قوت مصر: العظم للفقراء واللحم للقطط السمان

الأربعاء 13 أبريل 2022 04:46 ص

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بصفة خاصة مجموعة من الصور الصادمة لسيدات مصريات وقفن ضمن طابور طويل أمام جمعية خيرية في قرية أبيس القريبة من مدينة الإسكندرية كانت توزع 16 قطعة من عظام البقر الخالية من اللحم، وقد أثارت المشاهد سخطاً واسعاً بالنظر إلى ما انطوت عليه من إذلال لكرامة الفقراء والمحتاجين، مما اضطر الجمعية إلى حذف الصور لاحقاً.

وقد تكون نوايا الجمعية الخيرية سليمة من حيث حض القادرين على التبرع بالمال أو المواد العينية وخاصة في شهر رمضان وفي ظروف الغلاء الفاحش لأسعار المواد الغذائية الرئيسية مثل الحبوب والسمن والزيوت والسكر والشاي والدقيق.

لكن طريقة عرض الصور مع الترويج للعظام باعتبارها مكونات أساسية في صناعة الحساء انطوت على إهانة لكرامة السيدات اللواتي وقفن في الطابور من جهة أولى، كما أعادت ذاكرة المصريين إلى عناصر كثيرة محزنة حول مستويات المعيشة وأحوال البؤس وظروف الفاقة التي تطحن الفئات الشعبية في مصر.

وكان باعثاً على السخط أكثر أن السلطات الحكومية سعت إلى التعمية على تلك المشاهد الصارخة عن طريق تصريح كاذب صدر عن وكيل وزارة التضامن أفاد بتشكيل لجنة للتحقيق، فتبين لها أن مدير الجمعية تبرع بعجل وقام بتوزيع اللحم على المحتاجين وفقاً للعادة في كل رمضان، لكن بعض النساء طالبن بالعظام أيضاً. الجمعية قدمت رواية مناقضة بالطبع، وكان لافتاً في المقابل أنها لم تنشر أي صورة لتوزيع اللحوم مقابل صور الاصطفاف للحصول على العظام.

وإذا كانت الصور المهينة المقترنة بهذه الواقعة قد وصلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي وفضحت مستوى الاستهتار بكرامة فقراء مصر والمحتاجين من أبنائها، فالأرجح أن وقائع أخرى كثيرة قد تكررت هنا وهناك في أرض الكنانة وشاءت المصادفة أن تغيب صورها ولكن عواقبها الفعلية قائمة وتزداد انتشاراً.

فمن المعروف أن نسبة تتراوح بين 29 و30% من أبناء مصر هم رسمياً تحت خط الفقر، وأن هذا الرقم يتضاعف أو يتفاقم في مناطق الفقر المدقع حيث يعجز 42% من سكان الصعيد والأرياف عن تأمين الاحتياجات الأساسية عموماً، والغذاء على وجه التحديد.

وكانت إجراءات السلطة في خفض قيمة العملة الوطنية بحيث بات الدولار الأمريكي يعادل أكثر من 18 جنيهاً، وانطلاق موجة غير مسبوقة من الغلاء ترافقت مع معدلات تضخم تجاوزت 12,1%، قد أسفرت تلقائياً عن رفع أسعار اللحوم بمقادير قياسية بلغت نحو 200 جنيه للكيلو الواحد من اللحم البلدي.

حتى الخبز الذي يعتبر سلعة غذائية استراتيجية لملايين المصريين لم يسلم من استبداد النظام، والأرقام تشير إلى ارتفاع في أسعار الحبوب والرغيف استطراداً، مع العلم أن آثار الحرب الروسية في أوكرانيا ليست السبب المباشر وراء هذه الزيادات لأن عقود الاستيراد جرى إبرامها قبل ابتداء الغزو الروسي.

وليس أمراً استثنائياً أن يتدافع فقراء مصر إلى الحصول على عظام العجل، بعد أن عز عليهم تذوق غرامات قليلة من لحومه، التي تفترسها حاشية النظام وشبكات أجهزته وأتباعه، وتكمل التهامها قطط الفساد السمان.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

مصر، فقراء مصر، الخبز، الفساد، النظام، الحرب الروسية، أوكرانيا، عظام البقر،

أزمة الجنيه المصري تتفاقم.. والبسطاء يدفعون الثمن