هل يتطور التصعيد في القدس والضفة إلى انتفاضة شاملة؟

الجمعة 22 أبريل 2022 08:34 ص

منذ انتهاء الانتفاضة الثانية عام 2005، نسمع كل بضعة أشهر أو سنوات أن انتفاضة ثالثة بدأت أو على وشك البدء. وكانت هناك "انتفاضة الذئاب المنفردة" (وتسمى أيضًا انتفاضة السكاكين) في عام 2015، ومسيرة العودة الضخمة في عام 2018 عندما تحرك سكان غزة معًا نحو السياج الذي يحبسهم داخل القطاع؛ ثم اضطرابات مايو/أيار 2021 التي بدأت بصدامات في القدس الشرقية امتدت إلى غزة والمدن المختلطة بين اليهود والفلسطينيين داخل إسرائيل.

ولم ينته أي من هذه الأحداث بانتفاضة مماثلة للانتفاضتين الأولى والثانية، لذلك يجب الحذر قبل القول إننا على شفا انتفاضة ثالثة. ومن الواضح أن هناك عناصر تذكرنا بالانتفاضات السابقة: سلسلة من الهجمات داخل الخط الأخضر، عمليات عسكرية إسرائيلية مكثفة في الضفة الغربية لا سيما في مناطقها الشمالية؛ وأدت هذه الأفعال وردود الفعل إلى مقتل 10 إسرائيليين و15 فلسطينيا.

في غضون ذلك، هناك أعمال عدائية أوسع من المعتاد في مدن الضفة الغربية، واحتجاجات في المسجد الأقصى، واقتحام شرطة الاحتلال للمسجد.

وتركز مناقشات الانتفاضة الجديدة بشكل عام على الأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، باعتبار أن الانتفاضات هي قبل كل شيء رد فلسطيني على الاحتلال. ومع ذلك، يجب إلقاء نظرة على الجانب الإسرائيلي الذي يواجه مأزقا سياسيا شديد التعقيد.

وقد اندلعت الانتفاضة الأولى عندما كان في إسرائيل ما يسمى بـ"حكومة الوحدة الوطنية" بين الليكود وحزب العمل. وكان "إسحاق شامير" من الليكود رئيسا للوزراء، فيما كان "إسحاق رابين" من حزب العمل وزيرا للدفاع. وتعد حكومات الوحدة الوطنية وصفة للشلل بشكل عام؛ لأنها تعتمد فقط على اتفاق اليمين واليسار على الاحتلال والاستيطان.

وفي هذا الصدد، تذكرنا حكومة "بينيت - لابيد – جانتس" بحكومة "شامير ورابين". وقد حدد رئيس الوزراء "نفتالي بينيت" هذه الاستراتيجية عندما أعلن بعد فترة قصيرة من توليه منصبه أنه لن تكون هناك "عملية دبلوماسية مع الفلسطينيين".

تبنى "يائير لابيد" هذا المنطق بشكل كامل عندما أعلن أنه عند التناوب على منصب رئيس الوزراء، فإنه سيمتنع أيضًا عن أي عملية دبلوماسية من هذا القبيل. ما تبقى إذن هو الحفاظ على الاحتلال، وهو ما يشرف عليه وزير الدفاع "بيني جانتس" الذي أحال السلطة الفلسطينية والرئيس الفلسطيني "محمود عباس" إلى إدارة فرعية للشؤون الفلسطينية في وزارته.

لكن بينما تم بناء حكومة "شامير – رابين" على أساس توازن بين "اليمين" و"اليسار"، فإن الوضع في حكومة "بينيت -لابيد" مختلف. ويتمتع الائتلاف بأغلبية واضحة من يسار الوسط، بل إنه يضم حزبًا عربيًا إسلاميًا لأول مرة في تاريخ إسرائيل، ومع ذلك، فإن الحكومة يرأسها يميني متطرف ومعظم الوزارات الأكثر حساسية، مثل العدل والداخلية، تقودها أيضًا شخصيات يمينية بالتأكيد.

هذا ليس كل شئ؛ فالمعارضة البرلمانية لهذه الحكومة كبيرة جدًا ولا يمكن وصفها بـ "اليمين" بالمعنى الذي اعتاد عليه الإسرائيليون، حيث أن هذه المعارضة اليمينية تركز على التفوق اليهودي وأولوية "الدولة اليهودية" على الديمقراطية.

ويعد رئيس الوزراء السابق "بنيامين نتنياهو" هو الزعيم الرسمي لهذا اليمين، لكن أبرز شخصياته هم "بتسلئيل سموتريتش" الذي يرأس الحزب الصهيوني الديني، والذي أعلن صراحة أنه لا يحق للعرب أن يكونوا جزءًا من الحكومة أو حتى الجلوس في البرلمان.

ومن الشخصيات البارزة الأخرى "إيتمار بن غفير" الذي أدين في الماضي بنشاط إرهابي يميني وينتمي إلى حركة تطالب بطرد الفلسطينيين من الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل.

تشغل هذه الأحزاب اليمينية حاليًا أكثر من 50 مقعدًا في الكنيست (من أصل 120 مقعدًا)، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الأحزاب اليمينية ستحصل على 50% من الأصوات في أي انتخابات مقبلة. وهكذا نجد أنفسنا في وضع يكون فيه أقصى اليمين داخل الحكومة وخارجها، بينما لا يوجد توازن حقيقي في الحكومة نفسها.

وتخلى حزبا "اليسار" الصهيوني "ميرتس والعمل" في البداية عن أي محاولة للتأثير على البرنامج السياسي للحكومة، فيما يقف زعماء حزب الوسط "يائير لابيد" من "يش عتيد"، و"بيني جانتس" من حزب "أزرق أبيض"، على الهامش.

من جهة أخرى، تم الكشف عن تعاون عملياتي بين وحدات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين المسلحين الذين يهاجمون المدنيين الفلسطينيين، ويعملون كنوع من الميليشيات. وقد رأينا هذا التناغم في دعم مشاريع المستوطنين؛ مثل إنشاء البؤرة الاستيطانية غير القانونية "إيتامار" على أراضي قرية بيتا في شمال الضفة الغربية، وإعادة إنشاء "حومش"، وهي مستوطنة تم تفكيكها في عام 2005 وأصبحت مؤخرًا على أراضي القرية شمال نابلس.

وحدث مثال أوضح في نابلس، الأسبوع الماضي، حيث تم إرسال قوة من الجيش الإسرائيلي لتوفير الأمن أثناء إصلاحات في قبر "يوسف"، الذي يقع في منطقة تحت السيطرة الفلسطينية الكاملة ظاهريًا ويوقرها اليهود كمكان لقبر "يوسف" التوراتي.

وأصبح الجيش الإسرائيلي ذراعًا لليمين ويتعامل مع اضطهاد الفلسطينيين كمهمة دينية. ويظهر هذا فيما يجري في المسجد الأقصى. وبالرغم من أن وزير الأمن الداخلي، الذي يشرف على الشرطة، هو "عمير بارليف"، وهو شخصية في حزب العمل معروف بآرائه الحمائمية، إلا أنه يبدو غير قادر على منع الشخصيات اليهودية المتطرفة من دخول باحات الأقصى أو منع الشرطة من التعامل بعنف مع المصلين هناك.

من جهة أخرى، أعلن حزب "راعم" الذي يتزعمه "منصور عباس"، "تعليق" مشاركته في التحالف الحاكم بعد اقتحام الشرطة المصلى القبلي في المسجد الأقصى، ولا تزال أهمية هذا "التعليق" غير واضحة، لكن من الواضح أنه يعمل على إضعاف الحكومة التي تعرضت لضربة قوية قبل 10 أيام عندما انسحبت عضو الكنيست "عيديت سليمان" من إئتلاف "بينيت"، ما أفقده الأغلبية في البرلمان.

إذا انسحب حزب "عباس" من التحالف ردًا على ما يحدث في الأقصى، فإن الحكومة الإسرائيلية ستنهار.

ومن الصعب التكهن بوقوع انتفاضة وكذلك بطبيعتها، سواء كانت أقرب إلى الحركة الشعبية التي ميزت الانتفاضة الأولى عام 1987، أو تميل أكثر للطبيعة العسكرية كما كان في لانتفاضة الثانية عام 2000. لكن في كلتا الحالتين ستكون الحكومة الإسرائيلية في حالة شلل شبه كامل.

مع وجود مساحة صغيرة للمناورة مع الجمهور الإسرائيلي، لن يكون للحكومة الإسرائيلية أي قدرة تقريبًا على إطلاق حوار مع القيادة الفلسطينية (على افتراض أن هناك قيادة فلسطينية تتمتع بتمثيل الجميع)، ولن يكون لها قدرة تذكر على استدعاء الوسطاء الدوليين للمساعدة في حل الأزمة.

ومن الصعب أن نرى من في إسرائيل اليوم سيكون قادرًا على الضغط على المكابح، وهذه بالتأكيد وصفة محتملة لتصعيد يتكشف تدريجياً، وقد يتحول إلى انتفاضة جديدة.

المصدر | ميرون رابوبورت / ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الأقصى بينيت جانتس نتنياهو المسجد الأقصى القدس الحكومة الإسرائيلية

نتنياهو يدعو النواب اليمينيين في ائتلاف بينيت إلى الانسحاب

آلاف المسيحيين يحتفلون بـ"سبت النور" في كنيسة القيامة بالقدس

مخاوف إسرائيلية من انتفاضة فلسطينية جديدة

توقعات بانتفاضة جديدة.. إسرائيل تعلن إحباط 130 عملية إطلاق نار بالضفة