قيس سعيد والاتحاد التونسي للشغل: خصام بعد وئام؟

الأربعاء 25 مايو 2022 03:51 ص

قيس سعيد والاتحاد التونسي للشغل: خصام بعد وئام؟

لا يبالغ المراقبون إذا لمسوا في نبرة الاتحاد الجديدة ملامح فضّ «الشراكة»، أياً كانت مساعي قيس سعيّد لرأب الصدع.

كان مستغربا أن يؤيد الاتحاد حلّ البرلمان المؤسسة الوحيدة التي تشكل بمحاسنها ومساوئها الضمانة الأولى للحياة الديمقراطية.

بعد وئام ساد بين الاتحاد وقصر قرطاج، يبدو اليوم أقرب إلى الانتقال نحو طور جديد من الاختلاف والخصام ينذر أيضا باحتمالات التصعيد.

أعلن الاتحاد تأييد قرار قيس سعيّد حلّ البرلمان المجمّد معتبرا أنه «لم تعد هناك ضرورة لاستمرار مجلس النواب لأنه أعطى صورة سيئة لفساد الحياة السياسية».

اتفق اتحاد الشغل مع قيس سعيد على «شراكة في رسم مستقبل تونس»، وأظهر اجتماع الرئيس بقيادات الاتحاد «تطابقاً في وجهات النظر» بشأن ملفات عديدة.

ساندة الاتحاد إجراءات 25 يوليو التي اتخذها قيس سعيّد: تجميد البرلمان ورفع الحصانة عن النواب وإقالة رئيس الحكومة وإسناد صلاحيات تنفيذية غير محدودة للرئيس.

* * *

في مطلع شهر أبريل الماضي أعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي أن منظمته اتفقت مع الرئيس التونسي قيس سعيد على «شراكة في رسم مستقبل تونس»، موضحاً أن اجتماع الرئيس مع قيادات الاتحاد أظهر «تطابقاً في وجهات النظر» بشأن ملفات عديدة حساسة مثل «إصلاح المؤسسات العمومية وديمومتها والمحافظة عليها»، و«قضية الدعم وضعف الأجور»، و«إصلاح المنظومة التربوية».

ورغم أن الاتحاد لم يوضح طبيعة تلك الشراكة، فإن مناخات ذلك التطابق كانت تؤكد ما بات معروفاً من مساندة الاتحاد لإجراءات 25 تموز/ يوليو 2021 التي اتخذها سعيد، وتضمنت تجميد البرلمان ورفع الحصانة عن النواب وإقالة رئيس الحكومة وإسناد صلاحيات تنفيذية غير محدودة لرئاسة الجمهورية.

كذلك كان الاتحاد قد أعلن تأييده لقرار سعيّد الذي قضى بحلّ البرلمان المجمّد أصلاً، معتبراً أنه «لم تعد هناك ضرورة لاستمرار مجلس النواب لأنه أعطى صورة سيئة تعكس فساد الحياة السياسية»، منضماً بذلك إلى خطاب الرئاسة حول «لجوء أطراف نافذة في مجلس النواب إلى الاستقواء على تونس بالدول الأجنبية والتخطيط لتفتيت الدولة».

ولأن الاتحاد منظمة كفاحية عريقة وتاريخها يشهد على محطات نضالية مضيئة في سبيل مصالح العمال والكادحين والدفاع عن الحريات العامة والحقوق المدنية، فقد كان مستغربا أن يؤيد حلّ المؤسسة الوحيدة التي على محاسنها ومساوئها تشكل الضمانة الأولى للحياة الديمقراطية.

الوئام كان هو السائد إذن بين الاتحاد وقصر قرطاج، لكنه اليوم يبدو أقرب إلى الانتقال نحو طور جديد من الاختلاف والخصام ينذر أيضاً باحتمالات التصعيد إذا نفّذ الاتحاد وعيده بالدعوة إلى إضراب عام شامل يمكن بالفعل أن ينتقل إلى طور المواجهة المباشرة مع سلطة الرئاسة وأجهزتها الأمنية بصفة خاصة.

وأياً كانت شعرة معاوية التي أدامت الوئام في الماضي فإنها توشك على الانقطاع إن لم تكن قد انقطعت بالفعل، خاصة بعد المرسوم الرئاسي بإحداث «الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة»، تتولى «تقديم اقتراح يتعلق بإعداد مشروع دستور لجمهورية جديدة، ويقدم هذا المشروع إلى رئيس الجمهورية».

ففي أعقاب الاجتماع الذي عقدته مؤخراً الهيئة الإدارية الوطنية لاتحاد الشغل صدر بيان لعله الأعلى لهجة في إعلان الاختلاف مع الرئاسة حول عدد من النقاط الجوهرية، السياسية والنقابية والاقتصادية والمعيشية.

في الطليعة جاء رفض مرسوم تشكيل الهيئة الاستشارية لأنه «لم ينبثق عن تشاور أو اتّفاق مسبق ولا يرقى إلى التطلّعات الوطنية ولا يستجيب إلى انتظارات القوى الوطنية الصادقة»، ولا يساهم في «بناء مسار تصحيحي يُرسي ديمقراطية حقيقية يكون للعدالة الاجتماعية المحل الرئيس فيها».

ليس أقل أهمية ما جاء في البيان تالياً من رفض «لأيّ حوار شكلي متأخر متعجل تُحدد فيه الأدوار من جانب واحد وتُفرض فرضاً ويقصي القوى المدنية والسياسية الوطنية»، و«يُراد منه تزكية نتائج معدة سلفاً يتمّ إسقاطها بشكل فردي وفرضها على طريقة المرور بقوّة وفرض الأمر الواقع».

وقد لا يبالغ المراقبون إذا لمسوا في هذه النبرة الجديدة ملامح فضّ «الشراكة»، أياً كانت مساعي سعيّد لرأب الصدع.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

تونس، الاتحاد العام التونسي للشغل، شراكة، قيس سعيّد، حوار، نور الدين الطبوبي، حل البرلمان،

خبراء: تعليق أمريكا مساعدات لتونس يفتح الباب لدعم خليجي أو روسي

الاتحاد التونسي للشغل يدعو لإضراب عام في 16 يونيو المقبل