تحولات جيوسياسية بأفريقيا.. لهذا تفقد فرنسا نفوذها التاريخي لصالح روسيا

الاثنين 17 أكتوبر 2022 01:12 م

"حشود مؤيدة لانقلاب عسكري في الشوارع.. إحراق للأعلام الفرنسية ورفع للأعلام الروسية".. يمثل هذا المشهد الصراع الجاري في أنحاء عدة بالقارة الأفريقية، وهو الوجه الآخر من حرب موسكو والغرب، بحسب تحليل لموقع "ميدل إيست مونيتور".

وأورد التحليل، الذي نشره الباحث الفلسطيني الأمريكي "رمزي بارود"، أن النقاش بشأن التحولات الجيوسياسية في أفريقيا، قبل بضع سنوات، لم يكن معنيًا بفرنسا وروسيا، بل بين الغرب والدور الاقتصادي المتنامي للصين في دول القارة السمراء.

فقرار بكين إنشاء أول قاعدة عسكرية خارجية في جيبوتي عام 2017 كان بمثابة إشارة إلى التحرك الجيوسياسي للصين عبر ترجمة نفوذها الاقتصادي في القارة السمراء إلى نفوذ سياسي، مدعومًا بالوجود العسكري.

ولا تزال الصين ملتزمة باستراتيجيتها الخاصة بأفريقيا؛ إذ تعد بكين أكبر شريك تجاري لدول القارة على مدى الـ12 عاما الماضية، وبلغ إجمالي التجارة الثنائية بين الجانبين 254.3 مليار دولار في عام 2021، وفقًا لأحد بيانات صادرة عن الإدارة العامة للجمارك الصينية.

وظلت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون على دراية بنفوذ الصين المتزايد في أفريقيا ولطالما حذروا منه، وجاء إنشاء القيادة العسكرية للولايات المتحدة بأفريقيا (أفريكوم)، عام 2007، بمثابة إجراء مضاد لنفوذ الصين، لكن الحرب الروسية الأوكرانية غيرت "الديناميكيات الجيوسياسية في القارة"؛ إذ سلطت الضوء على التنافس الروسي الفرنسي في القارة، على عكس المنافسة الصينية الأمريكية هناك، حسبما يرى "بارود".

ولفت المحلل الأمريكي الفلسطيني إلى أن حرب أوكرانيا عززت حاجة روسيا إلى حلفاء مستقرين في الأمم المتحدة؛ ما دفع موسكو إلى مزيد من الاهتمام بأفريقيا، ليزور وزير خارجيتها "سيرجي لافروف" مصر وإثيوبيا وأوغندا لتحصين العلاقات الدبلوماسية بين روسيا والقادة الأفارقة.

وحصدت الجهود الروسية ثمارها في أول تصويت لإدانة موسكو بالجمعية العامة للأمم المتحدة، في مارس/آذار وأبريل/نيسان الماضيين؛ حيث اختارت عديد الدول الأفريقية إما الحياد أو التصويت ضد الإجراءات التي تستهدف روسيا.

وكان موقف جنوب أفريقيا، على وجه الخصوص، إشكاليًا من منظور واشنطن، ليس فقط بسبب حجم اقتصاد البلاد، ولكن أيضًا بسبب النفوذ السياسي لبريتوريا و"سلطتها الأخلاقية" في جميع أنحاء أفريقيا، فضلا عن كونها العضو الأفريقي الوحيد في مجموعة العشرين.

ففي زيارته للولايات المتحدة، في سبتمبر/أيلول الماضي، دافع رئيس جنوب أفريقيا "سيريل رامافوزا" عن حياد بلاده، وأثار اعتراضات على مشروع قانون أمريكي لمعاقبة الحكومات الأفريقية التي لا تلتزم الخط الأمريكي في الصراع بين روسيا وأوكرانيا.

ومع ذلك، يرى "بارود" أن "الغرب فشل في فهم أن تحول أفريقيا الحازم نحو موسكو ليس عشوائيا أو عرضيا".

وبينما يواصل الغرب تحديد علاقته بأفريقيا على أساس الاستغلال، تواصل روسيا تذكير الدول الأفريقية بإرث الاتحاد السوفيتي في القارة.

ولا يتجلى هذا فقط في الخطابات السياسية الرسمية للقادة والدبلوماسيين الروس، ولكن أيضا في التغطية الإعلامية الروسية، التي تعطي الأولوية لأفريقيا وتذكر الدول الأفريقية بتضامنها التاريخي مع موسكو.

ومع ذلك، يؤكد "بارود" أنه "لا يمكن ببساطة إلقاء اللوم فقط على حرق الأعلام الفرنسية ورفع الأعلام الروسية على الرشاوى الاقتصادية الروسية أو الدبلوماسية الذكية أو النفوذ العسكري المتزايد"، بل إن استعداد الدول الأفريقية، مثل مالي وأفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو، لعلاقة قوية مع موسكو ذو علاقة أكبر بـ"عدم الثقة والاستياء من إرث فرنسا في أفريقيا".

ففرنسا تمتلك قواعد عسكرية في أجزاء كثيرة من القارة السمراء، ولا تزال مشاركا نشطا في العديد من النزاعات العسكرية؛ ما أكسبها سمعة أنها القوة الرئيسية المزعزعة للاستقرار في القارة.

ورغم أن العديد من الدول الأفريقية ظلت محايدة في حالة الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أن "بارود" يؤكد وجود "تحول جيوسياسي هائل" في البلدان الهشة عسكريا والفقيرة وغير المستقرة سياسيا؛ حيث تتوق للبحث عن بدائل لفرنسا وغيرها من القوى الغربية.

وخلص المحلل الأمريكي الفلسطيني إلى أن الصين لا تزال تحديا قويًا للغرب في أفريقيا، لكن المعركة الأكثر إلحاحا حاليا هي بين روسيا وفرنسا؛ إذ يشهد نفوذ الأخيرة في القارة السمراء تراجعا ملموسا، داعيا واشنطن وحلفائها إلى "إعادة التفكير في مواقفها (العسكرية) بالقارة الأفريقية".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

أفريقيا أفريكوم الصين فرنسا روسيا أوكرانيا باريس موسكو جنوب أفريقيا مالي بوركينا فاسو

أكسيوس: فرنسا أنشأت وحدة حرب لمكافحة روسيا وفاجنر في أفريقيا

رغم عقوبات الاتحاد الأوروبي.. 25% زيادة مزعومة بواردات فرنسا من السلع الروسية

بعد مالي وأفريقيا الوسطى.. فرنسا تدرس الانسحاب من بوركينا فاسو

استراتيجية جديدة.. ماكرون يعلن تخفيض عدد القوات الفرنسية في أفريقيا

أفريقيا.. هزائم متوالية تتجرعها فرنسا لصالح روسيا (إطار زمني)