بلومبرج: هكذا ستجعل الحرب في أوكرانيا قطر أكثر ثراء

الجمعة 29 أبريل 2022 01:22 م

الذي يهبط بالطائرة في العاصمة القطرية الدوحة الآن سينظر للأسفل ليجد الاستاد الجديد الضخم الذي بنته قطر في قلب الصحراء وسيستضيف نهائي كأس العالم المقبل، وقد يلاحظ في نفس المشهد من بعيد ناقلات مصطفة في الخليج العربي قبالة سواحل قطر لجمع الغاز الطبيعي المسال.

بهذه الافتتاحية، حاولة وكالة "بلومبرج" الجمع بين حدثين وتطورين يجتمعان لمنح قطر تأثيرا كبيرا غير مسبوق على الساحة العالمية.

وقالت الوكالة، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، إنه في الوقت الذي تُظهر فيه بطولة كأس العالم قدرتها على اكتساب مكانة دولية، فإن مكانة قطر كمورد للغاز مرغوب فيه للغاية تعد بتحويل شبه الجزيرة الصغيرة إلى لاعب أكبر ودور استثنائي كانت الدوحة تطمح إليه دائمًا.

واعتبرت "بلومبرج" أن ارتفاع أسعار النفط بسبب الحرب في أوكرانيا عزز منتجي النفط في الشرق الأوسط مثل المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات، لكن "المكافآت المالية والجيوسياسية المعروضة على قطر تجعلها "الفائز الأول"، بعد أن أجبر غزو "فلاديمير بوتين" أوروبا على البدء في التخلص من واردات الطاقة الروسية.

وأضافت: "سافر العديد من كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي إلى الدوحة في الأسابيع الأخيرة، وكلهم يحملون رسالة واضحة: نحن بحاجة إلى غازك بأسرع ما يمكن.. طلبت ألمانيا من الشركات أن تبدأ في التفاوض على صفقات التوريد، وأصبح الإلحاح أكثر حدة هذا الأسبوع بعد أن قطعت روسيا الإمدادات عن بولندا وبلغاريا".

كان من المقرر بالفعل أن تصل صادرات الطاقة القطرية إلى 100 مليار دولار هذا العام لأول مرة منذ 2014 بناءً على الاتجاهات من الربع الأول، وفقًا لحسابات "بلومبرج"، وهو الأمر الذي سيسمح لها بإنفاق ثروات أكبر في أسواق الأسهم العالمية والسعي لتحقيق أهداف سياستها الخارجية، بشكل أساسي من خلال صندوق الثروة السيادي البالغ 450 مليار دولار.

وفي غضون ذلك، تتوقع الحكومة القطرية زيادة اقتصادية قدرها 20 مليار دولار من تنظيم كأس العالم.

ويأتي صخب أوروبا بشأن الغاز الطبيعي المسال بعد أن بدأت قطر مشروعًا بقيمة 30 مليار دولار لتعزيز صادراتها بنسبة 60% بحلول عام 2027.

ويعني الطلب الإضافي مزيدًا من المنافسة بين المشترين على عقود التوريد طويلة الأجل، وعلى الأرجح، شروط أفضل لقطر.

وتنقل "بلومبرج" عن "كارين يونج"، الزميلة الأولى في معهد الشرق الأوسط بواشنطن قولها: "إنها فرصة رائعة.. قطر ستكون واحدة من أهم مصدري الغاز، وسوقها سيكون قويا جدا على الأرجح لسنوات قادمة".

واعتبر التقرير أن الأمر يحمل تحولا كبيرا بالنسبة لقطر، التي أمضت السعودية والإمارات وحلفائها أكثر من 3 سنوات لمحاولة خنقها اقتصاديا لأسباب متنوعة.

وقد بات الأمير القطري، الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني"، مطلوبا للتفاوض والمناقشات في الولايات المتحدة والعواصم الأوروبية، وقد التقى بالرئيس الأمريكي "جو بايدن"، قبل أسابيع قليلة من بدء الحرب في أوكرانيا.

وقد صنف "بايدن" قطر على أنها "حليف رئيسي من خارج الناتو"، ويرجع ذلك جزئيًا إلى مساعدة الدوحة للولايات المتحدة في عمليات الإجلاء من أفغانستان، على الرغم من أن الغاز كان في طليعة محادثاتهما.

ويتناقض ذلك مع التوتر بين البيت الأبيض والسعودية والإمارات بسبب رفضهما زيادة إنتاج النفط والمساعدة في خفض الأسعار.

وانتقلت "بلومبرج" لمناقشة تأثيرات ذلك التطور على الاقتصاد القطري، فقالت إنه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد البالغ 200 مليار دولار بنسبة 4.4% هذا العام، وهو أكبر نمو منذ عام 2015، وفقًا لـ"سيتي جروب"، وسيرتفع لناتج المحلي الإجمالي للفرد إلى ما يقرب من 80 ألف دولار، ليرتفع نحو المستويات في أماكن مثل جزر كايمان وسويسرا.

ووفقًا لـ"زياد داوود"، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في "بلومبرج إيكونوميكس"، فإن "التوقيت محظوظ لقطر التي قد تشهد محركا جديدا للنمو في هذا العقد".

ماذا ستفعل قطر بالمال؟.. كان هذا هو السؤال الذي انتقلت إليه "بلومبرج" لمحاولة البحث في خيارات الدوحة المحتملة جراء هذه الطفرة الضخمة المتوقعة في الإيرادات.

وأجابت الوكالة: "لا يشير سجل قطر الحافل إلى التعمق في أسواق الأسهم العالمية فحسب، بل يشير أيضًا إلى غزوات السياسة الخارجية التي لم تكن دائمًا منسجمة مع حلفائها في الولايات المتحدة وأوروبا".

وأضاف التقرير: "سيتم استخدام الكثير من الأموال لدعم صندوق الثروة السيادية القطري"، وفقًا لما ذكره شخص مطلع على الأمر.

ومن شأن ذلك أن يمكّن "جهاز قطر للاستثمار"، وهو بالفعل مستثمر رئيسي في شركات، مثل "باركليز بي إل سي"، و"فولكس فاجن إيه جي"، وكذلك العقارات في نيويورك ولندن، من تسريع اندفاعه نحو أسهم التكنولوجيا.

يمكن لقطر أيضًا استخدام الصندوق لتعزيز أهدافها الإقليمية.

وسرد التقرير تطور إنتاج الغاز الطبيعي في قطر، حتى وصلت البلاد عام 2012 إلى كونها أكبر مصدر في العالم بفضل الطلب في اليابان.

وفي الوقت الحالي، لا تستطيع قطر إنتاج ما يكفي لتلبية احتياجات أوروبا، التي تحصل على حوالي 40% من احتياجاتها من الغاز من روسيا.

وتضخ الشركة المنتجة للدولة "قطر للطاقة" بطاقتها الكاملة ويذهب أكثر من 80% من شحناتها إلى آسيا.

ويتم بيع معظم هذه المنتجات بموجب عقود متعددة السنوات، وقالت الدوحة إنها لن تلغيها لتحويل الإمدادات إلى أوروبا.

وقد ارتفعت أسعار الغاز إلى مستويات أعلى بكثير من تكاليف الإنتاج في قطر.

وتوقع "مورجان ستانلي" أن يؤدي محور أوروبا من الطاقة الروسية إلى تحفيز زيادة بنسبة 60% في الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2030.

ويتوقع البنك أن تصل أسعار الغاز في آسيا وأوروبا إلى 25 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال العام المقبل على الأقل، وهذا أكثر من ستة أضعاف سعر التعادل لمشروع التوسيع في قطر.

وأشار التقرير إلى تحرك الاتحاد الأوروبي لبناء محطات لاستيراد الغاز المسال لتكون بديلا عن أنابيب الغاز التي تأتي من روسيا، لاستيراد الغاز القطري.

وكما قال "إيلان حبيب"، مدير الشرق الأوسط في شركة تحليل السلع "ICIS": "غزو روسيا وعدم اليقين بشأن إمدادات الغاز إلى أوروبا قد غير اللعبة بالنسبة لقطر".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر الغاز الطبيعي حرب أوكرانيا غزو أوكرانيا أسعار الغاز العلاقات القطرية الأوروبية

مهاتفا زيلينسكي.. أمير قطر يدعو روسيا وأوكرانيا إلى الحوار وتجنب التصعيد