هكذا عززت التطورات الجيوسياسية التقارب بين روسيا وإيران

الخميس 21 يوليو 2022 06:23 م

قبل يومين، زار الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" طهران والتقي بنظيريه التركي "رجب طيب أردوغان" والإيراني "إبراهيم رئيسي"، وكان العنوان الرئيسي لهذه الزيارة هو سوريا، لكن وسط الصراع الموسع مع الغرب، لا تبدو سوريا مهمة بما يكفي لدفع "بوتين" للقيام بواحدة من الرحلات القليلة التي يقوم بها إلى الخارج خلال الأشهر الماضية.

وجاءت زيارة "بوتين" بعد زيارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" إلى المنطقة؛ لذلك يجب أن يُنظر إليها في سياق أوسع. فمنذ اندلاع حرب أوكرانيا، أصبح دور طهران في مباراة الشطرنج الاستراتيجية بين روسيا والغرب حاسمًا بالنسبة لسياسات موسكو المتعلقة بالأمن والطاقة والجغرافية الاقتصادية.

وتعد العلاقات الاستراتيجية بين موسكو وطهران؛ نتيجة لتفاهم مشترك بين "بوتين" والمرشد الأعلى الإيراني "علي خامنئي" بشأن الحاجة إلى مواجهة المحاولات الغربية لفرض نظام إقليمي محابي للغرب. وتجسد هذا التفاهم في تعاونهما العسكري في سوريا للحفاظ على حكومة "بشار الأسد" ومنع تغيير النظام من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين والإقليميين.

ويُظهر موقف القيادة الإيرانية من حرب أوكرانيا أن التعاون في سوريا لم يكن حالة استثنائية؛ فمنذ الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية أصبحت العلاقة بين موسكو وطهران أكثر عمقا. وينظر "بوتين" الآن إلى إيران على أنها حليف مهم ضد الغرب، ووصف علاقاتهما الثنائية مؤخرا بأنها "عميقة" و"استراتيجية".

وقد نسقت الدولتان محاولاتهما لمواجهة العقوبات الغربية. وبعد زيارة "رئيسي" إلى روسيا في يناير/كانون الثاني، بدأت طهران وموسكو تعاونا اقتصاديا مكثفا. وزادت الحرب الأوكرانية والعقوبات على روسيا من أهمية طهران بالنسبة لموسكو التي فتحت أبواب الاقتصاد الروسي أمام الدولة الإيرانية الخاضعة للعقوبات.

وللالتفاف على العقوبات، وافقت روسيا مؤخرا على نقل 10 ملايين طن من البضائع عبر "الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب"، الذي يربط مومباي بموسكو عبر إيران وأذربيجان، ويمكن أن يكون ذلك مصدرا كبيرا للإيرادات بالنسبة لإيران.

كما تسعى روسيا لاستئناف عقود تطوير صناعة النفط والغاز الإيرانية (تم تعليقها سابقا نتيجة العقوبات الأمريكية بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي) وبيع أنظمة دفاع جوي وطائرات مقاتلة متطورة لإيران.

في الوقت نفسه، عرضت إيران مساعدة روسيا في الالتفاف على العقوبات المتعلقة بالحرب، كما تسعى إلى بيع طائرات بدون طيار لموسكو والمساعدة في تدريب القوات على كيفية استخدامها. ويشير هذا التعاون العسكري والاقتصادي إلى أن إيران وروسيا يعتقدان أن التعاون المكثف يمكن أن يخفف من حدة العقوبات المفروضة على كل منهما.

وبالإضافة إلى مناقشة مواقفهما المتقاربة بشأن الاقتصاد العالمي والحرب في أوكرانيا والاتفاق النووي، من المتوقع أن "بوتين" و "رئيسي" تحدثا عن وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية التجارة الحرة بين إيران وروسيا (مدتها 20 عاما)، والاتفاقية المرتقبة بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، واستكمال انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون.

وبالرغم أن الرأي العام الإيراني لا يزال يحمل نظرة سلبية تجاه روسيا، إلا أن وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة تبذل جهودا مكثفة لتغيير هذه النظرة، وتقدم برامج تهدف إلى تصوير روسيا في عهد "بوتين" على أنها مختلفة عن سابقتها ويمكن أن تساعد في مواجهة التهديد الغربي.

وتحتاج إيران إلى دعم روسيا الدبلوماسي والعسكري للحفاظ على مستوى موثوق من الردع ضد الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وفي مواجهة المبادرات الجماعية مثل "تحالف الدفاع الجوي في الشرق الأوسط" والتهديدات الإسرائيلية، وتأمل إيران في الحصول على أسلحة روسية متطورة، بما في ذلك الرادارات والمقاتلات.

واعتبرت وسائل الإعلام الموالية للحكومة الإيرانية أن شبكة الدفاع الجوي الإقليمية تهديد مباشر لأمن إيران، وقالت إن طهران "سترد بشكل حاسم على أقرب الأهداف وأكثرها سهولة". ويتوقف ذلك بالتأكيد على آمال الدعم الدبلوماسي والعسكري الروسي.

من هذا المنظور، سيتوجب على موسكو تزويد طهران بالأسلحة المطلوبة مقابل المساعدة الإيرانية في الحفاظ على القواعد الروسية (حيث غادرت القوات الروسية للقتال في أوكرانيا) وتعزيز القوة الجوية التكتيكية للقوات الروسية بالمسيرات الإيرانية.

وتقدم حكومة "رئيسي"، التي تتضمن استراتيجيتها تطوير العلاقات مع روسيا والصين والدول المجاورة، زيارة "بوتين" لإيران كنتيجة رمزية للدبلوماسية مع القوى غير الغربية. كما أن وجود "بوتين" في إيران يعزز بشكل كبير موقف المحافظين ضد المعتدلين الذين انتقدوا زيارة "رئيسي" إلى روسيا في وقت سابق من هذا العام.

ويعد هذا جزء من نفس الرسالة التي يريد "بوتين" إرسالها؛ حيث يريد التأكيد على أنه لا يزال قائدا قويا، ولن يسمح بترتيبات إقليمية -من أوروبا الشرقية إلى جنوب القوقاز وآسيا الوسطى والشرق الأوسط- لا تراعي مصالح روسيا. وكما أشار وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف"، فإن طهران "ستقدم مساهمة كبيرة" في "النظام العالمي الناشئ متعدد الأقطاب".  

المصدر |  فردين افتخاري/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بوتين رئيسي العلاقات الإيرانية الروسية العقوبات أوكرانيا

نيويورك تايمز: بوتين يرد على بايدن بزيارة إيران

الكرملين: بوتين بخير ولا صحة لشائعات تدهور صحته

دروس التاريخ تكشف هشاشة التقارب الروسي الإيراني

استراتيجية مقايضة.. ماذا وراء التقارب العسكري بين روسيا وإيران؟