بعد الإطاحة بخان.. فرص إذابة جليد التوترات بين باكستان والهند

الاثنين 25 أبريل 2022 12:40 م

لا يتوقع المراقبون السياسيون الباكستانيون والهنود أي تخفيف فوري للأعمال العدائية المتزايدة بين الجارتين النوويتين، على الرغم من التغيير الأخير للنظام في إسلام أباد.

وتدهورت العلاقات المشحونة بالفعل بين البلدين في أغسطس/آب 2019، عندما جرّدت نيودلهي منطقة وادي جامو وكشمير، المتنازع عليها، من وضعها "شبه المستقل" منذ فترة طويلة.

ودفعت هذه الخطوة المثيرة للجدل إسلام أباد إلى خفض مستوى علاقاتها الدبلوماسية، ووقف التجارة مع نيودلهي.

ومنذ ذلك الحين، لم تفوت الجارتان أي فرصة للتنديد بالأخرى في المحافل الدولية والإقليمية.

كانت معاهدة فبراير/شباط 2021، التطور الإيجابي "الوحيد" في العلاقات بين البلدين، والتي أنهت الاشتباكات اليومية تقريبا على طول خط السيطرة (LoC)، الذي يمثل حدودا بحكم الأمر الواقع، تُقسم منطقة جامو وكشمير بين الجارتين.

وخلفت الاشتباكات في المنطقة المتنازع عليها عشرات القتلى من العسكريين والمدنيين من الجانبين، وأصيب عشرات آخرون من سكان المناطق الحدودية.

حزب "الرابطة الإسلامية الباكستانية"، المنتمي إلى يمين الوسط، والذي انتُخب رئيسه "شهباز شريف"، رئيسا للوزراء، بعد اقتراح ناجح لحجب الثقة عن سلفه "عمران خان"، دعا منذ فترة طويلة إلى إقامة علاقات جيدة مع جيران باكستان، بما في ذلك الهند.

على وجه الخصوص، كان لنواز شريف، الرئيس السابق للحزب، رئيس الوزراء ثلاث مرات، "زاوية ناعمة" في الهند منذ زمن رئيس الوزراء الهندي السابق إندير كومار جوجرال، إلى الزعيم الحالي "ناريندرا مودي".

   تغييرات النظام لم توقف التصعيد

ومع ذلك، يعتقد وزير الخارجية الهندي السابق "ياشوانت سينها"، أن العلاقات الباكستانية الهندية "لا تعتمد على الشخصيات".

وقال "سينها"، الذي شغل منصب كبير الدبلوماسيين في نيودلهي (2002- 2004) للأناضول، "بصراحة، لا أرى أي تغيير (بعد تغيير رئيس الوزراء الأخير). نادرا ما تعتمد العلاقة بين الهند وباكستان على الشخصيات".

وأضاف أن العلاقة بينهما علاقة دولة مع دولة، حتى أن التغييرات في النظام في "هذه الدولة أو تلك" لم تكن قادرة على خفض درجات التصعيد بين البلدين.

وتابع "ربما كان هناك بعض الهدوء البسيط بين البلدين. لكن التوترات الأساسية تظل كما هي".

ومن وجهة نظر مماثلة، لاحظت "ماريا سلطان"، محللة الدفاع والأمن في إسلام أباد، أنه في ظل ظروف معينة، "هناك فرص ضئيلة للغاية لإذابة التوترات بين الجانبين، بغض النظر عمن يوجد في السلطة".

وفي حديث لـ"الأناضول"، قالت "ماريا"، التي ترأس "معهد الاستقرار الاستراتيجي لجنوب آسيا"، ومقره في إسلام أباد، إنه "لن يكون هناك استئناف فوري للمحادثات حتى يتم وضع نزاع كشمير ضمن إطار المحادثات".

وأضافت "الوضع في الهند وباكستان سيبقى مرتبطا بحل نزاع كشمير".

وأشارت إلى أن خطوة نيودلهي في أغسطس 2019 بشأن جامو وكشمير لعبت دورا "حاسما" في توضيح موقف باكستان بشأن المحادثات مع الهند بأنه "لا توجد محادثات مستقبلية ممكنة دون التراجع عن قانون 2019".

   التخلي عن الأفكار الثابتة

يعتقد الوزير الهندي السابق "سينها"، أنه يتعين على الجانبين التخلي عن "الأفكار الثابتة" للمضي قُدمًا في العلاقات بين البلدين.

وقال "الحاجة الآن لكلا البلدين التخلي عن أفكارهما الثابتة، وبدء حوار بعقل منفتح".

وأضاف "القضية الأساسية لباكستان، بغض النظر عمن هو رئيس الوزراء، هي جامو وكشمير، ولا يوجد تقدم مطلق في المجالات الأخرى حتى يتم حل هذه القضية الجوهرية".

وأشار سينها، إلى إن هذا "ليس النهج الصحيح".

وأوضح أن النهج الصحيح هو "التعامل مع العلاقة بشكل كلي".

ونوه إلى أن هناك العديد من القضايا الأخرى المعلقة، وأن الحلول لهذه القضايا، مثل التجارة، ستحسن العلاقة بين البلدين.

ويرى سينها، أنه "على باكستان أن تفعل أكثر مما فعلته الهند"، لأن نيودلهي "أظهرت، من حين لآخر، انفتاحاً لم ترد باكستان عليه بالمثل"، حسب تعبيره.

   نهج مزدوج

"اشتياق أحمد"، خبير السياسة الخارجية في إسلام أباد، قال للأناضول، إنه يتوقع "نهجا مزدوجا" من رئيس الوزراء الباكستاني المنتخب حديثا، لمعالجة الوضع الحالي للعلاقات مع الهند، لا سيما في سياق خطوة نيودلهي في أغسطس 2019.

وأضاف "من المتوقع أن يتخذ شهباز شريف نهجا أكثر حزما لمواجهة هذا التحدي الخطير".

وحمّل "أحمد"، خطوة نيودلهي بشأن كشمير المسؤولية عن المزيد من الإضرار بالعلاقات الثنائية المتوترة بالفعل، حيث قال: "منذ ذلك الحين (أغسطس 2019)، يعيد النظام القومي الهندي تشكيل التركيبة السكانية وهوية جامو وكشمير، وهو أمر غير مقبول لباكستان".

وأشار إلى أن خطاب التنصيب الذي ألقاه شهباز، عبّر عن الرغبة في تحقيق السلام مع الهند، ولكن في إطار قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن كشمير.

وكرئيس جديد للوزراء في باكستان، قال "أحمد"، إن "شهباز"، سيكون "أكثر صراحة" في إدانة خطوة الهند في أغسطس 2019 على المستوى الدولي.

وتابع "في الوقت نفسه، لن يغلق شريف الباب أمام الدبلوماسية حتى يتمكن البلدان من تجاوز وقف إطلاق النار الحالي على طول خط السيطرة، والبدء على الأقل في الحديث عن المحادثات، أو إحياء ما يسمى بالحوار المركب، لتسوية جميع القضايا العالقة وخاصة نزاع كشمير".

   خطوات صغيرة ممكنة

قال "جاتين ديساي"، السكرتير السابق لـ"المنتدى الشعبي الباكستاني-الهندي للسلام والديمقراطية"، وهو منتدى لمجموعة من نشطاء السلام الباكستانيين والهنود، إن القيام بخطوة صغيرة نحو استئناف المحادثات أمر ممكن.

وأضاف ديساي للأناضول، "قد لا يكون من الممكن استئناف كامل للحوار، خاصة وأن باكستان ستجري انتخابات العام المقبل، لكن أعتقد أن بداية صغيرة لاستئناف الحوار أمر ممكن ويجب القيام بها".

واعتبر أن "شهباز"، قد يجد صعوبة في اتخاذ خطوة فورية نحو تطبيع العلاقات، بالنظر إلى شعبية سلفه عمران خان، الذي غالبا ما كان يشير إلى شهباز وشقيقه الأكبر نواز، بـ"أصدقاء مودي"، وهي كلمة تستخدم بشكل سلبي في السياسة الباكستانية.

وقال "ديساي"، "دعونا نبدأ بعدد من الأمور التي يمكن تحقيقها. يجب على البلدين أن ينتدبا مرة أخرى مفوضيَن ساميَين لهم في الدولة الأخرى، كما يجب أن يعمل كل من المفوضيَن الساميَين بكامل طاقتهما".

ونوه إلى أن هناك أمور أخرى ممكنة، كالبدء بالتجارة "المتواضعة" عبر "حدود واجاه – عطاري" بين البلدين.

وشدد "ديساي"، على أنه يتعين على الهند إصدار تأشيرات طبية للمحتاجين، كما يتعين على البلدين الإفراج عن الصيادين وإعادتهم إلى بلادهم.

وأوضح أن هذه الخطوات "يمكن أن تساعد في بناء الثقة بين البلدين، وهذا هو الشيء المطلوب بشكل أكبر في السياق الحالي".

 

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

باكستان الهند كشمير عمران خان شهباز شريف العلاقات الباكستانية الهندية