السوريين".

هذه صياغة مشوقة وذلك لانه يغيب عنها طلب اسقاط النظام. كما أن وزير الخارجية جون كيري، الذي كانت تصريحاته أكثر شدة أوضح قائلا: "سنواصل توفير المساعدة السياسية، المالية وغيرها لمساعدة المعارضة المعتدلة وذلك لاننا ملتزمون بمساعدة اولئك الذين يسعون الى تحقيق حق السوريين في اختيار مستقبل السلام ويعارضون المتطرفين العنيفين". وتعهدت الولايات المتحدة بتقديم سلاح نوعي لميليشيات الجيش الحر، ولكن الوعود بقيت في معظمها على الورق. وبالاساس لانه لم يكتب بعد القاموس الذي يعرف من هي وما هي "المعارضة المعتدلة". 

الانعطافة الاستراتيجية هي ان الان باتت الولايات المتحدة والدول الاوروبية قلقة اكثر من انتشار الدولة الاسلامية مما هي قلقة من استمرار حكم الاسد. والادق هو أن الاسد بات يعتبر كأساس حيوي في الحرب ضد المنظمة. وهذا التغيير في الفهم هو أيضا موضوع المباحثات التي تجرى في الاسابيع الاخيرة بين السعودية، روسيا، مصر، الولايات المتحدة واسرائيل.

في بداية حزيران زار روسيا سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي. بعد ثلاثة اسابيع من ذلك وصل سيرجيه لافروف، وزير الخارجية الروسي الى السعودية. ليس الكثير معروفا عن هذه اللقاءات، ولكن القليل الذي خرج يروي أن السعودية وافقت لاول مرة على الاصلاح في سوريا والذي يتضمن استمرار حكم الاسد. واذا كان التقرير صحيحا، فهذا تغيير استراتيجي للسياسة السعودية تجاه الاسد منذ بداية الثورة في سوريا.

وولد التقرير تفسيرات مثيرة بموجبها توافق الرياض على بقاء الاسد شريطة أن يعين في لبنان الرئيس سعد الحريري، عميلها، أو عضو من حزبه، وان كان المنصب محفوظ حسب اتفاق الطائف في 1989 لمسيحي. وهكذا فان السعودية كفيلة بان تحقق عصفورين بحجر واحد. رئيس لبناني مؤيد لها وخروج محترم من ساحة الثورة السورية التي لا تؤدي الى اي مكان.

السعودية ليست وحيدة في هذا السيناريو. فالرئيس المصري عبدالفتاح السياسي تناول هو ايضا الموضوع السوري عندما التقى الاسبوع الماضي بوتين في مدينة سوشي الاستجمامية. وكان السيسي وصل الى روسيا بعد يومين من زيارته السعودية ولقائه الملك عبدالله. وفضلا عن الاتفاقات التجارية التي وقعت والتي بموجبها ستقوم منطقة تجارة روسية في مسار موازٍ لقناة السويس، دشنه السيسي هذا الشهر، بحث الرجلان ايضا في "التهديدات الاقليمية": الازمة في سوريا، تقدم الدولة الاسلامية والحرب في غزة.

السيسي هو من قادة الدول العربية القلائل الذي لم ينتقد الاسد او يطلب اسقاطه. والاسد من جهته لم ينتقد السياسة المصرية تجاه حماس، بينما ايران كانت من المؤيدين الاوائل للاقتراح المصري الاول لوقف النار مع اسرائيل قبل أكثر من شهر. ومع أن ليس للسيسي سياسة واضحة بالنسبة للحل في سوريا، ولكن اذا كانت السعودية غيرت الاتجاه بالفعل، فيمكن أن نتوقع من السيسي أن ينضم الى المؤيدين لبقاء الاسد.

غير أن هذه ليست بشائر طيبة للمعارضة السورية، التي يبدو سندها الامريكي ايضا معلقا بشعرة. فهذا المحور السياسي الجديد، موجه ليس فقط لانقاذ الاسد بل وايضا لتعطيل دور قطر في الساحة السورية، حيث يوجد لها تأثير كثير على نشاط الميليشيات الاسلامية.

على هذه الخلفية قد يكون ممكنا فهم تصريحات نتنياهو اول أمس حين تحدث عن "افق سياسي جديد". يبدو أنه لم يقصد مسيرة سياسية مع الفلسطينيين، بل حلف غير رسمي مع دول عربية قلقة من الدولة الاسلامية وترى في الاسد شريكا محتملا لادارة المعركة ضد المنظمة. ان التصريحات الشديدة للزعماء العرب ضد حماس، التعاون السياسي والعسكري مع مصر، المسار الاستراتيجي الجديد الذي تعرضه السعودية، التهديد على الاردن والخوف الاسرائيلي من سيطرة الميليشيات على سوريا كفيلة، في نظر نتنياهو ان تخلق البنية للتعاون الاقليمي.

  كلمات مفتاحية

السعودية والإمارات وتركيا يتحدون لإسقاط «الأسد» رغما عن واشنطن