رايتس ووتش: أحكام الإعدام في البحرين صورية ونتيجة لاعترافات تحت التعذيب

الاثنين 10 أكتوبر 2022 12:32 م

اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية ومعهد "البحرين للحقوق والديمقراطية" المحاكم البحرينية بإدانة متهمين والحكم عليهم بالإعدام، بعد محاكمات من الواضح أنها جائرة، بعدما "استندت فقط أو في المقام الأول إلى اعترافات يُزعم أنها انتزعت بالإكراه تحت التعذيب وسوء المعاملة".

جاء ذلك في تقرير مشترك حمل عنوان "المحكمة تطمئن إلى سلامة الاعتراف: أحكام الإعدام في البحرين بعد التعذيب ومحاكمات صُوَرية".

التقرير، الذي استند بشكل أساسي إلى سجلات المحاكم ووثائق رسمية أخرى، وجد "انتهاكات خطيرة ومستمرة لحقوق الإنسان في المملكة الخليجية، تكمن وراء الإدانات وأحكام الإعدام في قضايا 8 رجال تم مراجعتها".

وهؤلاء هم من بين 26 شخصا ينتظرون حاليا تنفيذ حكم الإعدام فيهم، وقد استنفدوا الاستئناف.

ووفق التقرير، رفضت محاكم البداية والاستئناف بـ"إزدراء الادعاءات ذات المصداقية بالتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاستجواب بدل التحقيق فيها، وهو ما يقتضيه القانونان الدولي والبحريني".

وأضاف أن "المحاكم في البحرين تنتهك منهجيا حقوق المدعى عليهم في الحصول على محاكمات عادلة، بما في ذلك الحق في الاستعانة بمحام أثناء الاستجواب واستجواب شهود الإثبات، وكذلك من خلال الاعتماد على تقارير من مصادر سرية".

وعن ذلك، قال "مايكل بيج"، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش": "عادةً ما يعلن المسؤولون البحرينيون أن الحكومة تحترم حقوق الإنسان الأساسية، ولكن في قضية تلو الأخرى، اعتمدت المحاكم على الاعترافات القسرية على الرغم من ادعاءات المتهمين الموثوقة أنهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة".

وأضاف: "الانتهاكات الحقوقية العديدة التي تكمن وراء أحكام الإعدام هذه لا تعكس نظاما للعدالة، بل نمطا من الظلم".

وأعدمت البحرين 6 أشخاص منذ العام 2017، بعدما أنهت البلاد الوقف الفعلي لعقوبة الإعدام الذي دام 7 سنوات.

وقد يُعدم الرجال الـ26 المحكوم عليهم بالإعدام بمجرد مُصادقة الملك "حمد بن عيسى آل خليفة" على أحكامهم.

وادّعى كلُ من المتهمين الـ8 بمصداقية أن اعترافاتهم انتُزعت بالتعذيب وسوء المعاملة.

ولم تحقق النيابة العامة والمحاكم في هذه الادعاءات، التي أيدتها في بعض الحالات النتائج التي توصل إليها الأطباء.

ومع ذلك، خلصت المحاكم بإجراءات موجزة إلى أنه لم تحدث أي إساءة معاملة، وأصدرت أحكاما مليئة بالتناقضات، وفي بعض الحالات تتعارض مع أدلة مسلّم بها، وفق التقرير، الذي أضاف: "كما انتهكت المحاكم البحرينية باستمرار الحقوق الأساسية المتمثلة في التمتع بالإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة أثناء الملاحقات القضائية".

وتابع التقرير: "يبدو أنه لم يُسمح لأي من المتهمين بالاستعانة بمحام أثناء الاستجواب، في قضيتين على الأقل، لم يُسمح للمتهمين بالاطلاع على أدلة الادعاء المستخدمة في المحاكمة، التي شملت في إحدى الحالات تقريرا اعتمد على مصادر سرية لم يتمكن الدفاع من استجوابها، وفي أخرى، لم تسمح المحكمة للمتهم بتقديم شهود دفاع".

ويقول "جوشوا كولانجيلو-برايان"، مستشار "هيومن رايتس ووتش" وكاتب رئيسي للتقرير: "من المروع الحكم على الناس بالإعدام لا سيما في ظل مزاعم التعذيب وبعد محاكمات جائرة".

ويتابع: "ينبغي على الملك حمد فورا تخفيف جميع أحكام الإعدام، وينبغي على الحكومة إعادة الوقف الفعلي للإعدامات".

ويشير التقرير إلى أن إحدى القضايا تشمل "زهير إبراهيم جاسم عبدالله"، الذي ألقت الشرطة القبض عليه لدوره المزعوم في قتل شرطي.

وزعم أن المحققين خلعوا جميع ملابسه في محاولة لم تتم لاغتصابه، وهددوا لاحقا باغتصاب زوجته.

كما زعم أن عناصر الأمن استخدموا صدمات كهربائية على صدره وأعضائه التناسلية، وفي نهاية المطاف أدلى باعتراف زائف. 

وفي أبريل/نيسان 2018، قدم "عبدالله" لدى "الأمانة العامة للتظلمات" التابعة لوزارة الداخلية و"وحدة التحقيق الخاصة" شكوى يزعم فيها تعرضه للتعذيب.

وقال "عبدالله"، أثناء محاكمته، إن "الإكراه يبطل اعترافه، وإنه يجب تعليق القضية في انتظار نتائج التحقيقات".

إلا أن المحكمة رفضت هذا الطلب ورفضت مزاعم التعذيب، وكتبت في حكمها أن التحريات تضمنت مقومات جديتها، والتي تبعث على الاطمئنان لصحة ما جاء بها.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أدانت المحكمة "عبدالله" وحكمت عليه بالإعدام بناء على "اعترافه".

وأثار "عبدالله" مجددا ادعاءه بشأن الإكراه في الاستئناف، وبدل من أن تأمر محكمة الاستئناف بالتحقيق في الادعاءات، وجدت بإيجاز أن الحكم الخاضع للطعن "تكفل بالرد على النحو السائغ والسليم" على تلك الحجج.

وخلصت محكمة الاستئناف كذلك إلى أنه كان من المناسب عدم تأجيل القضية لأن شكاوى "عبدالله" ما زالت قيد التحقيق، وهو السبب ذاته وراء وقف القضية.

وأيّدت محكمة التمييز الإدانة والحكم في يونيو/حزيران 2020.

وتوضح قضية "عبدالله"، وفق التقرير، بالإضافة إلى القضايا الأخرى التي تمت دراستها، كيف انتهكت المحاكم البحرينية التزاماتها بموجب القانونين الدولي والبحريني بالتحقيق في الانتهاكات واحترام حقوق المحاكمة العادلة الأساسية. وفي بعض الحالات، بدا أعضاء النيابة العامة متواطئين في هذه الانتهاكات.

وتقول "رايتس ووتش" إن الطبيعة المنهجية لمزاعم الانتهاكات الخطيرة التي أدلى بها المتهمون تؤكدها أوجه التشابه بين القضايا.

وتضيف:  "يُزعم أن الكثير من التعذيب وسوء المعاملة حدث في المكانين نفسهما (الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية) التابعة لوزارة الداخلية و(الأكاديمية الملكية للشرطة)، الواقعة بجوار سجن جو)، وهناك أيضا أوجه تشابه في أساليب التعذيب وسوء المعاملة التي وصفها المتهمون الثمانية".

بالإضافة إلى ذلك، أدين ثلاثة من 26 شخصا محكوم عليهم بالإعدام بتهم تتعلق بالمخدرات، على الرغم من ادعاء البحرين أنها تطبق أحكام الإعدام فقط كعقوبة على جرائم خطيرة للغاية، مثل القتل العمد.

وتضيف "رايتس ووتش" أنه "ينبغي على الملك حمد تخفيف جميع أحكام الإعدام المعلقة، بدءا من المتهمين المدانين على أساس اعترافات قسرية مزعومة وأولئك الذين حُكم عليهم بالإعدام لارتكاب جرائم أخرى غير تلك البالغة الخطورة".

وتتابع: "ينبغي على البحرين أن تعيد رسميا العمل بالوقف الفعلي للإعدامات القضائية وأن تتخذ خطوات لإنهاء تطبيق عقوبة الإعدام رسميا في جميع الظروف".

وتزيد: "كما ينبغي على الملك إنشاء لجنة مستقلة للتحقيق في انتهاكات حظر التعذيب من قبل المسؤولين الأمنيين والقضائيين والإبلاغ علنا عنها".

كما دعت المنظمة الحقوقية الدولية حكومتَي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وكذلك "الاتحاد الأوروبي" ودوله الأعضاء إلى حث البحرين من خلال القنوات العلنية والدبلوماسية على وقف جميع الإعدامات والتحقيق الجاد في مزاعم التعذيب وانتهاكات الحق في محاكمة عادلة.

ويقول "سيد أحمد الوداعي"، مدير المناصرة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، إن "النتائج الواردة في التقرير لها تبعات مدمرة على النزلاء المحكوم عليهم بالإعدام في البحرين".

وطالب حلفاء البحرين، ولا سيما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بـ"اتخاذ خطوات حاسمة للوقوف مع هؤلاء الضحايا قبل فوات الأوان".

وتواجه البحرين ضغوطا من منظمات حقوقية دولية بشأن تدهور أحوال السجون واكتظاظها بالسجناء وسوء حالة النظام الصحي ونقص الرعاية الطبية.

ويقبع مئات من الساسة المعارضين والناشطين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في السجن منذ انتفاضة 2011.

ومؤخرا، توسعت دائرة المطالبة الغربية بالضغط على حكومة البحرين بسبب سجلها السيء في مجال حقوق الإنسان، وتسجيل عدد من الانتهاكات ضد الناشطين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

البحرين إعدام حقوق الإنسان رايتس ووتش التعذيب

قلق أوروبي من عدم تحقيق البحرين في مزاعم تعذيب محكومَين بالإعدام

ديلي تلجراف: بريطانيا تمول سلطات البحرين المتهمة بالتعذيب والإعدامات

سياسيون وحقوقيون يطالبون جامعة بريطانية بوقف التعاون مع شرطة البحرين

احتجاجات بحرينية على إعدام مواطنين شيعة في السعودية (فيديو)