المغرب وقضية الصحراء.. رسائل ملكية للأصدقاء والشركاء

الاثنين 22 أغسطس 2022 03:52 ص

المغرب وقضية الصحراء… رسائل ملكية للأصدقاء والشركاء

وجّه محمد السادس رسالة إلى "بعض الدول الشريكة للمغرب التي لا تؤيد بوضوح موقف الرباط إلى توضيح مواقفها".

توقيت الخطاب بحدث يتعلّق بالاستعمار الفرنسي، وزيارة ماكرون المرتقبة إلى الجزائر، تجعل من باريس الهدف الأول المحتمل لهذا الخطاب.

اعتبرا ملك المغرب قضية الصحراء هي "النظّارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم"، و"المعيار الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات".

يبدو أن الدبلوماسية المغربية وجدت دعما أمريكيا وأوروبيا وازنا فصارت أكثر اندفاعا في تطلّبها لمواقف غير ملتبسة ممن تعتبرهم شركاء استراتيجيين.

انتقد الريسوني "استعانة الدولة المغربية بإسرائيل في قضية الصحراء" واعتبرها "غلطا كبيرا" و"استعانة بسراب"، بينما المطلوب هو "الاعتماد على الشعب".

محاولة مغربية لموازنة الكفّة مع الجزائر التي تتخذ منذ استلام الرئيس عبد المجيد تبون منصبه مواقف متشددة تجاه المغرب والدول التي تقترب أكثر من موقفه.

رسائل الملك محمد السادس تقدم معيارا لحلفائه وشركائه الإقليميين والدوليين للتعاطي مع المغرب وفق موقفه من الصحراء كمبادرة محمولة على إحساس الرباط بمكاسبها الأخيرة.

*   *   *

في خطاب بمناسبة الذكرى 69 لبدء المقاومة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي للمغرب وجّه الملك محمد السادس رسائل عديدة يتوقّع أن تثير تداعيات عربية ودولية.

واحدة من الرسائل المباشرة كانت تثمينا من العاهل المغربي لتغيير اسبانيا موقفها من قضية الصحراء الغربية، التي كانت طرفا فيها منذ استعمارها للمنطقة الذي بدأ عام 1884 (وكانت حينها تدعى الصحراء الإسبانية!) وانتهى عام 1976 بمنحها السيطرة للمغرب وموريتانيا (التي انسحبت منها عام 1979)، وهو ما عناه الملك بقوله إن مدريد "تعرف جيدا أصل هذا النزاع وتعرف حقيقته".

مقابل هذه الرسالة الواضحة وجّه محمد السادس رسالة أخرى إلى "بعض الدول الشريكة للمغرب التي لا تؤيد بوضوح موقف الرباط إلى توضيح مواقفها"، معتبرا أن قضية الصحراء هي "النظّارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم"، و"المعيار الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات".

إضافة إلى اسبانيا، فقد دعمت السياسة المغربية نحو الصحراء كل من ألمانيا وهولندا والبرتغال ورومانيا وصربيا وهنغاريا وقبرص، وقامت ثلاثون دولة بفتح قنصليات في الصحراء الغربية.

توقيت الخطاب بحدث يتعلّق بالاستعمار الفرنسي، وبالزيارة المرتقبة التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر، تجعل من باريس الهدف الأول المحتمل لهذا الخطاب، بقصد تغيير الموقف السياسي التقليدي لفرنسا، والتي تكتفي بدعم الحكم الذاتي في المحافل الدولية من دون اعتماد صريح للموقف المغربي.

الأغلب أن الدبلوماسية المغربية، وقد وجدت دعما أمريكيا وأوروبيا وازنا صارت أكثر اندفاعا في تطلّبها لمواقف غير ملتبسة ممن تعتبرهم شركاء استراتيجيين.

كان لافتا، ضمن السياق العامّ لقضية الصحراء الغربية، قيام رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ أحمد الريسوني، خلال مقابلة تلفزيونية، بالحديث عن "استعداد المغاربة والعلماء والدعاة في المغرب للجهاد بالمال والنفس والزحف بالملايين إلى مدينة تندوف الجزائرية"، كما وصف وجود جمهورية موريتانيا بـ"الخطأ"، لأن "بيعة علماء موريتانيا للعرش العلوي في المغرب ثابتة".

حماس الشيخ لفكرة المغرب العربي الواحد، ودعوته لـ"زحف الملايين" نحو مدينة جزائرية، وتشكيكه بالكيانات السياسية الراهنة، مواقف أدت لردود فعل كبيرة في الجزائر وموريتانيا، وحتى في المغرب نفسه، الذي استنكر التصريحات، وانضافت لذلك تصريحات رسمية منددة جزائرية وموريتانية، كما تعرض لانتقادات الجمعيات الممثلة لعلماء الدين في كلا البلدين.

واضح أن الريسوني دخل عشّ دبابير سياسيا تكشف تداعياته الحادة عن مدى التعقيد والأوضاع الشائكة التي تحيط بموضوع الصحراء، حيث تشتبك العواطف الجياشة حول وحدة المغرب العربي، مع التخوم الدموية التي ساهمت في خلقها ظروف تاريخية، واستثمارات سياسية وعسكرية وأمنية، محلّية وعالمية، وقد أشار الريسوني إلى آخر هذه الاستثمارات، حيث انتقد "استعانة الدولة المغربية بإسرائيل في قضية الصحراء" واعتبرها "غلطا كبيرا" و"استعانة بسراب"، بينما المطلوب هو "الاعتماد على الشعب".

رسائل الملك محمد السادس، من جهة أخرى، تقدم معيارا سياسيا لحلفائه وشركائه الإقليميين والدوليين للتعاطي مع المغرب على أساس موقفه من الصحراء، وهي مبادرة محمولة على إحساس الرباط بمكاسبها الأخيرة، كما أنها محاولة لموازنة الكفّة مع الجزائر التي تتخذ منذ استلام الرئيس عبد المجيد تبون منصبه مواقف متشددة تجاه المغرب والدول التي تقترب أكثر من موقفه.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

المغرب الصحراء الغربية الملك محمد السادس الريسوني الجزائر فرنسا ماكرون

المغرب: كينيا تلغي اعترافها بـ"جمهورية الصحراء"

"الاشتباكات تتصاعد".. مجلس الأمن يناقش تقرير جوتيريش بشأن الصحراء الغربية