زيارة جونسون للسعودية والإمارات.. النفط قبل حقوق الإنسان

الأربعاء 16 مارس 2022 10:13 ص

ترقب خليجي ودولي للزيارة التي يقوم بها رئيس الوزراء البريطاني "بوريس جونسون"، الأربعاء، للإمارات والسعودية، على وقع استمرار العمليات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا.

ومن المقرر أن يلتقي "جونسون" في الإمارات، ولي عهد أبوظبي الشيخ "محمد بن زايد آل نهيان"، ثم سيجري محادثات مع ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" في العاصمة السعودية الرياض.

وتعلق الولايات المتحدة ودول أوروبا آمالا كبيرة على هذه الزيارة، في حلحلة الموقف السعودي والإماراتي الرافض للانضمام إلى التحالف ضد روسيا وزيادة الإنتاج النفطي لبلديهما.

النفط أولا

ملف النفط يفرض نفسه بقوة على أجندة زيارة "جونسون"، بعد تحقيقه أرقاما قياسية تجاوزت حاجز الـ130 دولارا للبرميل، قبل أن تتراجع أكثر من 6% إلى أدنى مستوياتها في 3 أسابيع تقريبا، للمرة الأولى منذ الحرب الأوكرانية، مسجلة 99.91 دولار للبرميل.

ويسعى "جونسون" جاهدا لإقناع "بن سلمان" و"بن زايد" بالتدخل سريعا لتهدئة أسواق الطاقة العالمية بعد غزو أوكرانيا، ومساعدة الغرب على خفض اعتماده على المحروقات الروسية.

وتقدم روسيا  لبريطانيا 8% من احتياجاتها النفطية و4% من الغاز الطبيعي، وتخشى لندن أن تكون عرضة للابتزاز من قبل "بوتين" حال توقف إمدادات الطاقة الروسية.

وتشكل الإمدادات الروسية حوالى 40% من حاجة الغاز الأوروبية، فيما يتجه نحو 2.3 مليون برميل من الخام الروسي غربا كل يوم عبر شبكة من خطوط الأنابيب.

ويؤثر تقلب أسعار الطاقة والغذاء جراء الحرب الروسية الأوكرانية، على الشركات والمستهلكين البريطانيين والأوروبيين، الذين يواجهون أساسا ارتفاعا في تكاليف المعيشة.

ووفق بيان صادر عن "جونسون"، فإنه يريد بناء "تحالف دولي" لمواجهة تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، مشددا على أن "العالم يجب أن يُفطم عن النفط والغاز الروسي" لحرمان الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" من عائدات النفط والغاز.

وفي مغازلة صريحة للرياض وأبوظبي، وصف رئيس الوزراء المحافظ، السعودية والإمارات، بأنهما شريكان دوليان رئيسيان في هذا الجهد.

مهمة صعبة

لا شك أن ملف النفط، سيغيب إلى الوراء ملفات العلاقات الثنائية، والاستثمارات المشتركة، وحرب اليمن، وحقوق الإنسان، والإعدامات الأخيرة في السعودية، التي طالت 81 شخصا.

ويواجه "جونسون" انتقادات حادة في بريطانيا لزيارته الرياض بعد أيام من أكبر عملية إعدام جماعي في تاريخ السعودية، وفق منظمات حقوقية دولية.

لكن صوت النفط، ولهيب أسعاره، يعلو فوق كل شيء، في وقت تحاول فيه الدول الغربية الحصول على مزيد من وارادت الطاقة وتخفيف اعتمادها على الغاز والنفط الروسي وإبطاء ارتفاع أسعارهما نتيجة العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو.

ووفق المحرر الدبلوماسي بصحيفة "الجارديان" البريطانية، "باتريك وينتور"، فإن  رئيس الوزراء البريطاني سيواجه مصاعب كبيرة في إقناع السعوديين والإماراتيين بزيادة معدلات إنتاج النفط.

وتشعر الإمارات بامتعاض إزاء الموقف البريطاني تجاه تعرض أبوظبي لهجمات حوثية بصواريخ وطائرات مسيرة، يناير/كانون الثاني الماضي، ما تسبب في سقوط قتلى ووقوع خسائر مادية.

ولم تكن بريطانيا من بين الدول التي أرسلت رسائل تعاطف للإمارات، مقارنة بدول أخرى، وهو ما عبر عنه مصدر إماراتي، قائلا: "خطوة كهذه لم تكن مهمة ولكنها لوحظت. وفي بعض الأحيان تهم الرسائل البسيطة والسهلة. وتعني أنك لا تتصل إلا عندما تريد شيئا".

وترفض السعودية (ثالث أكبر موردي الديزل إلى بريطانيا)، ضخ المزيد من النفط، وتقول إنها ملتزمة باتفاق تحالف "أوبك+" حول كميات انتاج النفط والذي تقوده إلى جانب روسيا، ويقضي بزيادة طفيفة في الانتاج بواقع 400 ألف برميل يوميا، خلال مارس/آذار الجاري.

محاور أفضل

على الرغم من صعوبة المهمة، فإنه ينظر إلى "جونسون" كمحاور أفضل خاصة في ظل توتر العلاقات بين "بن سلمان" والرئيس الأمريكي "جو بايدن" الذي يرفض التحدث إلى ولي العهد السعودي، ونفى عبر البيت الأبيض، قبل أيام، نيته زيارة المملكة.

ويبدو "جونسون" هو الأفضل لإقناع السعوديين والإماراتيين من أجل رفع معدلات إنتاج النفط، وهو ثاني زعيم غربي يزور السعودية للقاء ولي العهد، منذ مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" في قنصلية المملكة بإسطنبول عام 2018، بعد زيارة الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ومن المفارقة أن "جونسون" ينظر إليه على أنه يتقرب من الديكتاتوريين، ولديه ميل لوضع صفقات الأسلحة فوق مظاهر القلق من انتهاكات حقوق الإنسان، وفق تعبير "الجارديان".

وعلى الرغم من أن "جونسون" ، وفق بيانه "سيتطرق إلى المخاوف بشأن حقوق الإنسان وعمليات الإعدام"، فإن موقفه لن يكون متشددا إزاء ذلك،  خشية إثارة غضب "بن سلمان"، وبالتالي الإبقاء على أزمة أسعار النفط المرتفعة، والتي قد تطول حال استمرار الحرب.

في المقابل يريد "بن سلمان" نيل مكاسب على وقع الحرب الروسية الأوكرانية، تتعلق بالقبول به كوريث للعرش، وإنهاء العزلة الدولية المفروضة عليه، وإغلاق ملف "خاشقجي"، ودعم قدرات المملكة العسكرية لمواجهة الخطرين الحوثي والإيراني.

ويرى الكاتب البريطاني "سايمون جينكنز"، أن "جونسون" سيقوم بدفعة إنسانية لمناشدة ولي العهد السعودي لتخفيض أسعار النفط، متسائلا في "الجارديان": "ماذا سيقدم له؟ هل سيكون غض النظر عن قتل الصحفي جمال خاشقجي، التدمير المستمر لليمنيين، أم إعدام 81 رجلا بعضهم سجناء سياسيون؟".

خلاف ثنائي

يقول المحلل في شركة "فيريسك مابلكروفت"(متخصصة في استشارات المخاطر)، "توربيورن سولتفيت"،  لوكالة "فرانس برس"، إن الإمارات قد تكون أكثر استعدادا من الرياض لزيادة شحنات النفط.

وقبل أيام، أكد سفير الإمارات لدى واشنطن "يوسف العتيبة"، أن بلاده تفضل زيادة إنتاج النفط، وستشجع "أوبك" على النظر في مستويات إنتاج أعلى، وهو موقف جاء بعد يوم من مكالمة هاتفية بين وزيري الخارجية الأمريكي ونظيره الإماراتي، ونال إشادة أمريكية واسعة.

لكن الموقف الإماراتي أثار غضب الرياض، وهو ما عبر عنه مسؤول سعودي في تصريحات لصحيفة "وول ستريت جورنال"، أكد فيها أن تغير موقف الإمارات إزاء حجم إنتاج النفط، لم يكن بتنسيق مع السعودية أو منظمة "أوبك"، الأمر الذي يعني أن خلافا ثنائيا بين المسؤولين الإماراتيين والسعوديين قد يصيب زيارة "جونسون" للبلدين بالفشل.

كذلك ليس من السهل، أن تخاطر السعودية والإمارات بإنهاء شراكة "أوبك+"، وبإلحاق ضرر بعلاقتهما مع روسيا في حال قررتا ضخ المزيد من النفط في الأسواق، وفق "بلومبرج".

وترجح "ذا هيل" الأمريكية، أن تكون هناك زيارة للمملكة من قبل مسؤول أمريكي رفيع المستوى للهدف ذاته، خاصة أن واشنطن تحتاج إلى الرياض أكبر منتج للخام في العالم أكثر من أي وقت مضى من أجل المساعدة في الضغط على روسيا.

مهمة "جونسون" صعبة، والزيارة محفوفة بالفشل، في ظل تراجع كبير في منحى الثقة بين الطرفين الخليجي والغربي، والأول من المؤكد أنه سيطالب بثمن سخي، مقابل ضخ المزيد من النفط، أو على الأقل تأمين إمدادات إضافية لبريطانيا فقط، وربما الولايات المتحدة، كحل وسط، دون إغضاب الدب الروسي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية الإمارات زيارة جونسون رئيس الوزراء البريطاني النفط أوبك خاشقجي حقوق الإنسان بن سلمان بن زايد

بن سلمان: لا أهتم إذا كان بايدن يسيء فهمي.. ولا نقبل الضغوط

هل تستطيع روسيا تنفيذ تهديدها وتغلق صنابير الغاز عن أوروبا؟

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يصل إلى الرياض

جونسون: اتفقت مع بن سلمان على التعاون للحفاظ على استقرار سوق الطاقة

مصادر أمريكية: بلينكن ألغى زيارته التي كانت مخططة للسعودية والإمارات

الإمارات تستبعد تعويض النفط الروسي وترفض تسييس أوبك+

وزير الطاقة الإماراتي: منتجو النفط يعاملون الآن كأبطال خارقين

القمع متواصل.. رايتس ووتش تنتقد توسيع الإمارات قدراتها في مجال المراقبة