هل تكون تركيا بوابة أوروبا لتقليل الاعتماد عن الغاز الروسي؟

السبت 19 مارس 2022 02:24 م

دفع حشد القوات الروسية على حدود أوكرانيا والغزو اللاحق القادة الأوروبيين إلى الإسراع لإيجاد مصادر جديدة للغاز الطبيعي لتحل محل جزء كبير على الأقل من 155 مليار متر مكعب من الغاز يستوردها الاتحاد الأوروبي من روسيا وهو ما يمثل 40% من إجمالي الاستهلاك.

لكن تأمين إمدادات بديلة لن يكون سهلا أو سريعا. والحقيقة البسيطة هي أنه لا يوجد "طريقة سحرية" يمكن للاتحاد الأوروبي اتباعها. وحتى الآن، يتركز اهتمام بروكسل على تركيا كطريق عبور محتمل لكميات متزايدة من الغاز من أذربيجان وإسرائيل التي لديها كميات ضخمة غير مستغلة من الغاز.

وفي 4 فبراير/شباط، كشفت مفوضة الاتحاد الأوروبي للطاقة "كادري سيمسون" عن اتفاق مع باكو لتوسيع الشراكة في قطاع الغاز. من جانبه، أكد وزير الطاقة الأذربيجاني "بارفيز شاهبازوف" في 12 مارس/آذار أن احتياطيات بلاده من الغاز البالغة 2.6 تريليونات متر مكعب "كافية لأذربيجان وللجيران والدول الأوروبية".

في غضون ذلك، جاءت زيارة الرئيس الإسرائيلي "إسحاق هرتسوج" إلى أنقرة في 9 مارس/آذار في أعقاب تكهنات كبيرة بشأن اتفاق محتمل لنقل الغاز من حقل "ليفياثان" الإسرائيلي. ولكن حتى لو اتفق البلدان، فإن تحقيق أحجام صادرات كبيرة سيستغرق وقتا واستثمارات كبيرة.

وقال "جون روبرتس" خبير الطاقة والزميل البارز في المجلس الأطلسي: "تستغرق المشاريع الكبيرة وقتا، فقد استغرق إدخال حقل غاز شاه دنيز الأذربيجاني إلى العمل 6 أعوام بعد التوصل إلى الاتفاقات السياسية والتجارية اللازمة".

ووفقا لشركة النفط الحكومية الأذربيجانية "سوكار"، من المقرر أن ترتفع صادرات الغاز إلى أوروبا على أي حال إلى 10 مليارات متر مكعب هذا العام، مع قرار متوقع بشأن مضاعفة طاقة خط أنابيب التصدير الوحيد المتاح إلى 20 مليار متر مكعب سنويا. ولكن ذلك يمثل جزءا يسيرا من واردات أوروبا من روسيا.

وتمتلك أذربيجان حقول غاز أخرى، ولكن حقل "أبشيرون" الذي طورته شركة "توتال الفرنسية"، هو المتاح حاليا لبدء الإنتاج بنحو 1.5 مليار متر مكعب سنويا، معظمها مخصص لتلبية الطلب المتزايد على الغاز في أذربيجان.

وتوجد خطط لرفع الإنتاج من الحقل إلى 5 مليارات متر مكعب في العام، ولكن كما هو الحال مع 3 حقول غاز أخرى في مرحلة الاستكشاف، فإن الأمر يتطلب استثمارات كبيرة لا يمكن أن تحدث إلا بعد أن يتم "بيع" الغاز أولا.

ولن تقوم البنوك التي تمول مشاريع البنية التحتية الكبرى بإقراض الأموال إلا عندما يكون من الواضح أن هذه المشاريع ستدر عائدات كافية لسداد القروض. كما حذر نائب وزير الطاقة الأذربيجاني "إلنور سلطانوف"، في 17 فبراير/شباط، من أنه "قبل مضاعفة إمدادات الغاز، يجب تحديد المشترين وتوقيع الاتفاقيات".

وتنطبق نفس الشروط على حقل غاز "ليفياثان" الإسرائيلي الذي يحتوي على احتياطيات تبلغ 620 مليار متر مكعب يمكن أن تزود أوروبا بما يتراوح بين 10 و12 مليار متر مكعب سنويا. ويعني ذلك أنه يجب إبرام الاتفاقيات التجارية قبل تطوير أي بنية تحتية. وهذا مع التعقيد السياسي الإضافي بشأن قبرص، التي يجب أن يمر أي خط أنابيب إلى تركيا عبر أراضيها، وهي المشكلة التي تسببت في انهيار مشروع سابق لنقل الغاز الإسرائيلي إلى تركيا.

ووفقا لـ"روبرتس"، فإن قضية قبرص ستجعل من الأسهل على إسرائيل (سياسيا وفنيا) نقل الغاز إلى مصر لتحويله إلى غاز طبيعي مسال وتصديره عن طريق السفن، ولكن ذلك قد يستغرق أعواما قبل أن يتحقق.

ويوجد موردون محتملون آخرون لديهم احتياطيات يمكن تطويرها وإتاحتها بسرعة أكبر وباستثمارات أقل من حالة أذربيجان وإسرائيل، ولكن كما هو الحال مع الغاز الإسرائيلي وقبرص، فإن عقبات التنمية سياسية بقدر ما هي تجارية.

وتمتلك تركمانستان رابع أكبر احتياطيات غاز في العالم، ويمكن من الناحية الفنية نقلها بسهولة عبر بحر قزوين إلى أذربيجان وإلى تركيا وأوروبا. ومع ذلك، فإن هذا الأمر يتطلب استثمارات ضخمة في تطوير حقول الغاز غير المطورة وإنشاء خطوط أنابيب لعبور الغاز.

ومع ذلك، يمكن تشغيل حقل واحد على الأقل وإضافته للسوق بسرعة أكبر. وتقوم شركة "ترانس كاسبيان ريسورسز"، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها ويرأسها السفير الأمريكي السابق في تركمانستان "آلان ماستارد" بالترويج لمشروع نقل الغاز الذي يتم حرقه وإهداره حاليا من حقل نفط "ماجتيموغلي" إلى أذربيجان للتصدير إلى أوروبا.

وقالت الشركة إن المشروع يمكن أن ينتج ما يصل إلى 12 مليار متر مكعب سنويا من الغاز، وسيتطلب فقط 77 كيلومترا من خطوط الأنابيب الجديدة في بحر قزوين، والتي ستعتمد بعد ذلك على أن تمضي أذربيجان قدما في توسيع خط أنابيب التصدير الحالي واتفاق الدولتين على العمل معا لتعزيز الصادرات، وهي خطوة ما تزال بعيدة المنال.

وهناك مصدر آخر محتمل وهو إقليم كردستان العراق شبه المستقل، الذي يُعتقد أن لديه احتياطيات تصل إلى 7 تريليونات متر مكعب من الغاز، والتي سيكون تصديرها برا عبر خط أنابيب إلى تركيا أرخص بكثير من حقول الغاز البحرية.

في عام 2013، وقد وقعت تركيا وحكومة كردستان عددا من الاتفاقيات تهدف إلى تطوير بعض احتياطيات الغاز في المنطقة للتصدير إلى تركيا وعبرها. وحصلت الشركة التركية "سيا قلم" على ترخيص لاستيراد الغاز. وفي عام 2018 أكملت شركة "بوتاس" التركية خط أنابيب إلى الحدود العراقية يمكنه نقل ما يصل إلى 16 مليار متر مكعب سنويا.

ومع ذلك أثبتت الأيام أن التقدم في هذا المشروع صعب بسبب رفض الحكومة المركزية في بغداد الاعتراف بعقود النفط والغاز التي وقعتها حكومة إقليم كردستان، ما أدى فعليا إلى عرقلة التمويل الدولي اللازم لتطوير الإنتاج. كما أدى الاستفتاء الذي عقدته حكومة كردستان للاستقلال عن العراق في عام 2017 إلى انهيار العلاقات مع أنقرة.

وفي الآونة الأخيرة، صدر حكم في 15 فبراير/شباط عن المحكمة الاتحادية العليا في العراق يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، ما أثار تساؤلات حول الاستثمارات المستقبلية في موارد الطاقة في الإقليم.

المصدر | ديفيد أوبرين - المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الغاز الروسي الاتحاد الأوروبي غزو أوكراينا الغزو الروسي تركيا الغاز الأذربيجاني الغاز الإسرائيلي تركمانستان حرب أوكرانيا

واشنطن وأوروبا تعملان على اتفاقية لتزويد القارة العجوز بالغاز الأمريكي

موسكو: أوروبا لن تستطيع تعويض الغاز الروسي

مباحثات تركية إسرائيلية حول الطاقة.. وزيارة مرتقبة لتل أبيب

تركيا: على العالم ألا يحرق جسور التواصل مع روسيا

روسيا: علاقتنا بتركيا ممتازة وأردوغان زعيم سياسي كبير وقوي