جولة بلينكن.. تهدئة لإسرائيل وضغوط على الإمارات والجزائر

الأحد 27 مارس 2022 09:11 ص

أجندة مكثفة بالزيارات والرسائل والأهداف، تفرض نفسها على جولة وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن"، التي تشمل الأراضي الفلسطينية المحتلة والمغرب والجزائر.

ومن المقرر أن يلتقي "بلينكن" رئيس الوزراء الإسرائيلي "نفتالي بينيت"، وولي عهد أبو ظبي "محمد بن زايد" في الرباط، على أن تختتم الجولة بلقاء الرئيس الجزائري "عبدالمجيد تبون".

وتأتي جولة وزير الخارجية الأمريكي خلال الفترة من 26 وحتى 30 مارس/آذار الجاري، في خضم أزمة عالمية محتدمة بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، وارتفاع أسعار النفط والغاز والقمح، والتوتر بين المغرب والجزائر، فضلا عن التوتر بين واشنطن وعواصم خليجية.

إيران أولا

يمكن التأكيد على أن الملف الإيراني يتصدر أجندة "بلينكن"، الذي يخصص يومان من جولته لتل أبيب والضفة الغربية، حيث سيلتقي إلى جانب "بينيت"، نظيره الإسرائيلي "يائير لابيد"، والرئيس الفلسطيني "محمود عباس".

وسيبحث الجانبان الأمريكي والإسرائيلي، ملفات عدة، أبرزها تطورات الاتفاق النووي المحتمل مع إيران، مع إعلان واشنطن وطهران حل الكثير من المسائل العالقة، وقرب التوصل لاتفاق، وهو ما يزعج تل أبيب، التي حشدت قمة إسرائيلية إماراتية مصرية في شرم الشيخ قبل أيام، لبحث الملف ذاته.

وكان "بينيت" قد عبر عن انزعاجه من احتمال إبرام اتفاق نووي جديد، يقول إنه لن يمنع إيران من تطوير سلاح نووي، في فبراير/شباط الماضي.

وقبل المحادثات المرتقبة، بعث "بينيت" برسالة نادرة إلى السعودية، معربا عن "الألم" إزاء موجة الهجمات التي شنها الحوثيون المدعومون من إيران الجمعة الماضي، والتي أصابت أهدافا في المملكة، قائلا عبر "تويتر"، إن "هذا الهجوم دليل آخر على أن عدوان إيران الإقليمي لا يعرف حدودا".

ووفق المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، "نيد برايس"، فإن "بلينكن سيؤكد التزام الولايات الثابت بأمن إسرائيل والانخراط في القضايا الإسرائيلية الفلسطينية وسيبحث التحديات الإقليمية والعالمية مع نظرائه في الحكومة الإسرائيلية".

ويقول مسؤولون أمريكيون لـ"رويترز"، إن المسألة الرئيسية على جدول أعمال الزيارة هي تهدئة مخاوف الدولة العبرية بشأن اتفاق نووي وشيك مع إيران.

وتبدي إسرائيل معارضة للاتفاق، وتحذر وشنطن من شطب "الحرس الثوري الإيراني"، من قائمة الإرهاب الأمريكية، كما تطالب بضمانات أمنية إضافية لها، فضلا عن التشدد إزاء نية الولايات المتحدة الأمريكية إعادة فتح قنصليتها العامة بالقدس المحتلة، والتي كانت مخصصة لتقديم الخدمات للفلسطينيين.

وإضافة إلى هذا الملف، سيعقد "بلينكن" قمة مع وزراء خارجية الإمارات والبحرين والمغرب وهي 3 دول عربية قامت مؤخرا بتطبيع علاقاتها مع تل أبيب، في خطوة داعمة لمسار التقارب العربي الإسرائيلي.

النفط الإماراتي

الملفت للانتباه، هو اللقاء الذي يجمع بين وزير الخارجية الأمريكي، وولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد"، في المغرب، والذي لم يعلن مسبقا عن زيارته للعاصمة المغربية الرباط.

وتكرر واشنطن مطالبها صراحة للسعودية والإمارات بضرورة ضخ المزيد من النفط لتهدئة الأسواق، ولجم الأسعار، وهو ماترفضه الرياض بقوة، وتقول إنها لا تتحمل المسؤولية عن أية نقص في إمدادات النفط، بسبب تعرضها لهجمات الحوثيين التي زادت حدتها في الأسابيع الثلاثة الماضية.

ويضغط ملف النفط بشدة على الجانب الأمريكي بعد ارتفاع الأسعار، إلى أكثر من 120 دولارا للبرميل، ودخول الحرب الروسية الأوكرانية شهرها الثاني على التوالي، وقرب انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، نهاية العام الجاري.

ويملك البلدان الخليجيان فائضا في طاقة إنتاج النفط ويمكنهما زيادة الإنتاج وتعويض خسارة الإمدادات من روسيا، لكنهما يحاولان الحفاظ على موقف حيادي بين الحلفاء الغربيين وموسكو، شريكتهما في تكتل "أوبك+" الذي يشمل أوبك ومنتجي نفط مستقلين خارجها.

وتبدي أبوظبي مرونة إزاء مناقشة حصص إنتاج النفط، وضخ المزيد، لكن من المؤكد أنها تشارك إسرائيل المخاوف من إمكانية رفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية، أيضا تشعر بخيبة أمل تجاه موقف واشنطن تجاه الحوثيين، وعدم التحرك بقوة لدعم أمنها القومي، بعد تعرضها لهجمات حوثية، يناير/كانون الثاني الماضي.

ويأتي اللقاء مع ولي عهد أبوظبي في المغرب، بعد أيام من استضافة الإمارات رئيس النظام السوري "بشار الأسد"، وهي الزيارة التي أغضبت واشنطن واعتبرتها كسرا للعزلة السياسية المفروضة عليه منذ اندلاع النزاع في بلاده العام 2011.

الغاز الجزائري

ومن النفط إلى الغاز والقمح، تفرض تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية نفسها على الزيارة، وسط مخاوف من النقص العالمي المحتمل في القمح، والذي يمكن أن يسبب أزمة في الشرق الأوسط المعتمد بشدة على استيراد هذه المادة.

وتعلق مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكي بالإنابة "يائيل ليمبرت"، بالقول: "نعلم أن هذا الألم محسوس بشدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تستورد معظم البلدان ما لا يقل عن نصف حاجاتها من القمح"، ومعظمه من أوكرانيا.

وتستهلك الجزائر بين 9 إلى 12 مليون طن سنويا من القمح بنوعيه اللين والصلب، غالبيته مستورد من الخارج.

من جانب آخر، تبدو الحاجة الأمريكية ملحة للغاز الجزائري، حيث تعد الجزائر من أكبر الدول المصدرة للغاز الطبيعي إلى أوروبا، ومن المتوقع أن تلعب دورا رئيسيا لتعويض الغاز الروسي.

وتعد زيارة "بلينكن" وهي الثانية لمسؤول رفيع في الخارجية الأمريكية، الشهر الجاري، محاولة من واشنطن للضغط أكثر على الجزائر لدفعها إلى مراجعة موقفه الرافض للعودة إلى ضخ الغاز عبر الأنبوب البري العابر للمغرب، بهدف تأمين حاجات شركائها الأوروبيين من الغاز، بحسب موقع "أكسيوس" الأمريكي.

وتخشى الجزائر إتخاذ موقف يمكن أن يفهم أنه موجه ضد موسكو، بما فيها زيادات إمدادات الغاز، إضافة إلى كون الأمر مرهون بالتوتر القائم مع المغرب، والذي كان السبب في وقف ضخ الغاز عبر الأراضي المغربية، إلى إسبانيا والبرتغال.

ويمكن لخط أنابيب ميدغاز نقل 8 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً، وهناك خطط للعمل على زيادة طاقته السنوية لتصل إلى 10.5 مليار متر مكعب.

وزيارة "بلينكن" هي السادسة لمسؤول غربي للجزائر في خلال أقل من شهر، لبحث ملف التزود بالطاقة، خشية حدوث مشكلات جدية في إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، وبالتالي الحاجة إلى البحث عن مصادر أخرى للطاقة.

وعلى الرغم من زخم ملفات الجولة، وتطورات القضايا الإقليمية والتعاون الثنائي والملف الفلسطيني واتفاقات التطبيع، فإن إيران أولا، والنفط ثانيا، والغاز ثالثا، هي أبرز أهداف جولة "بلينكن" الذي يبرق العديد من رسائل التهدئة، والضغوط، في محاولة لتهدئة المخاوف من التقارب مع طهران، ونيل المزيد من الحشد ضد روسيا.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

جولة بلينكن وزير الخارجية الأمريكي النفط الغاز الاتفاق النووي بن زايد الجزائر إسرائيل المغرب إيران

أزمة الغاز الأوروبية تضع علاقات روسيا بالجزائر على المحك

عباس ينتقد لبلينكن ازدواجية الغرب ويؤكد أولوية حل الدولتين