سلطنة عُمان في المشهد الخليجي

الثلاثاء 2 سبتمبر 2014 10:09 ص

تسعى سلطنة عمان إلى تجنب سياسة المحاور، وتحرص على عدم التورط في أي صراعات إقليمية. لكنّ خروجها من عزلتها في منطقة تبدو مضطربة ويغلب عليها الصراعات يجعل خطواتها شديدة الحذر.

انضمت سلطنة عُمان إلى مجلس التعاون الخليجي في أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979، والتي أزعجت زعماء العراق والكويت والسعودية؛ فقد كان لظهور الراديكالية الشيعية وسيطرتها على حكومة دينية ودعوتها إلى إسقاط الأنظمة الملكية واستبدالها بجمهوريات إسلامية كل ذلك كون انطباعات سلبية لدى الأنظمة العربية في الجوار الإيراني، خاصة مع وجود أقليات شيعية في كل تلك البلاد.

  ساعد انضمام عُمان إلى مجلس التعاون الخليجي على تقوية العلاقات بين مسقط والرياض بعد أن اتسمت بشئ من التوتر في بداية السبعينيات. لكن عُمان استمرت في  فتح قنوات العلاقة  مع طهران رغم التنافس السعودي الإيراني، واستغلت مسقط هذه العلاقة من خلال استضافة محادثات سرية بين إيران والغرب.

وتعزى حالة الاستقرار والأمان التي تعيشها عمان منذ ما يقارب من 40 عاما أيضا إلى إدارة السلطان «قابوس بن سعيد».

حيث سمحت إدارة السلطان «قابوس» الهادئة للسياسة الخارجية لمسقط بتحقيق توازن دقيق مكنتها من عدم الانخراط المباشر في الأزمات. ويشارك السلطان الذي يعاني حاليا من مشكلات صحية بشكل مباشر في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية والأمنية في السلطنة، كذلك فإنه يتحكم في إدارة  السلطة وصنع القرار في كل القطاعات.

وبالنظر إلى أبرز مواقف عُمان من الأحداث الجارية فإن من أهم ما جاء في هذا السياق الرفض العماني لفكرة الاتحاد الخليجي الذي اقترحته السعودية، حيث جدد الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان «يوسف بن علوي»، رفض بلاده لتحول دول الخليج من مرحلة التعاون إلى الاتحاد، معتبرا أن دول الخليج “غير مؤهلة” لهذا التحول.

بل إن عمان ترى أن هذه الفكرة عفى عليها الزمن وباتت غير قابلة للتطبيق، وفي حال إعلان الاتحاد الخليجي فإن مسقط أعلنت أنها لن تنضم إليه.

وحول انضمام الأردن والمغرب ومصر إلى الاتحاد الخليجي ترى عمان في هذه الخطوة تفكيكا لكيان الجامعة العربية .

ومن أهم ميز دور عُمان المستقل عن دول الخليج وساطتها السرية بين الولايات المتحدة وإيران وعدم إبلاغها لأي من دول الخليج بهذا الدور، مبررة أن هذا الأمر لا يخص سوى طرفي التفاوض!

أما بخصوص الحديث عن وساطة عمانية بين السعودية وإيران فإن مسقط لا ترى أن هناك حاجة لذلك مع تأكيدها الاستعداد للقيام بدور التقريب بينهما،  (هذه المهمة تبدو الكويت أقرب إلى التعامل معها). كذلك نأت عمان بنفسها عن الخلاف الخليجي الداخلي مع قطر وحاولت المحافظة على علاقات جيدة مع الجميع.

وفي سياق هجوم بعض دول الخليج على جماعة الإخوان المسلمين لم تنخرط عمان في الهذا الهجوم بشكله العنيف حيث قال «بن علوي» إن بلاده لا تعترف بالإخوان كتنظيم ولا تعرف عنهم الكثير، وتتعامل معهم كمواطنين عاديين فالعمانيون هم العمانيون، إخوان مسلمون، سنة وشيعة، كلهم يحكمهم القانون، ولا نحاسب على الفكر ولا نتدخل فيه وهذه قاعدة عندنا، فنحن دولة مدنية ولسنا دولة مذهبية أو حزبية. على حد قوله.

وبخصوص الوضع في سوريا فإن عمان تتحفظ على كثير من قرارات الجامعة الدول العربية ولسياسات بعض دول الخليج دون الإشارة المباشرة لذلك وترى أنه كان يمكن مساعدة السوريين بطرق أخرى، معتبرة أن طهران ليست وحدها من يشارك في حرب أهلية في سورية بل ضمن أطراف خارجية كثيرة.

ينبغ هدوء السياسة العمانية دائما من تحفظها وتخوفها من المخاطر الداخلية والخارجية فهي تفضل الاستقلال والبعد عن المحاور والبعد عن الصراعات، وهو أحد أسباب رفضها للاتحاد الخليجي حيث ترى أن الهدف منه هو المواجهة مع إيران وهي لا تريد أن تفقد مصالحها من استمرار العلاقة الجيدة مع طهران.

وفي نفس الوقت تحاول مسقط إعلان رفضها لفكرة الاتحاد وتسعى في نفس الوقت لئلا يحدث هذا الرفض إشكالات مع السعودية. بالرغم من أن جهات سعودية هددت بقطع الدعم الخليجي عن مسقط في حال غادرت مجلس التعاون.

لم تبد عمان تحفظها تجاه الوضع في مصر منذ الانقلاب العسكري، وحتى ترشح «السيسي» للانتخابات وأرسلت وفدا لحضور مراسم تنصيبه في القاهرة  وقد ضم الوفد الرسمي لسلطنة عمان: «يوسف بن علوي بن عبد الله»، الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية، والدكتور «عبد الله بن محمد السعيدي»، وزير الشؤون القانونية، والسفير الشيخ «خليفة بن علي الحارثي»، سفير سلطنة عمان لدى مصر ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية.

تحاول سلطنة عُمان قدر استطاعتها تحقيق مصالحها دون الدخول في أي نزاع، غير أن الموازنة بين  خروجها من سياسة العزلة من ناحية والنأي بنفسها عن إرادات الآخرين من ناحية أخرى لا يعني بالضرورة قبول الآخرين بذلك، خاصة وهي بين قوتين إقليميتين يتمتعان بثقل جيوسياسي لا يمكن للسلطنة تجاوزه. لهذا ستظل تحافظ على سياسة شد وإرخاء حبالها السياسية وفق تطورات الأحداث وبما يخدم مصالحها وفق تصوراتها.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سلطنة عمان مجلس التعاون

سلطنة عمان تناهض الهيمنة السعودية بخط أنابيب غاز إيراني