عمر حماد لا يزال حيا.. تغريدة أم مصرية تحيي أملا انقطع منذ 9 سنوات

الثلاثاء 8 مارس 2022 12:19 م

ليست "بدارا" بـ"يعقوب"، وليس ابنها الشاب "عمر" "يوسف" الصديق، ولكن الحزن على الفقيدين كان واحدا، وسنوات التيه والإخفاء القسري تشابهت، والدم الكذب على قميص نبي الله، تماثل مع أنباء لم تعرف طريقا إلى قلب السيدة المصرية عن وفاة نجلها، واشتركت مصر في القصتين.

وكما ظل سيدنا "يعقوب" منتظرا ريح النبي "يوسف" مفندا كل الروايات عن أكل الذئب له، تمسكت السيدة المصرية "بدارا سيد" بأمل سماع أنباء وجود نجلها طالب الهندسة "عمر حماد" على قيد الحياة، وظلت تسعى هنا وهناك حتى ألقيت البشرى على وجهها فارتدت إليها حياتها، بعد 9 سنوات من الحزن.

"بدارا" هي أم الشاب "عمر حماد" الذي فقد في فض اعتصام رابعة العدوية 14 أغسطس/آب 2013 المؤيد للرئيس الراحل "محمد مرسي"، ولم يتم العثور على دليل مادي يفيد بمقتله ضمن أكثر من ألفين شاب قتلوا في تلك المجزرة.

لكن التقارير التي تحدثت عن قيام السلطات التي قادها فعليا "عبدالفتاح السيسي" وزير الدفاع آنذاك، بدفن العديد من الجثث بمقابر جماعية، جعلت بعض ذويه يتوقعون أن يكون "عمر" بين تلك الجثث، لا سيما بعد النتائج المخيبة للآمال للبحث المكثف عنه طيلة سنوات دون العثور عليه حيا أو ميتا.

لكن مع شروق شمس السابع من مارس/آذار الجاري، أي بعد أكثر من 8 سنوات من الاختفاء جاءت البشرى للسيدة "بدارا".

وكتبت "بدارا" على صفحتها بـ"فيسبوك": "ابنى عمر عايش، الحمد لله حمدا كثيرا طيبا، ربنا يطمن قلبي عليك ويردك إلي سالما غانما معافا ياااارب"، قبل أن تقوم بحذف التغريدة، دون معرفة السبب على الفور.

وإذا كان سيدنا "يوسف" قد انتهت قصته بخروجه من السجن وتربعه على خزائن مصر، فإن مصير "حماد" ما زال مجهولا، وفي انتظار أن تكشف الأيام المقبلة عن هذا المصير. 

وأصيب "عمر حماد" بطلق ناري أثناء فض اعتصام رابعة العدوية، في الرابع عشر من أغسطس/آب 2013، وانقطعت أخباره منذ ذلك الحين حتى أمس الإثنين.

وتثير ظاهرة الاختفاء القسري واسعة النطاق في مصر، للمعتقلين من قبل وزارة الداخلية والأمن الوطني والمخابرات العسكرية، مخاوف كبرى بشأن تعرض المختفين للتعذيب ونزع الاعترافات بالقوة عن جرائم تصل عقوبتها إلى الإعدام.

و"عمر حماد" هو طالب بكلية الهندسة ومغني راب وحارس مرمى ناشئي نادي الزمالك الرياضي، وأحداث قصته قد تكون متكررة ومتشابهة حد التطابق مع المئات من قصص المختفين قسرياً في مصر، لكن المختلف أن هناك معلومة وحيدة، أولى وأخيرة عن مكان احتجازه، معلومة واحدة فقط أبقت أسرته على أمل اللقاء الذي يتجدد كل صباح.

و"حماد" من مواليد 7 يناير/كانون الثاني 1993، وبحسب شهادة أسرته وشهود عيان من أصدقائه، أنه أصيب بطلق ناري أثناء محاولته مساعدة المصابين في رابعة، إذ كان في طريقه إلى كليته في مدينة نصر، بالقرب من ميدان رابعة، وصادف الفض ووجد مصابين، فحاول المساعدة في إنقاذهم، فتلقى رصاصة في كتفه وتم القبض عليه في مدرعة تابعة للجيش، ومنذ ذلك التاريخ انقطعت كل أخباره.

وقالت أسرته إنها بحثت عنه في جميع الأماكن، وأجرت والدته تحليل DNA وكان سلبيا، وهو تحليل للحمض النووي، من خلاله يمكن الوصول إلى المادة الوراثية الموجودة في الإنسان والتي تميز كل شخص عن الآخر، وحاولت عديد الأسر من خلاله التعرف على ذويهم ضمن الجثث المجهولة لضحايا فض اعتصام رابعة.

وأضافت أسرته: "قمنا بعمل جميع البلاغات و التلغرافات اللازمة للجهات المعنية بالإضافة للوقفات أمام مجلس الوزراء ونقابة الصحفيين والمجلس القومي المصري لحقوق الإنسان، ولكن بدون جدوى، ورفعنا دعوى قضائية أمام القضاء الإداري بإلزام وزير الداخلية بالكشف عن مصير عمر، ولكن للأسف لم يتم أي شيء ونفت وزارة الداخلية علمها بمكانه".

وصل عدد المخفيين قسرياً في مصر، خلال السنوات الأخيرة، إلى 11224 حالة تشمل كافة الأعمار في المجتمع المصري، من ضمنها 3045 حالة إخفاء قسري في عام 2020 فقط، من بينهم 39 سیدة وفتاة، فضلاً عن قتل 59 مخفياً قسراً خارج نطاق القانون من قبل الدولة، بعد ادعاء تبادل إطلاق نار، وإعلان مقتلهم رغم توثیق اختفائهم السابق عن هذا الإعلان، طبقاً لآخر حصر صادر عن مركز الشهاب لحقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني مصرية) عن جريمتي الاختفاء القسري والانتهاكات في مقار الاحتجاز، في نهاية عام 2020.

كما وثقت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقريرها الصادر مطلع عام 2021، بشأن انتهاكات الشرطة وقوات الأمن، أن قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية و"جهاز الأمن الوطني" أخفوا معارضين قسراً وتم اعتقالهم تعسفاً وتعذيبهم، ومن بينهم أطفال.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي فض رابعة رابعة العدوية

استمرار إخفاء باحث مصري قسريا