الإندبندنت: لهذه الأسباب ينحاز حلفاء الغرب الخليجيون إلى بوتين

السبت 9 أبريل 2022 10:09 ص

سلطت صحيفة "الإندبندنت" الضوء على انحياز حلفاء الغرب بالشرق الأوسط، خاصة دول الخليج، إلى روسيا في أزمة حرب أوكرانيا، مشيرة إلى أن عقودا من دعم الحكام المستبدين في هذه الدول لم تؤد إلى كسب مواقفها في منعطف حاسم بالتاريخ الأوروبي قد ينعكس على مجمل النظام الدولي.

وذكر مراسل الصحيفة البريطانية "بورزو دراجاهي"، في مقال له، أن أزمة أوكرانيا تمثل تهديدا لكامل النظام الأمني الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ولذا فإن مواقف دول كالسعودية والإمارات كشفت للغرب أنه "لا يمكن الاعتماد على دول الخليج".

فالإمارات امتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة لإدانة الغزو الروسي، كما فعلت جميع دول الخليج، ولم يتمكن الغرب من حملها على تكثيف إنتاج النفط والغاز لدرء آثار الاستغناء عن الوقود الروسي من الأسواق الدولية.

كما لم يتمكن الغرب من إقناع حلفائه بالالتزام بالعقوبات المفروضة على روسيا، أو حتى منع القلة الروسية القريبة من الرئيس "فلاديمير بوتين" من إيداع أموالهم ويخوتهم في مدن الخليج المتلألئة.

وفي برقية دبلوماسية مسربة، تم إلغاؤها لاحقا، حثت وزارة الخارجية الأمريكية الدبلوماسيين على اعتبار الإمارات إلى جانب الهند "في معسكر روسيا" فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا، بعد امتناع البلدين عن التصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإدانة حرب الكرملين.

وجاء في المذكرة، التي حصل عليها موقع "أكسيوس" الأمريكي: "إن الاستمرار في الدعوة إلى الحوار، كما فعلتم في مجلس الأمن، ليس موقفا محايدا وهذا يضعكم في معسكر روسيا المعتدي في هذا الصراع".

ويؤشر ذلك، بحسب "دراجاهي"، على نجاح الكرملين في بناء علاقات في الشرق الأوسط على مدى العقد الماضي، مشيرا إلى أن موسكو تتمتع بعلاقة وثيقة مع الإمارات بشكل خاص، إذ بات البلدان شريكين في مناورات خارجية عبر أفريقيا والشرق الأوسط، بينما تسعى الولايات المتحدة بشكل نشط إلى فك الارتباط بالشرق الأوسط.

وأضاف: "العلاقات بين روسيا والخليج أعمق مما يتخيله الكثيرون في واشنطن. يُزعم أن الإمارات استأجرت مجموعة مرتزقة فاجنر المرتبطة بالكرملين لإجراء عمليات قتالية لدعم أمير الحرب (خليفة حفتر) في ليبيا، وهي علاقة تشير إلى تعاون أمني بعيد المدى على أعلى المستويات".

"رمضان قديروف" مثال آخر على تصاعد الشراكة الخليجية الروسية، بحسب "دراجاهي"، إذ يمتلك أمير الحرب الشيشاني فيلا بقيمة 7 ملايين دولار في دبي، ولطالما وفر التدريب العسكري للقوات المسلحة الإماراتية وعمل كمبعوث من الكرملين للأنظمة الاستبدادية في العالم الإسلامي.

واستثمرت الإمارات الملايين في مشاريع تنموية بالشيشان، بما في ذلك مول جروزني الضخم وبرج أخمات الفاخر المكون من 100 طابق، وخلال زيارة عام 2018، تم تصوير "قديروف" والحاكم الفعلي لدولة الإمارات، ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" وهما يحتضنان بعضهما البعض بمودة، إذ يقرب نموذج الشخصية "الإسلامية الاستبدادية"، التي يروج لها كل من "قديروف" و"بن زايد"، كلا من الإمارات وروسيا.

وهنا يشير "دراجاهي" إلى أن الإمارات والسعودية تقدران علاقاتهما الغربية، ورحبت كل منهما بزيارة رئيس الوزراء البريطاني "بوريس جونسون" في منتصف مارس/آذار الماضي، لكن قيادة أبوظبي تحديدا تشعر على الأرجح أنها تستطيع الإفلات بدرجة كبيرة من الانحراف عن الخط الأمريكي بعد التوقيع على اتفاقيات إبراهيم التي رعتها الولايات المتحدة، والتي أدت إلى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وحصلت بها أبوظبي على استحسان المشرعين المؤيدين لإسرائيل في واشنطن.

أما السعودية فقد ظلت علاقاتها مع الولايات المتحدة فاترة منذ بداية رئاسة "بايدن" ووصفه ولي عهد المملكة "محمد بن سلمان" بأنه "ديكتاتور متوحش"، واتجاهه لإحياء الاتفاق النووي مع إيران، العدو اللدود للسعودية.

ثمة مصالح اقتصادية تدفع دول الخليج أيضا إلى عدم تبني الانحياز الغربي ضد روسيا، وهو ما أظهره موقف قطر، الأكثر تقبلا للموقف الغربي من روسيا، إذ ظلت حذرة بشأن انتقاد الكرملين في أزمة الحرب الأوكرانية.

فعلى الرغم من أن روسيا ليست عضوا في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، لكنها شريك في تكتل "أوبك+" النفطي ويمكن أن تقلب توقعات الأسعار من خلال زيادة الإنتاج أو خفضه، كما تتشارك مع الإمارات في عديد الموانئ ومشاريع البنية التحتية الأخرى في جميع أنحاء أفريقيا.

هناك أيضا تقارب أيديولوجي بين "بوتين" ودول الخليج، حسبما يرى "دراجاهي"، حيث تشعر كل منها بالريبة تجاه الديمقراطية والسياسات الجماهيرية، وتسعى للسيطرة الكاملة على وسائل الإعلام والحياة المدنية.

وفي المقابل، تجد دول الخليج نفسها محفوفة باهتمام وسائل الإعلام والتدقيق في سجلاتها الحقوقية إزاء أي صفقة - سواء كانت اقتصادية أو جيوسياسية - مع الولايات المتحدة أو أوروبا.

روسيا أيضا تمثل شريكا أكثر موثوقية واستقرارا من أمريكا، بحسب وجهة النظر الخليجية، إذ تراهن دول الخليج على بقاء "بوتين" في السلطة لسنوات طويلة قادمة، بينما قد يكون "بايدن" في طريقه للخروج من البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني 2025.

وبإضافة مواقف الولايات المتحدة من حلفائها بالشرق الأوسط على مدى العقد الماضي، ترسخت رؤية خليجية مفادها أن العلاقات مع روسيا أكثر موثوقية، إذ دعمت موسكو حليفها "بشار الأسد" في سوريا، بينما ظلت الولايات المتحدة متقلبة وغير موثوقة، كما حدث عندما سمحت بسقوط الرئيس المصري الراحل "حسني مبارك" عام 2011.

وخلص "دراجاهي" إلى أن تنامي العلاقات الروسية مع دول الشرق الأوسط يتناسب طرديا مع تنامي نزعة فك الارتباط الأمريكي الوثيق مع المنطقة، ما يؤشر إلى مزيد من الشراكة بين موسكو وعواصم خليجية مستقبلا.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

أمريكا روسيا السعودية الإمارات فلاديمير بوتين أوكرانيا

في أول لقاء مع مسؤول أوروبي.. اجتماع غير ودي بين بوتين ومستشار النمسا

تليجراف: السعودية خادم مطيع لبوتين أكثر من كونها شريكة للغرب