عبر دبلوماسي سعودي عن تشكك بلاده في جدوى العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، القائمة منذ عقود، في ظل مستجدات السياسة الأمريكية الحالية، في ظل إدارة الرئيس "جو بايدن".

ونقلت صحيفة "الجارديان" عن دبلوماسي غربي (لم تسمه) أن نظيرا سعوديا قال له: "هذه هي نهاية الطريق بالنسبة لنا ولبايدن، ولكن ربما للولايات المتحدة أيضًا".

وذكرت الصحيفة البريطانية، في تقرير لها، أن الموقف السعودي والإماراتي بشأن الاستجابة لمطالبة "بايدن" بزيادة إنتاج النفط للسيطرة على الأسعار يؤشر إلى مدى الأزمة في العلاقة بين الولايات المتحدة وحليفتيها بالخليج.

فمع تحرك "بايدن" لفتح احتياطيات النفط الاستراتيجية الأمريكية، أبقت السعودية والإمارات احتياطاتها مغلقة بإحكام، وواصلتا رفض مطالب الرئيس الأمريكي في الوقت الذي يحاول فيه مواجهة أسعار النفط المرتفعة جراء الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأشارت الصحيفة إلى أن كلا البلدين الخليجيين عبرا عن موقف صريح "بشكل غير عادي" بشأن رفضهما التدخل لصالح أمريكا في سوق النفط، حيث تتشكك الرياض وأبوظبي بجدية في أسس علاقتهما بواشنطن.

وفاقم من وقع الأزمة، التدفق غير المسبوق لثروات رجال الأعمال، المقربين من الرئيس "فلاديمير بوتين" إلى دبي، بينما تحاول الولايات المتحدة وأوروبا خنق اقتصاد روسيا، إضافة إلى مضي المحادثات النووية بين واشنطن وطهران قدما.

ورغم أن المسؤولين في أبوظبي والرياض غالبا ما يكونون غامضين، إلا أنهم عبروا، في الأسابيع الأخيرة، عن موقفهم من الولايات المتحدة بصراحة غير معهودة، وذلك في لقاءاتهم مع الدبلوماسيين الغربيين، حسبما أوردت الصحيفة البريطانية.

وفي الإطار ذاته، سلطت "الجارديان" الضوء على تعبير الكتاب السعوديين والإماراتيين البارزين عن مواقف دولهم الرسمية، ومنهم رئيس تحرير قناة العربية السابق "محمد اليحيى"، الذي اختار صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية لنشر آرائه بشأن العلاقة مع الولايات المتحدة.

وكتب "اليحيى": "إنني منزعج بشكل متزايد من عدم واقعية النقاش الأمريكي حول هذا الموضوع، والذي غالبًا ما يفشل في الاعتراف بمدى عمق وخطورة الصدع (في العلاقات)".

وأضاف: "يجب أن تركز المناقشة الأكثر واقعية على كلمة واحدة: الطلاق. عندما تفاوض باراك أوباما بشأن الاتفاق النووي مع إيران فهمنا -نحن السعوديين- أنه يسعى لفسخ زواج دام 70 عامًا".

وأشار "اليحيى" إلى توجه الإدارة الأمريكية إلى إعادة الاتفاق النووي مع إيران، ومواقف واشنطن من تعرض السعودية والإمارات لهجمات الحوثيين المدعومين من إيران، مضيفا: "لماذا يجب على حلفاء أمريكا الإقليميين مساعدة واشنطن على احتواء روسيا في أوروبا بينما تعمل واشنطن على تقوية روسيا وإيران في الشرق الأوسط؟".

وقارن "اليحيى" بين سياسات واشنطن ودبلوماسية بكين، قائلا: "في حين أن السياسة الأمريكية تعاني من تناقضات محيرة، فإن السياسة الصينية بسيطة ومباشرة. تقدم بكين للرياض صفقة بسيطة: بِع لنا نفطك واختر المعدات العسكرية التي تريدها من الكتالوج الخاص بنا".

واعتبر الكاتب السعودي أن دبلوماسية بكين هي التي تساعد على استقرار أسواق الطاقة العالمية، معلقا: "بعبارة أخرى، يقدم الصينيون الآن عرضا على نسق الصفقة الأمريكية السعودية التي عملت على استقرار الشرق الأوسط لمدة 70 عامًا."

وفي السياق، وصف الأكاديمي الإماراتي، المستشار السابق لولي عهد أبوظبي "عبدالخالق عبدالله"، الأزمة مع واشنطن بأنها "الأسوأ منذ 50 عاما".

وأضاف "عبدالله"، في مقال نشره بصحيفة "النهار" اللبنانية: "علاقة الإمارات مع الشريك الأمريكي على المحك، على مفترق طرق. من المؤكد أن مهمة إصلاح سوء التفاهم تقع على عاتق إدارة بايدن، والتي قد تكون على وشك خسارة شريك إقليمي يزداد ثقة بالنفس ويتمتع بحضور إقليمي وعالمي متزايد".

وأشار الأكاديمي الإماراتي إلى أن أبوظبي شعرت بتجاهل واشنطن لعدم إقرارها صفقة تزويدها بطائرات مقاتلة جديدة من طراز "إف-35"، كما شعرت بالغضب من موقف "بايدن" إزاء هجوم صاروخي للحوثيين.

ونوهت "الجارديان"، في هذا الصدد، إلى أن اعتراض إدارة "بايدن" على قرارات إماراتية سيادية، مثل استقبال رئيس النظام السوري "بشار الأسد" في أبوظبي والضغط على أبوظبي لزيادة إنتاجها النفطي خارج إطار اتفاقية أوبك "زاد الطين بلة" في علاقة البلدين.

وخلص تقرير الصحيفة البريطانية إلى أن السعودية والإمارات ودولا أخرى بالشرق الأوسط تتجه إلى "تنويع الشركاء، في وقت لم تعد فيه أمريكا القوة العظمى الوحيدة في العالم".