حرب باردة في الشرق الأوسط بالتوازي مع تصاعد المنافسة بين القوى العظمى

الأربعاء 30 مارس 2022 11:34 ص

انضم وزراء خارجية الإمارات والبحرين والمغرب ومصر، الأحد، إلى نظرائهم الأمريكيين والإسرائيليين في قمة هي الأولى من نوعها في مزرعة "سديه بوكير" جنوبي إسرائيل، حيث يقع قبر "بن جوريون" أول رئيس وزراء إسرائيلي.

وكان "بن جوريون" مسؤولاً عن النكبة الفلسطينية عام 1948، والتطهير العرقي المروع لمعظم الفلسطينيين في الأراضي التي أصبحت فيما بعد إسرائيل. لكن ذلك لم يؤثر على شهية المسؤولين العرب حيث تناولوا طعام "أرز بن جوريون" مع اللحم من هضبة الجولان السورية المحتلة.

وعقد الاجتماع في الذكرى العشرين لقمة الجامعة العربية في بيروت عندما أطلق العرب مبادرتهم الكبرى للسلام فيما كان الرئيس الفلسطيني "ياسر عرفات" يقبع تحت حصار عسكري في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ووعدت المبادرة بالسلام وتطبيع العلاقات لكن فقط بعد انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية والعربية. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، سارع عدد من المستبدين العرب، الذين هددهم الربيع العربي، إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل تحت الضغط الأمريكي. ورأى الفلسطينيون في ذلك خيانة وصفعة على الوجه.

لم يكلف أي من الوزراء العرب الذين زاروا مزرعة "بن جوريون" عناء زيارة الضفة الغربية المحتلة. ربما شعروا بالخجل. وربما كانت لديهم مخاوف من رد فعل الفلسطينيين. ولم يكن جوهر القمة أقل مأساوية من رمزيتها.

ومثل الأوكرانيين، يتم التضحية بالفلسطينيين على مذبح حرب باردة جديدة، وإن كانت إقليمية، بين إسرائيل والمعسكر الإماراتي من جهة والمعسكر الإيراني من جهة أخرى. 

وفي الأيام الأخيرة، سرّعت إسرائيل والإمارات جهودهما لحشد تحالف فعّال ضد إيران، وسط أنباء عن انفراج دبلوماسي محتمل في المحادثات النووية في فيينا. وتعتقد إسرائيل وحلفاؤها الإقليميون الجدد أن الصفقة السيئة أخطر من عدم وجود اتفاق على الإطلاق، لأنها تقيد حريتها في العمل العسكري ضد إيران.

وقبل أسبوع، استضاف ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" الرئيس السوري "بشار الأسد"، في سابقة من نوعها للزعيم المدرج على قوائم العقوبات الدولية. وبعد أيام قليلة فقط، التقى الحاكم الفعلي لدولة الإمارات برئيس الوزراء الإسرائيلي "نفتالي بينيت" واستضافه الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر.

وتلا ذلك لقاء ثالث في الأردن، حيث أظهرت صور "بن زايد" يسير جنباً إلى جنب مع رئيس الوزراء العراقي "مصطفى الكاظمي" في منتجع العقبة، إلى جانب العاهل الأردني "عبدالله الثاني" والرئيس المصري.

وبالرغم من ذلك فإن سوريا والعراق لا يزالان يميلان نحو إيران لأسباب سياسية واستراتيجية. ومن غير المرجح أن يتغير ذلك بعد رفع العقوبات عن طهران. وقد أجرت إيران بالفعل 3 مناورات بحرية مشتركة على الأقل مع الجيشين الروسي والصيني منذ عام 2019، ووقعت العام الماضي اتفاقية تعاون شامل مدتها 25 عامًا مع بكين.

في غضون ذلك، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي "بينيت" من أن الصفقة الأمريكية الإيرانية التي تتشكل أضعف من الترتيب الأصلي، وستؤدي إلى "شرق أوسط أكثر عنفاً وأكثر تقلباً".

وتخشى إسرائيل والإمارات من أن تصبح إيران أكثر ثراءً وقوةً ونشاطًا بعد توقيع اتفاق نووي يؤدي إلى رفع جميع العقوبات الغربية عن الجمهورية الإسلامية. وكلاهما يخشى بشكل خاص أن تزيل إدارة "بايدن" الحرس الثوري الإيراني من "قائمة الإرهاب" الأمريكية مقابل ضمانات أمنية.

وتعتقد أبوظبي وتل أبيب أن "بايدن" غير مبالٍ بتحفظاتهما على الاتفاق النووي لانشغاله بصعود روسيا والصين. وتريد إسرائيل أن تفهم إدارة "بايدن" أنها تنظر إلى "إيران خامنئي" مثل نظرة الولايات المتحدة لـ"روسيا بوتين" باعتبارها خطرا ليس فقط على نفسها والمنطقة بل على العالم بأسره.

وفي الأيام الأخيرة، حاول وزير الخارجية "أنتوني بلينكن" التأكيد على أن الولايات المتحدة وإسرائيل لا تزالان تعملان معًا ليس فقط ضد روسيا ولكن أيضًا ضد إيران ولكن يبدو أن هذه التصريحات تأتي للتغطية على الخلاف العميق بين الجانبين.

ومع انشغال القوى العالمية بحربها الباردة الجديدة، تشتعل الحرب الباردة الجديدة في الشرق الأوسط تحت السطح مع عواقب وخيمة محتملة. وسيكون الأوكرانيون والفلسطينيون أول من يدفع الثمن الباهظ.

وبينما تدين الولايات المتحدة الغزو الروسي المستمر منذ 5 أسابيع والخطط المحتملة لتقسيم أوكرانيا، وتحاضر العالم حول الديمقراطية، تتواصل مأساة الفلسطينيين بالنظر إلى دعم واشنطن غير المشروط لإسرائيل بعد عقود من احتلالها لفلسطين، ودعمها المستمر للديكتاتوريات العربية.

تخيل لو استضاف وزير الخارجية الروسي نظيره الأمريكي و4 من نظرائه الأوروبيين في ستالينجراد، ورفع أكواب الفودكا احتفالًا في الوقت الذي يتواصل فيه القصف الروسي على أوكرانيا، بينما يحث الأوكرانيين على عدم تصعيد التوترات خلال موسم عيد الفصح. والآن حاول أن تتخيل كيف يشعر الفلسطينيون.

المصدر | مروان بشارة | الجزيرة – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران بلينكن القضية الفلسطينية أوكرانيا النقب حرب أوكرانيا الغزو الروسي الاتفاق النووي

بعد قمة النقب.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالا من بلينكن

إعلام إسرائيلي: قمة النقب رسالة قلق إلى واشنطن بشأن الاتفاق مع إيران

حقيقة أم مبالغة.. هل بدأت حرب باردة جديدة بالفعل؟

سؤال القوى العظمى.. لمن تكون الغلبة في منطقة الخليج؟

ف.بوليسي: 4 فوائد لأمريكا والغرب من أزمات القوى العظمى