سفير باريس السابق: العلاقات الجزائرية الفرنسية ستبقى رهينة ملف الذاكرة

الأربعاء 12 أكتوبر 2022 09:06 ص

اعترف سفير فرنسا السابق في الجزائر "كسافيي دريانكور"، بصعوبة تحقيق التوافق حول الذاكرة الذي يسعى إليه الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" مع الجزائر، بسبب حساسية هذا الملف، وكذا خصوصيته بالنسبة للطرف الجزائري.

وعلى الرغم من إعلان "ماكرون" عن إنشاء لجنة مشتركة من مؤرخين جزائريين وفرنسيين، خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر في أغسطس/آب الماضي، لكنه لم يتم تنصيبها أو الإعلان.

وأرجع "دريانكور" مؤلف كتاب "اللغز الجزائري"، تأخر التنصيب إلى وجود صعوبات على هذا الصعيد، ملمحا إلى وجود برودة من قبل الجانب الجزائري في التعاطي مع المبادرة الفرنسية، وفق ما قاله في حوار لـ"لوفيجارو مباشر".

وأضاف: "الخطوات التي قام بها ماكرون على صعيد الذاكرة، مثل تكليف بنجامان ستورا، بإعداد تقرير حول ذاكرة الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وإعادة الاعتبار لذاكرة موريس أودان، تبقى ناقصة ما دام أن الطرف الجزائري لم يساير هذه المبادرات بخطوات مماثلة".

وقارن السفير الفرنسي السابق بالمصالحة على صعيد الذاكرة بين فرنسا وألمانيا، وتلك الجارية مع الجزائر، وخلص إلى أن القضية تختلف كثيرا في الحالة الجزائرية: "قمنا بعمل مع ألمانيا على صعيد الذاكرة وتمت الأمور بسلاسة، لكن مع الجزائر سيكون الأمر معقد جدا".

وتابع: "لأن الاستعمار الفرنسي للجزائر، ينطوي على حساسية كبيرة بالنسبة للسلطات السياسية في الجزائر، لذلك من الصعوبة بمكان الحديث عن الإعدامات خارج القانون وعن التجارب النووية والحركى والأقدام السوداء".

واعتبر "دريانكور"، قيام الوزير الأول الفرنسي بوضع إكليل من الزهور تكريما لضحايا الحرب الجزائرية الفرنسية، وانتقالها إلى مقبرة بولوجين، حيث المقابر التي تأوي رفاة مسيحيين ويهود وعسكريين.

وقال: "لفتة مهمة ولكنها تبقى إجراء كلاسيكيا، لأن ماكرون عندما زار الجزائر مؤخرا قام بالعمل ذاته".

وبرأي "دريانكور"، الذي قضى 8 سنوات سفيرا لبلاده في الجزائر، فإن ملف التأشيرة يعتبر أيضا من أعقد الملفات التي تواجه العلاقات الجزائرية الفرنسية، على غرار ملف الذاكرة، وهو ما يتطلب معالجة متأنية ودقيقة.

وقال الدبلوماسي السابق: "عند عودتي إلى الجزائر في عام 2017 (عمل في الجزائر على مرحلتين وقضى 8 سنوات سفيرا)، كان عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين يعادل 400 ألف تأشيرة، أما اليوم فالعدد نزل إلى 80 ألف فقط، إذن هناك تخفيض كبير، وهذا الملف مهم بالنسبة للجزائر، لأن هناك حوالي 5 ملايين جزائري أو فرانكو جزائري موجودون في فرنسا".

وتابع: "في الجزائر هناك حوالي 43 مليون نسمة ويريدون زيارة ذويهم في فرنسا أيضا، بل إن هناك من يريد السفر للاستقرار نهائيا هناك، مستغلا التأشيرة، ثم بعد ذلك عندما تريد الدولة ترحيلهم تواجه صعوبات".

وزاد "دريانكور": "على ما أعتقد، هذا الملف لم يتم حله خلال هذه الزيارة، وهذا نظرا لحساسيته وصعوبته، هناك حوالي 10 آلاف جزائري يأتون إلى فرنسا عن طريق التأشيرة، ثم يتحولون بعد ذلك إلى مهاجرين غير شرعيين، يصعب ترحيلهم".

وعن زيارة رئيسة الحكومة الفرنسية "إلزابيت بورن"، قال السفير السابق إنها سافرت إلى الجزائر رفقة 16 وزيرا بهدفين، الأول تسخين العلاقات الثنائية التي عانت من برودة لافتة، وهي تأتي تكملة لزيارة "ماكرون".

أما الهدف الثاني، حسب "دريانكور" فهو المشاركة في عقد اللجنة الحكومية رفيعة المستوى التي يفترض أنها تنعقد كل سنة، ولكنها لم تنعقد منذ عام 2017، والتي "يعود إليّ شرف اقتراح وإنشاء هذه اللجنة خلال عملي في الجزائر".

وردا على سؤال حول الاتفاقيات التي تم إبرامها، قال الدبلوماسي الفرنسي السابق، إن "بورن تحدثت عن الطلبة والباحثين وتنقل الأشخاص والتكوين، فيما لم تتحدث عن الملفات الكبرى، على غرار تلك المتعلقة بالهجرة والتأشيرة والذاكرة. هم تحدثوا عن مشاريع مهمة ولكنها تبقى ثانوية بالنظر للملفات الثقيلة التي تهم البلدين".

كما لم تكن مسألة الطاقة محور زيارة "ماكرون" ومن بعده "بورن"، يقول "دريانكور": "لأن الأمر حسم مع إيطاليا في وقت سابق وبدرجة أقل إسبانيا، في حين أن إمكانات الجزائر الحالية، لا يمكنها الاستجابة العاجلة، بل على المدى المتوسط"، على حد رأيه.

وفي 27 أغسطس/آب الماضي، توجت زيارة "ماكرون" إلى الجزائر بتوقيع البلدين "إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة"، ويتضمّن 6 محاور للتعاون في قطاعات عديدة والتشاور السياسي بشأن القضايا الإقليمية والدولية.

وترتبط الجزائر وفرنسا بـ3 آليات للتعاون هي اللجنة العليا الحكومية رفيعة المستوى، اللجنة الاقتصادية المشتركة الفرنسية الجزائرية ولجنة الحوار الإستراتيجي، حيث تعقد هذه الآليات اجتماعات دورية بالتناوب بين البلدين.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

الجزائر فرنسا تبون ماكرون ملف الذاكرة الإعدامات

محادثات فرنسية جزائرية لزيادة واردات الغاز

تكذيبا لماكرون.. الجزائر تستعد لزيادة صادراتها من الغاز إلى فرنسا 50%

حزب الأغلبية الجزائري يطالب باعتذار فرنسي عن مجزرة باريس التاريخية

ماكرون: مجزرة باريس بحق الجزائريين عام 1961 غير مبررة

تبون يدعو إلى فتح عهد جديد من العلاقات الفرنسية الجزائرية