"فرصة حياة جديدة لواحد من أقدم وكلاء صناعة الطيران في الرياض".. هكذا وصفت مصادر استخباراتية الشراكة الجديدة بين عملاق صناعة الدفاع الألمانية "راينميتال" ومجموعة "MAZ" المملوكة للسعودي "محمد الزير".

وذكرت المصادر أن "الزير" أسقطته شراكة سابقة مع شركة "بوينج" الأمريكية، وأن له مشاكل مالية وقانونية في الولايات المتحدة، لكن شراكته الأخيرة مع "راينميتال" جاءت بمثابة دفعة كبيرة لصالحه، في ظل تفاؤل الشركة الألمانية بمستقبل السوق السعودية في مجال الصناعات الدفاعية، حسبما أورده موقع "إنتليجنس أونلاين" الفرنسي.

تحول إيجابي

وأضاف الموقع، المعني بالشأن الاستخباراتي، أن مجموعة "MAZ" أطلقت مؤخرًا "RAD Arabia"، وهو مشروع مشترك لأنظمة الدفاع الجوي مع "راينميتال"، التي تسستند في تفاؤلها بشأن مستقبل السوق السعودية إلى استعداد المستشار الألماني "أولاف شولتس" لرفع القيود التي فرضتها سلفه "أنجيلا ميركل" عام 2018 على مبيعات الصناعات العسكرية إلى السعودية.

وإزاء ذلك، نوهت المصادر إلى أن "راينميتال" لم تعد مضطرة إلى التنقيب عن صفقات في الرياض بشكل سري عبر الشركات التابعة لها في سويسرا وجنوب أفريقيا.

وبالنسبة لـ"الزير"، تعتبر الصفقة مع "راينميتال" بمثابة "تحول إيجابي" بعد أن تخلت شركة "بوينج" الأمريكية عن الشراكة مع إحدى شركات مجموعته، وهي "GDC Technics" التي استحوذت عليها شركة "إميرالد" بحكم قضائي أمريكي، العام الماضي.

وفي القضية، التي لا تزال جارية بسياتل، مقر شركة "بوينج"، رفعت "إميرالد"، المملوكة لـ "أحمد بشير"، دعوى قضائية ضد "GDC" تطالب فيها بتعويض قيمته 56 مليون دولار بموجب قانون الادعاءات الكاذبة، متهمة شركة "الزير" بالمسؤولية عن ترتيب غير قانوني مع الرئيس التنفيذي للنقل في بوينج "جيري دنمير".

ويشمل هذا الترتيب، وفق الدعوى، حصول شركة "الزير" على عقود لتجهيز الطائرة الرئاسية الأمريكية "إير فورس وان" رغم كونها غير مؤهلة لذلك.

وعملت "GDC" التي لم تعد تعمل مع "بوينج" وقدمت طلبًا لإعلان إفلاسها، في تجهيز "إير فورس وان" لعدة سنوات، فيما حاول "البشير"، الذي يرى أن استبعاد شركته غير عادل، إدخال حكومة الولايات المتحدة كطرف في القضية دون جدوى.

وفي البداية، رفع "البشير" الدعوى ضد "GDC" وبوينج بموجب قانون مكافحة الرشوة، وبسبب حساسية القضية، فقد تم تعليقها لعدة أشهر، بحسب المصادر.

باب خلفي للعقود

وتدعي "إميرالد" أن "بوينج" استخدمت العلاقة مع "GDC" لمساعدتها في الحصول على عقود عسكرية في السعودية، حيث كان "الزير" مستشارًا نشطًا لشركات أمريكية وفرنسية لسنوات عديدة.

لكن كلا من "GDC" و"بوينج" نفيا بشدة مزاعم "إميرالد"، وفي 29 سبتمبر/أيلول الماضي، قدمت "بوينج" طلبًا لرفض القضية على أساس أن "إميرالد لم تثبت أن شركة بوينج  قدمت أي ادعاءات كاذبة للحكومة الأمريكية".

وفي أبريل/نيسان 2021، قدمت "GDC" طلبًا لإعلان إفلاسها في المنطقة الغربية من تكساس أن توقفت "بوينج" عن العمل معها، بسبب تجاوزها العديد من مواعيد التسليم النهائية، ما أدى إلى تعطيل عقد "إير فورس وان".

ولاحقا رفعت "بوينج" دعوى قضائية ضد "GDC" لاسترداد ممتلكات متعلقة بعقد الطائرة الرئاسية الأمريكية، حسبما أكدته المصادر.

كما كانت إجراءات إشار إفلاس "GDC" مليئة بالأحداث، ففي يوليو/تموز 2021، رفض "جاي بورو"، الوصي المعين من مكتب نيويورك لمجموعة بيركلي للأبحاث (BRG)، مطالبة شركة "الزير" بالتعويض، مشيرا إلى أن العام السابق لتصفية الشركة شهد سداد "الزير" أموالا مستحقة للشركة على نفسه قيمتها أكثر من 11 مليون دولار.

ورغم ذلك، يبدو أن هذا الوضع لم يكن قلقًا لمساهمي "GDC" الآخرين، خاصة شركة "Trive Capital"، وهي الآن مزود رئيسي لمعدات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع بوكالات وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون.

ويبدو دور "الزير" مهما خلال المرحلة المقبلة من مستقبل السعودية، بعدما أعلن ولي العهد، الأمير "محمد بن سلمان، الثلاثاء، أن المملكة تسعى لإنتاج 50% من حاجاتها العسكرية، وأن تحقق اكتفاء ذاتيا في هذا المجال، حسبما أوردت وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس".

وجاء إعلان "بن سلمان" بعد توعد الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، السعودية بـ"عواقب لما فعلته مع روسيا"، في إشارة إلى قرار مجموعة "أوبك+" الأسبوع الماضي، بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا.

وقال "بايدن"، في مقابلة مع شبكة "CNN" الأمريكية، إن زيارته إلى السعودية لم تكن بسبب النفط، مضيفًا: "يجب علينا، عندما يعود مجلس الشيوخ والنواب أن تكون هناك بعض العواقب لما فعلوه مع روسيا".

وعند سؤاله عن نوع العواقب التي ستواجهها المملكة، رد "بايدن" بالقول: "لن أخوض فيما سآخذه في الاعتبار وما أفكر به.. لكن ستكون هناك عواقب".

فيما أعلن أعضاء بالكونجرس الأمريكي عن تقديم مشروع قانون إلى مجلسي الشيوخ والنواب، لتعليق "جميع مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى السعودية على الفور".