استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

دول الحرب وديموقراطيات الخوف

الاثنين 28 ديسمبر 2015 07:12 ص

لا مناص من الإقرار بأن السنة المنصرفة قد اتسمت بموجة من العنف الدموي غير مسبوقة في وتيرتها وحجمها وأثرها واتساع مجالها، تراوحت بين عمليات الإرهاب التي عرفتها العديد من الساحات العربية والغربية، وكان أكثرها إثارة اعتداءات باريس في نوفمبر الماضي، ومعارك الحروب الأهلية والفتن الداخلية التي تركزت داخل العالم العربي واقتضت بناء تحالفات إقليمية لدرء مخاطرها المحدقة بالمنطقة.

وفي الحالتين، برزت أسئلة جذرية جديدة تتعلق بطبيعة الدولة ونمط حاكميتها وآليات تدبيرها الإجرائية، لعل أبرزها السؤال التالي:

كيف تدار السياسة في دولة تمزقها الحروب الأهلية والفتن الداخلية، كما هو شأن عدد متزايد من البلدان العربية، بعضها انهارت فيه البنيات المركزية للسلطة والبعض الآخر تقلصت فيه قدرة الأجهزة الحاكمة على ضبط المجال الإقليمي وتسيير شؤون السكان؟

في الحالة الأولى، يختل البناء السياسي بالكامل وتظهر أشكال متعددة من الحاكمية المشتتة وفق تفصيلات وتجزيئات الجغرافيا السياسية المنفجرة، وفي الحالة الثانية تتلخص المهمة السياسية للدولة المأزومة في إدارة الحرب لاستعادة وحدة الجسم السياسي والكيان الأرضي..

وتشكل الحالة الليبية مثالاً للنموذج الأول، وتشكل الحالة اليمنية (الدولة الشرعية في عدن) مثالاً للنموذج الثاني، وفي الأوضاع العراقية والسورية والصومالية التباسات وتداخل بين المشهدين، وفي العديد من الدول العربية الأخرى المنخرطة في أتون حروب الإرهاب - وإن كانت لا تزال متماسكة - بعض سمات النموذج الأول على مستوى آليات التدبير السياسي.

ما نعيشه بالفعل هو تغير كامل في طبيعة العقل السياسي وشكل العلاقة بين السلطة والمجتمع وأنماط الشرعية والتمثيل، بما لا يمكن اختزاله في إشكالية الانتقال السياسي من الأحادية الاستبدادية إلى الديمقراطية التعددية، كما هو الخط المألوف في دراسات وأبحاث العلوم السياسية السائدة.

الواقع أن الحركية السياسية لا تتمحور راهناً حول ثنائية السلطة الأوتوقراطية الفردية والديمقراطية التعددية، باعتبار أن البناء السياسي نفسه منهار والجهاز العمومي مشلول والفضاء الإقليمي متصدع، ولذا فإن المهمة الأولى المنوطة بالفعل السياسي هي تأمين وحدة الإقليم وتدعيم الكيان الجماعي وتوثيق أركان النسق الإداري المركزي للدولة، لكي تغدو مؤهلة لإدارة التنوع الاجتماعي والسياسي سلمياً.

وفي البلدان الديمقراطية الغربية تحول مشابه وإن اختلفت الآليات والنتائج، إثر التغيرات الجوهرية التي مست شكل الدولة وأداءها وأنماط تدبيرها للسكان وإن كانت استمرارية الدولة ذاتها غير مهددة (رغم تزايد المطالب الانفصالية في الكثير من الساحات الأوربية).

ومع تزايد المخاطر المتولدة عن الإرهاب وفي مواجهة حركة الهجرة غير الشرعية ومطالب اللجوء الكثيف (من ضحايا مآسي الحروب والمجاعات والكوارث الطبيعية والمناخية)، أعادت الدول الديمقراطية الغربية آلياتها التدبيرية للسكان والإقليم وفق مقتضيات الأمن التي تحولت إلى مركز الفعل السياسي.

لقد اعتبر الفيلسوف الإيطالي جورجيو اغامبن أن ما تعيشه الديمقراطيات الغربية هو الانتقال من نموذج «دولة القانون» إلى «دولة الأمن»، أي من منطق الدولة من حيث هي تعبير عن الكيان الجماعي الحامي من الفتنة والتفكك (نموذج ماكيافيلي -هوبز) إلى منطق الأمن، بمعنى إدارة الخوف لا الخروج السياسي الآمن من شبح الرعب.

فإذا كانت الدولة تقوم على إدارة العنف، فإن الخشية قائمة من أن تحافظ من خلال آليات الرقابة والوقاية وإجراءات الطوارئ على أجواء الخوف والرعب لكي تستمر في أداء وظيفتها، الأمر الذي تنتج عنه نتيجتان أساسيتان حسب اغامبن هما:

أولاً: تغير منزلة المواطن الذي لم يعد محور السيادة والشرعية بل غدا مهدداً بفقدان أهليته السياسية، ولا تتجاوز مشاركته في الشأن العام التصويت الموسمي في الاستحقاقات الانتخابية. وقد أثبتت تجارب العصر النازي والفاشي أن المجتمعات التي تموت فيها الحياة السياسة لا يبقى فيها من الفاعلية السياسية سوى تأجيج مشاعر العداء والعنصرية تجاه «الغريب»، سواء أكان من المكونات الداخلية (مثل اليهودي سابقاً والمسلم اليوم في بعض الأوساط اليمينية المتطرفة) أو من الخارج كالمهاجر حالياً.

ثانياً: تغير معايير ضبط الحقيقة العمومية حتى بمفهومها القانوني الضيق، بحيث تستبدل اليقينيات البرهانية بالتمثلات العامة والأحكام المسبقة التي يبثها الإعلام السيار المنفلت من كل رقابة ويلوكها الساسة بعد أن أصبحت السياسة فن الإغراء والإغواء لا فن الإقناع والتداول العمومي الحر.

المشهد البارز في أفق السنة الجديدة هو قيام دول الحروب في الشرق الأوسط وديمقراطيات الخوف في الغرب.

* د. السيد ولد أباه أكاديمي موريتاني.

  كلمات مفتاحية

الحرب الخوف 2015 العنف الإرهاب الغرب هجمات باريس الحروب الأهلية

ملهاة الحرب على «داعش»!

الدعوة إلى حرب مذهبية

الإعلام اليمني: الحرب الخلاقة!

سوريا: حيث يُسحق العقل في حمى الاندفاع نحو الحرب

الحرب على الإرهاب.. وتأجيج «الإسلاموفوبيا»!

سحر شعارات الديمقراطية الزائف