كيف تهدد موجة الجفاف أكبر اقتصاديات العالم؟

الاثنين 22 أغسطس 2022 12:29 م

تسبب موجات الجفاف هذا الصيف في أضرار لأكبر الاقتصادات في العالم، وأثرت على الصناعات بما في ذلك توليد الكهرباء والزراعة والتصنيع والسياحة.

وأدت موجة الجفاف إلى تعقيد إمدادات سلاسل التوريد وزيادة أسعار الغذاء والطاقة؛ ما زاد الضغط على نظام التجارة العالمي الذي يعاني أصلا من ضغوط جائحة "كورونا" والغزو الروسي لأوكرانيا.

وتشير الأمم المتحدة إلى ارتفاع عدد حالات الجفاف في جميع أنحاء العالم بنسبة 29% منذ عام 2000؛ بسبب تدهور الأراضي وتغير المناخ.

ويقول علماء في المناخ في الولايات المتحدة وأوروبا إن ظاهرة الاحتباس الحراري ضاعفت من حدة تأثير ظاهرة "النينا"، التي تتمثل في انخفاض درجات حرارة المياه بشكل مستمر في وسط المحيط الهادئ عند المنطقة الاستوائية.

وقالت المتخصصة في المناخ بالمركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي في الولايات المتحدة "إيسلا سيمبسون" إن الغلاف الجوي الأكثر دفئا يمتص مزيدا من الرطوبة من الأرض؛ ما يزيد من مخاطر الجفاف.

وعادة ما تستمر حلقات "النينا" من 9 إلى 12 شهرا، لكن هذه الحلقة في عامها الثاني، ومن المتوقع أن تستمر حتى فبراير/شباط 2023 على الأقل، وفقا لاستشارة حديثة صادرة عن الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي.

وفيما يعلي عرضا لأبرز التأثيرات الناتجة عن الجفاف على اقتصاديات الدول الكبرى:

أمريكا

ففي الولايات المتحدة تشير توقعات إلى فقدان المزارعين أكثر من 40% من محصول القطن.

ويقول المسؤولون في منطقة "ويستلاندز ووتر" في الوادي الأوسط، والتي تعد أهم منطقة زراعية في الولاية، إن ما يقرب من ثلث مساحة الأراضي الزراعية تُركت غير مزروعة هذا العام بسبب نقص المياه.

وفي 16 أغسطس/آب، أعلن مكتب الاستصلاح الأمريكي عن نقص في منسوب نهر كولورادو للعام الثاني على التوالي؛ مما أدى إلى قطع إلزامي للمياه في أريزونا ونيفادا والمكسيك.

كما أدت كتل الجليد الصغيرة في جبال سييرا نيفادا بكاليفورنيا إلى انخفاض حاد في إمدادات المياه في المنطقة موطن الصناعة الزراعية الأكبر في البلاد.

وقال "ويد نوبل"، المستشار العام لأربع مناطق ري في مقاطعة يوما بولاية أريزونا، وهو منتج رئيس للخضر: "يتوقع المزارعون أن تصل أرباحهم إلى حوالى 10% من صناعتهم التي تبلغ 3.4 مليارات دولار سنويا".

وأضاف "نوبل": "دخل المنطقة أقل والبيع والشراء في تراجع".

وكانت مقاطعة سيتشوان الجنوبية الغربية الأكثر تضررا جراء انخفاض هطول الأمطار، لكونها تعتمد بشكل كبير على الطاقة الكهرومائية لتوليد الكهرباء، في حين أدت درجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة الطلب على تكييف الهواء، ما يهدد بزيادة الحمل على شبكة الطاقة.

والأحد، فعّلت السلطات المحلية الاستجابة الطارئة الأعلى وسط أزمة إمدادات الطاقة، ومددت أمراً من الأسبوع الماضي إلى عدد من المصانع لإغلاق أو تقليص الإنتاج من أجل "ترك الكهرباء للسكان" حتى يوم الخميس؛ حيث من المقرر أن تنخفض درجات الحرارة مجددا.

الصين

أما في الصين التي تشهد الصين أطول موجة حر منذ عام 1961، فقد تسبب الجفاف في توقف مصانع في جنوب غرب البلاد عن العمل، بعد انخفاض منسوب الخزانات المستخدمة لتوليد الطاقة الكهرومائية.

وفي وسط وجنوب غرب الصين، أعلنت السلطات عن جفاف في 6 مناطق على مستوى المقاطعات التي شكلت مجتمعة ربع إنتاج الحبوب في الصين العام الماضي، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.

وكانت مقاطعة سيتشوان الجنوبية الغربية الأكثر تضررا من انخفاض هطول الأمطار؛ لأنها تعتمد بشكل كبير على الطاقة الكهرومائية لتوليد الكهرباء.

وأدت درجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة الطلب على تكييف الهواء؛ مما يهدد بزيادة الحمل على شبكة الطاقة.

وفي 19 أغسطس/آب، أصدرت الصين أول تحذير وطني للجفاف هذا العام في الوقت الذي تكافح فيه السلطات حرائق الغابات، وتحشد فرقا متخصصة لحماية المحاصيل من درجات الحرارة المرتفعة في حوض نهر اليانجتسي، حسب "رويترز".

وتسببت تلك الأزمات في تداعيات على عدد من الشركات العالمية المصنعة والموجودة في الصين، حسب "وول ستريت جورنال".

وقد أثرت القيود، على الرغم من محدوديتها، في عدد من الشركات المصنعة العالمية مثل شركة "فوكسكون تكنولوجي" المحدودة لتصنيع الأجهزة التابعة لشركة "أبل"، و"فولكس فاجن إيه جي"، و"تويوتا موتور كورب"، وكذلك الشركات المصنعة لأملاح الليثيوم والأسمدة والمعدات الكهروضوئية في مواقع الإنتاج.

وطلبت شركة "تيسلا إنك" من حكومة شنجهاي المساعدة في ضمان حصول مورديها على إمدادات كافية من الكهرباء وسط أزمة الطاقة، قائلة إن 16 منهم لم يكونوا قادرين على الإنتاج بكامل طاقتهم، وفقا لرسالة حكومية وأشخاص مطلعين على الأمر.

أوروبا

وفي أوروبا، تجري الأنهار مثل الراين وبو في إيطاليا، التي تعمل كشرايين للتجارة، عند أدنى مستوياتها التاريخية؛ مما يضطر المصنعين إلى وقف الشحنات.

وأدى انخفاض منسوب الأنهار إلى خفض توليد الطاقة الكهرومائية في جميع أنحاء القارة؛ ما أثر في مصدر رئيس بديل للغاز الطبيعي، الذي هو أقل عرضاً مع تقليص روسيا للتدفقات.

في حين أجبرت الحرارة فرنسا على خفض الإنتاج في عديد من المفاعلات النووية؛ لأن مياه النهر التي تبردها دافئة للغاية.

وتخطط ألمانيا، المستهلك الأكبر للغاز الروسي في أوروبا، لحرق مزيد من الفحم بدلا من الغاز لتوليد الكهرباء، لكن المستويات المنخفضة على نهر الراين تعرقل الشحنات، وفقا لـ"وول ستريت جورنال".

ويقول كبير الاقتصاديين الأوروبيين في مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" في لندن "أندرو كينينجهام": "كل شيء يضر بألمانيا أكثر من أي مكان آخر"، وفقا لـ"وول ستريت جورنال".

أما في إسبانيا، فمن المتوقع انخفاض محصول زيت الزيتون بما يصل إلى الثلث.

كما يمكن أن يصبح تأثير الجفاف الممتد وموجات الحرارة في قطاعات مثل السياحة والتصنيع والزراعة عبئاً طويل الأجل على التصنيفات الائتمانية للحكومات في جميع أنحاء جنوب أوروبا، وفقاً لخدمة المستثمرين من "موديز".

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

الجفاف اقتصاد الحرب الروسية كوفيد اوروبا الصين أمريكا

خبراء: جفاف 3 أنهار يفاقم أزمة الطاقة في أوروبا

الجارديان: أسوأ جفاف منذ 1200 عام يضرب إسبانيا والبرتغال

في ظل موجة الحر.. نصف أراضي الصين تعاني الجفاف

الصين.. أعلى مستوى تأهب في أكبر بحيرة بسبب الجفاف

20 مرة على الأقلّ.. التغيّر المناخي زاد من احتمالات حدوث الجفاف

بين الطقس الحار وثنائية الأمن البيئي والغذائي.. دول الخليج بحاجة لاقتصاد مستدام