بعد تفجير جسر القرم.. هل ينفذ بوتين تهديده باستخدام النووي؟

الاثنين 10 أكتوبر 2022 10:25 ص

توشك قواعد الاشتباك بين روسيا وأوكرانيا على أن تتغير، ومن المتوقع أن تنتقل الحرب بين الطرفين إلى مرحلة أكثر عنفا، بعد الانفجار في جسر القرم الاستراتيجي الذي سبق وأن هددت كييف بتدميره واعتبرت أنه "الهدف الأول" لهزيمة موسكو.

الجسر يمثل طريق الإمداد الرئيسي للقوات الروسية على جبهة خيرسون جنوبي أوكرانيا، سواء بالرجال والسلاح والذخائر أو بالوقود والمؤن.

وشهد الجسر الذي يربط الأراضي الروسية بشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014، انفجارا قويا السبت الماضي، أدى إلى مقتل 3 أشخاص وقطع حركة مرور العربات والقطارات.

وبينما لم يتبن أي طرف مسؤولية تفجيرات أنبوبي غاز نورد ستريم 1و2 في 26 سبتمبر/أيلول المنصرم، خرج مستشار الرئيس الأوكراني "ميخايلو بودولياك"، في أشبه باعتراف رسمي بوقوف بلاده وراء التفجير، معتبرا إياه "البداية.. ويجب تدمير كل شيء غير شرعي".

وكتب "بودولياك"، في تغريدة على "تويتر" إن "كل شيء سرقته روسيا من أوكرانيا يجب استعادته.. ويجب طردها من كل المناطق التي احتلتها".

لكن نفس الشخص عاد وتراجع عن تغريدته الأولى، واتهم الروس أنفسهم بالوقوف وراء تفجير الجسر، في تعليق نشرته الرئاسة الأوكرانية.

وقال: "الشاحنة التي انفجرت وفق كل المؤشرات دخلت الجسر من الجانب الروسي.. إذن، ينبغي البحث عن الأجوبة في روسيا (..) كل ذلك يشير بوضوح إلى ضلوع روسي".

"إن حربا خفية تشن على روسيا، والهجوم الإرهابي المعلن منذ مدة طويلة على جسر القرم لم يعد مجرد تحدٍ بل إعلان حرب بلا قواعد"، هذا ما صرح به "أوليغ موروزوف"، نائب رئيس مجلس الدوما (البرلمان) لوكالة "سبوتنيك" الروسية.

فالحديث عن "حرب خفية" فيه إشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين بالوقوف وراء هذه الهجمات القوية والمهينة دون أن تتبناها.

أما "حرب بلا قواعد" فالمقصود بها استهداف المنشآت المدنية والبنية التحتية "في الداخل الروسي"، دون اعتبار للخطوط الحمراء التي وضعتها موسكو، رغم تلويحها بالسلاح النووي.

فالمرحلة المقبلة من المتوقع أن تشهد ردا روسيا بتوسيع الحرب بما يشمل استهداف البنية التحتية والمنشآت المدنية الأوكرانية، ما سيؤدي إلى سقوط ضحايا أكبر من المدنيين، وتدمير لمنشآت حيوية مثل محطات إنتاج الكهرباء.

وليس من المستبعد أن تعلن روسيا الحرب على أوكرانيا، وتحويل عمليتها العسكرية إلى تعبئة شاملة بدل التعبئة الجزئية التي تواجه عقبات حاليا، ما سيؤدي إلى تخصيص مزيد من الموارد للجيش لتحقيق نصر حاسم.

بل من الممكن أن يشمل الرد حربا خفية روسية ضد الولايات المتحدة وحلفائها، سواء بتكثيف الحرب السيبرانية، أو استهداف المنشآت المدنية في الدول الأوروبية دون تبني ذلك.

فالعالم مقبل على تفجيرات فوضوية متعمدة، تقف وراءها دولة أو مجموعة دول، دون أن يتبناها أحد.

ومن الصعب على روسيا ابتلاع الإهانة التي تلقتها في البحر الأسود سواء حادثة الجسر أو تدمير أهم سفينة حربية لها في البحر الأسود (الطراد موسكوفا) في أبريل/نيسان الماضي.

وحتى وإن كان بإمكان روسيا إعادة فتح الجسر خلال ساعات واستكمال الإصلاحات خلال أشهر، فإن وقوع اختراق لكل الاحتياطات الأمنية التي وضعتها يهز سمعتها العسكرية.

إذ سبق لروسيا وأن فاخرت بإسقاط طائرة مسيرة قرب جسر القرم في أغسطس/آب، وتعزيز دفاعاتها الجوية والبحرية وحتى في عمق البحر لصد أي هجوم بطائرات مسيرة أو صواريخ أمريكية متوسطة المدى، أو حتى بغواصات وضفادع بشرية وقوات خاصة.

لكن الهجوم كان مفاجئا كونه بواسطة شاحنة مفخخة دخلت من الأراضي الروسية متجاوزة كل إجراءات التفتيش، وانفجرت قرب قطار محمل بالوقود ما زاد في اشتعال المكان بالنيران، وانهيار جزء من الطريق في مياه البحر.

والواضح أن خيارات موسكو بالرد بالأسلحة التقليدية بما فيها الصواريخ الباليستية والفرط صوتية والمسيرات الإيرانية لم يردع تقدم القوات الأوكرانية، التي يبدو أنها مصممة على استرجاع كامل الأراضي التي استولت عليها روسيا، بما فيها جزيرة القرم.

ما يدفع باحتمال لجوء روسيا إلى استخدام الأسلحة غير التقليدية والمحرمة دولية للفوز بالحرب، على غرار الأسلحة الكيماوية التي استخدمت في سوريا، والبيولوجية بل وحتى النووية التفجيرية، لمواجهة التقدم الأوكراني المدعوم غربيا.

والوضع في أوكرانيا، يشهد تصاعدا غير مسبوق على جبهات القتال قبيل أسابيع من فصل الشتاء، حيث حققت القوات الأوكرانية انتصارات هامة في الجبهة الشمالية بمقاطعة خاركيف بعد استعادتها لمدينة ليمان الاستراتيجية وتحقيقها تقدما عسكريا في الجبهة الجنوبية بمقاطعة خيرسون المحاذية لشبه جزيرة القرم.

ولعبت الأسلحة الأمريكية وعلى رأسها منظومة صواريخ هيمارس (مداها 70 كلم) في مواجهة دبابات ومدافع روسية ذات مدى أقل، ما أعطى تفوقا للجيش الأوكراني.

يتزامن ذلك مع إعلان موسكو ضمها رسميا لأربع مقاطعات أوكرانية سيطرت على معظم أجزائها منذ انطلاق عمليتها العسكرية في 24 فبراير/ شباط الماضي.

وجاء تفجير الجسر ليزيد الضغوط الداخلية على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للضغط على الزر النووي، لتجنب هزيمة مهينة لثاني قوة عسكرية في العالم، بل الأولى من حيث عدد الرؤوس النووية.

وفي 21 سبتمبر/أيلول، حذر "بوتين" الغرب من أن موسكو "ستستخدم كل الوسائل" المتاحة لها للدفاع عن نفسها بما في ذلك السلاح النووي، مؤكدا أن "الأمر ليس خدعة".

وتحريك روسيا لقطارها النووي نحو الحدود الأوكرانية رسالة أخرى بأنها جادة في تهديداتها باستخدام السلاح النووي، خاصة أنها تعتقد بأن الغرب لن يرد بالمثل والمجازفة بخوض حرب نووية تكون نهاية العالم، من أجل بضع مقاطعات أوكرانية.

بينما حذرت واشنطن القيادة الروسية من "العواقب الوخيمة التي ستتبع استخدام السلاح النووي".

ورغم أن "بوتين" يتعرض لضغوط من صقور الجيش الروسي لاستخدام السلاح النووي لحسم المعارك في أوكرانيا، خاصة بعدما تعرضت ما يعتبرونه حدودا جديدة لبلادهم لاعتداء، إلا أن خيارا كهذا سيكون له انعكاسات سلبية على روسيا حتى وإن لم تواجه ردا نوويا من الغرب.

فـ"بوتين"، لن يغامر بسهولة بنهاية روسيا والعالم إن لم يكن هناك تهديد فعلي على وجود بلاده، إذ تقضي العقيدة الروسية بأنه لا يمكن استخدام السلاح النووي إلا عند استخدام أي عدو أسلحةً نووية، أو أسلحة دمار شامل ضدها أو ضد حلفائها، أو عدوان على روسيا بأسلحة تقليدية يجعل وجود الدولة ذاته مهددا.

وإذا كان الاحتمال الأول غير مطروح، فإن الاحتمال الثاني قابل للتأويل خاصة بعد ضم أراضي شبه جزيرة القرم والمقاطعات الأربعة للاتحاد الروسي رسميا، وبالتالي أصبحت تشكل حدودها الجديدة.

ومحاولة الجيش الأوكراني استعادة هذه الأراضي يمكن أن تعتبره موسكو "تهديدا لوجود الدولة"، لأنها ترى أن معركتها الحقيقية مع الغرب الذي يسعى لتدميرها وتقسيمها.

لكن هذا الخيار سيكون له تكلفته، أولها أنه من المحتمل أن يؤدي إلى نهاية روسيا والعالم إذا ردت الولايات المتحدة بهجوم نووي مضاد، أو أنها ستزيد من عزلة روسيا وتحاصر اقتصادها، أو تحيل قادتها إلى محكمة الجنايات الدولية، أو يتم سحب عضويتها الدائمة من مجلس الأمن الدولي، عبر تشكيل تحالف دولي واسع رافض لاستخدام السلاح النووي.

لكن "بوتين" ليس في عجلة من أمره، بدليل فتح تحقيق في تفجير الجسر، وفي نفس الوقت دراسة خيارات الرد، إذ سبق وأن تعرضت روسيا لضربات قوية في خاركيف وليمان والبحر الأسود وحتى في مدينة بلغورود الروسية، لكن الرد لم يكن نوويا، ما يجعل خيار الرد التقليدي أقل ضررا لجميع الأطراف.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

بوتين سلاح نووي أوكرانيا القرم جسر القرم تفجير

نيويورك تايمز تؤكد الإطاحة بقائد أسطول روسيا بالبحر الأسود بعد تفجيرات القرم

أول هجوم كبير في القرم.. صور تظهر دمارا بقاعدة جوية روسية

روسيا تكشف تفاصيل جديدة عن تفجير جسر القرم وتعتقل متورطين

المجلس الأطلسي: 4 خيارات أمام الغرب للرد إذا استخدم بوتين النووي بأوكرانيا

مقتل شخصين.. اتهامات روسية لأوكرانيا بتفجير على جسر القرم