مشروع دستور تونس.. وصفة لمزيد من الاضطرابات

الاثنين 25 يوليو 2022 05:01 م

توجه التونسيون صباح الإثنين إلي مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على مشروع دستور يمنح الرئيس "قيس سعيد" سلطات واسعة.

والشهر الماضي، صدرت مسودة الدستور وسط أزمات اقتصادية وسياسية حادة تقوض شرعية السلطات الحاكمة. وسرعان ما أثارت هذه المسودة غضب النخب التي انتقدت محاولة تأسيس نظام الرجل الواحد، دون أي ضوابط وتوازنات مؤسسية.

وبعد أيام، أصدر "سعيد" مسودة منقحة "لتصحيح بعض الأخطاء" في النص الأصلي. وفي حين تم تحسين النص إلى حد ما، بما في ذلك تخفيف لغة القيود المفروضة على الحقوق والحريات، فإن المضمون هو نفسه إلى حد كبير؛ حيث يكرس حكم الفرد الواحد.

وتستحضر المقدمة دستور عام 1861 الذي جرى كتابته خلال الفترة الأولى من الملكية الدستورية في تونس، وليس دستور عام 1959 أو 2014 اللذين وضعا بعد نضالات شعبية وبدأت مقدمتهما بعبارة "نحن الشعب التونسي" (بدلا من الإشارة إلى "ممثلي الشعب التونسي") وتنتهي بشعار "الشعب يريد".

وتؤيد المسودة الجديدة الطابع الرمزي للرئيس باعتباره لا يمثل "الشعب" فحسب، بل يجسدهم في الواقع.

ونشرت الرئاسة التونسية مؤخرًا بيانًا ركز على تصحيح مسار التاريخ، والانتقام من الفاسدين الذين سرقوا الثروة من الشعب، في محاولة لإعطاء دفعة للحالة الشعبوية التي أطلقها "سعيد".

وتنصل رئيس لجنة صياغة الدستور "صادق بلعيد" من المسودة الأولى التي أعادت إشعال التساؤلات والجدل حول العلاقة بين الإسلام والدستورية.

وينص المشروع الجديد على ما يلي: "تونس جزء من الأمة الإسلامية، والدولة وحدها هي التي تعمل على تطبيق مقاصد الشريعة الإسلامية في الحفاظ على الحياة والشرف والمال والدين والحرية".

وتمت إضافة عبارة "في ظل نظام ديمقراطي" إلى النسخة المعدلة من المسودة. وتعد هذه الصياغة غير متوقعة؛ حيث أعلن "بلعيد" في وقت سابق أن الإشارات إلى الإسلام ستزال من الدستور.

وبالرغم من أهمية الجدل حول موضع الشريعة من الحكومة، إلا أن هذا لا ينبغي أن يصرف الانتباه عن التغييرات الأكثر أهمية في النظام السياسي للبلاد.

وفي حال إقرار هذا الدستور، فإنه سيعزز قبضة رئيس شمولي ويضعف القضاء ويقيد الفروع الأخرى للدولة. ويعطي الدستور الجديد الرئيس حق الانتخاب لفترتين كل منهما 5 سنوات، والتي يمكن تمديدها في حالة وجود "خطر وشيك" غير محدد.

بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن إنشاء مؤسسة جديدة تسمى "مجلس للجهات والأقاليم" تم على عجل، دون الاهتمام بالتفاصيل؛ حيث أن النص لا يحدد بوضوح صلاحياتها أو علاقتها بمجلس نواب الشعب (البرلمان).

كما أن مسودة الدستور لا تتضمن موعدًا للانتخابات؛ حيث تنص فقط على أن أحكام المرسوم الرئاسي 117، الذي صدر العام الماضي لتعليق عمل البرلمان ومنح "سعيد" صلاحيات استثنائية، سيستمر تطبيقها حتى تنظيم الانتخابات.

ويمهد ذلك الطريق لاستمرار المرحلة الاستثنائية الحالية إلى أجل غير مسمى.

وتقدم المسودة أيضًا تدابير تسمح باستدعاء النواب، وهو أمر يمكن أن يتحول في سياق التوترات المجتمعية والسياسية المتزايدة إلى أداة للانتقام أو الابتزاز.

في غضون ذلك، تم تقسيم أعلى هيئة قضائية في البلاد (مجلس القضاء الأعلى)، وإضعاف المحكمة الدستورية إلى حد كبير؛ حيث اقترح الرئيس قصر أعضائها على القضاة الذين يعينهم بشكل مباشر.

ولم يتطرق مشروع الدستور ولا الرئيس نفسه إلى السؤال: ماذا سيحدث إذا تم رفض المشروع في الاستفتاء؟

توجد عدة فرضيات، بما في ذلك رئاسة مؤقتة من قبل رئيسة الوزراء "نجلاء بودن" وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، أو استفتاء جديد على مسودة جديدة بعد موافقة "بلعيد".

في الوقت نفسه، تحشد مجموعات بارزة مثل الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ضد مشروع الدستور الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه اعتداء كبير على الحقوق المدنية والسياسية.

المصدر | آية جراد/ ميدل إيست آي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تونس دستور تونس استفتاء تونس قيس سعيد

دستور تونس.. نسب مشاركة متدنية بالخارج في أول أيام الاستفتاء (فيديو)

قبل استفتاء الدستور.. هكذا أحكم رئيس تونس قبضته على السلطة

سعيد مستبقا نتيجة استفتاء الدستور: تونس على أعتاب "مرحلة جديدة"

المشاركة "ضعيفة".. واشنطن متخوفة من أضرار استفتاء تونس