إيران والعراق.. علاقات ملتبسة وسط بيئة جيوسياسية معقدة

الخميس 11 أغسطس 2022 01:46 م

هناك العديد من الديناميكيات التي تؤثر في طبيعة العلاقة بين العراق وإيران، ولا يمكن تفسير بعض التطورات دون استيعاب الصورة الكبيرة لهذه العلاقة المعقدة، التي يؤثر فيها عدد من العناصر والفاعلين الإقليميين والدوليين.

ويعد العراق ساحة مركزية من وجة نظر الأمن القومي الإيراني، لذلك تركز سياسة طهران على منع العراق من أن يصبح معاديًا كما حدث خلال حرب 1980-1988. وفي حين أن إيران أصبحت أكثر نفوذاً مما كانت عليه نتيجة الإطاحة الأمريكية بـ"صدام حسين" في عام 2003، فإن إيران لا تملي دائمًا السياسة العراقية بالرغم أنها تدعم الحكومات الصديقة لطهران من كتل يهيمن عليها الشيعة.

وتشعر إيران بقلق متزايد من الانقسامات داخل الكتلة الشيعية العراقية والتي يمكن أن تقوض النفوذ الإيراني. ومن الجدير بالذكر أن التنسيق بين مختلف الميليشيات الشيعية تقلص بعد مقتل قائد فيلق القدس قاسم "سليماني" والقائد في الحشد الشعبي العراقي "أبومهدي المهندس" في غارة أمريكية عام 2020. وقد تخلق وفاة "السيستاني" فراغًا كبيرا بين الشيعة المتدينين.

ولا تزال العلاقات التجارية بين العراق وإيران غير متوازنة، حيث تتجاوز الصادرات الإيرانية إلى العراق 8 مليارات دولار في السنة بينما الصادرات العراقية إلى إيران لا تتجاوز المليار دولار. وبدلاً من رؤية هذا التناقض كعلامة على الهيمنة الإيرانية، يعتقد البعض أن هذه البيانات تظهر نقص التنويع والبنية غير المستدامة للاقتصاد العراقي. 

أما السعودية، فبدلا من أن تكون لاعبا مهما في العراق يوازن النفوذ الإيراني، فقد سعت بغداد للعب دور الوسيط بين السعودية وإيران، وهو ما يتجلى في المحادثات الأخيرة بين البلدين على الأراضي العراقية.

 ومن الضروري بالنسبة لإيران والسعودية معالجة خلافاتهما السياسية مع قبول حقيقة أن البلدين لا يمكنهما القضاء على نفوذ بعضهما البعض في المنطقة، لكن قد يكون من الصعب مواصلة الوساطة العراقية بين إيران والسعودية إذا تم تعيين رئيس وزراء عراقي جديد نظرا للثقة العميقة التي طورها السعوديون مع رئيس الوزراء المؤقت "مصطفى الكاظمي".

وتعد الطاقة عنصرا رئيسيا في العلاقة بين العراق وإيران. ولسنوات، اعتمد العراق على الغاز الإيراني لإبقاء الأضواء مضاءة، لكن إيران لديها طلب داخلي متزايد، ما أثر على الإمدادات إلى العراق، وسط استمرار العقوبات الأمريكية. ويمكن أن يلعب مجلس التعاون الخليجي دورا في تأمين الكهرباء للعراق ومنع الانقطاعات الموسمية. ويعد تكامل شبكة الكهرباء ضروري للتنمية الإقليمية، لكن لا ينبغي تسييسها أو استخدامها كبديل للاعتماد على الذات، ويجب أن يظل التركيز على تطوير القدرات الداخلية العراقية.

ويعد التنافس الإيراني التركي حاضرا على الساحة العراقية، وتعتبر إيران أي تقارب من مكون عراقي مع الجانب التركي تهديدا لها، وقد يؤثر ذلك على علاقة هذا المكون بإيران، ويرى مراقبون أن الهجمات التي تتعرض لها القوات التركية في العراق تأتي بتوجيه وإشراف من إيران على المليشيات العراقية المحلية.

ويلعب النفوذ الإسرائيلي دورا مهما أيضا خاصة في إقليم كردستان العراق. وانخرطت إيران وإسرائيل في كردستان قبل الثورة الإيرانية عام 1979 وساهم الموساد والمخابرات الإيرانية "سافاك" في إنشاء وكالة المخابرات الكردية. ولاحقا، تخلت إيران عن الأكراد بعد توقيع "اتفاقية الجزائر" للحصول على تنازلات إقليمية من "صدام".

وتعد علاقة إسرائيل بالأقليات في جميع أنحاء الشرق الأوسط جزءًا من إستراتيجية "الأطراف" التي كانت تتبناها إسرائيل قبل اتفاقيات "إبراهيم". وفي حين قبلت إيران قبلت ببعض النفوذ التركي والروسي في كردستان، فإنها رفضت بشدة الانخراط إسرائيلي في العراق الذي أقر قانونا مؤخرا يجرم التطبيع مع إسرائيل.

ويدفع العراقيون أيضا جزءا من فاتورة صراع النفوذ بين إيران والولايات المتحدة على الأراضي العراقية. ويصل هذا الصدام ذروته مع كل تشكيل لحكومة عراقية جديدة بعد الانتخابات. وخلال فترات سابقة، كان هناك تركيز على إنهاد الوجود الأمريكي في العراق، لكن التواجد الأمريكي المحدود حاليا لم يعد أولوية عراقية حيث قد يدعم هذا التواجد المحدود تحقيق توازن ضد كل من إيران وتركيا.

وفي كل الأحوال، ستغادر القوات الأمريكية العراق في نهاية المطاف، لكن واشنطن ترى أن ذلك يتطلب فترة انتقالية حتى لا يقع العراق فريسة للقوى الإقليمية والدولية. 

المصدر | ماريا سميث | أتلانتك كاونسل - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العراق إيران كردستان بغداد الحكومة العراقية المليشيات الشيعية

إيران والعراق يوقعان أول اتفاقية طويلة الأمد بمجال الكهرباء

العراق لإيران: أجرينا مشاورات بقمة جدة حول التعاون الإقليمي

العراق.. الإطار التنسيقي يعلن اعتصاما مفتوحا في بغداد ويدعو للإسراع بتشكيل حكومة