شتاء ساخن ينتظر الحرب في أوكرانيا

الأحد 30 أكتوبر 2022 11:09 ص

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بمحتواها الصاخب والضعيف في كثير من الأحيان، أصبحت دراسة الأحداث عملية مشوشة، بعد أن كانت في السابق مهمة منظمة ونخبوية.

ومع وجود حوالي 63.4 مليون تغريدة تتعلق بالصراع الروسي الأوكراني في غضون أسبوعين من بدء العمليات، غالبًا ما يتم تشويه الواقع من أجل تقديمه في قميص يناسب كل طرف.

يناقش الناس بلا مبالاة ما إذا كانت المحرقة النووية خيارًا، وما إذا كان ينبغي على الناتو فرض منطقة حظر طيران بغض النظر عن العواقب؛ وقرب حدوث انقلاب في الكرملين من خلال تمرد الأوليغارشية؛ أو حتى عودة المعارض الروسي الشهير "أليكسي نافالني".

وأصبحت أغلب التفسيرات متأثرة بالوقائع المزورة وتميل إلى التفسير الرغائبي أكثر من التفسير الواقعي. وترك كل ذلك بصمات مرتبكة على المشهد وسط مستنقع من أنصاف الحقائق والأساطير والدعاية.

وفي هذا الجو، فإن الحقيقة لا تتعلق فقط بدقة الألفاظ ولكن بمصداقية دلالاتها. على سبيل المثال، قال "زيلينسكي" مؤخرا إن "وتيرة تقديم المساعدة لأوكرانيا من قبل الشركاء يجب أن تتوافق مع وتيرة حركتنا".

وبالنسبة للعقل العسكري، قد يشير هذا إلى أن الأسلحة والمواد الحربية الغربية إما لا تواكب الخسائر أو أن احتياطيات أوكرانيا تنفد نتيجة تمدد عملياتها. 

روسيا تهدد بالطاقة

زودت روسيا الاتحاد الأوروبي بـ40% من احتياجاته من الغاز الطبيعي العام الماضي. وكانت ألمانيا المستورد الرئيسي. وبصفتها المورد الرئيسي للغاز للعديد من الدول الأوروبية، تتحكم موسكو في الصناعة الأوروبية ومستوى الخدمات الأساسية بما في ذلك التدفئة المنزلية.

ولم يكن اعتماد أوروبا على الغاز الروسي من قبيل الصدفة، فقد بدأ ذلك كإجراء لفطم نفسها بعيدًا عن منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" ثم أصبح جزءًا من مشروع أكبر تقوده ألمانيا لربط الاثنين معًا في علاقة تتسم بالاعتمادية المتبادلة.

وكانت السردية أن زيادة الاعتماد على روسيا من شأنه أن يفتح أسواقها الشاسعة للتجارة الثنائية، كما أن الاعتماد المتبادل من شأنه أن ينهي الخصومة التاريخية. لكن الحرب في أوكرانيا كشفت إخفاقات هذه الإستراتيجية حيث أن شعور روسيا بالهيمنة فاق إلى حد بعيد أي شعور بالتبادل.

وقطع الكرملين بالفعل الغاز عن 5 دول وقيد الإمدادات بـ 6 دول أخرى ردا على عقوبات الناتو. وفي حين أن دول الاتحاد الأوروبي أدركت أنها تعتمد بشكل مفرط على روسيا في مجال الطاقة، إلا أنها لم تقدم إجابات محددة حول كيفية تقليل هذا الاعتماد.

وبعد كل شيء، كسبت روسيا أكثر من 430 مليار دولار من صادرات النفط والغاز إلى الاتحاد الأوروبي خلال العام الماضي فقط، وهذا الرقم يتجاوز بكثير التكاليف المقدرة للحرب الروسية في أوكرانيا.

وبالنسبة لأوروبا، تكمن الخطورة في فصل الشتاء الذي يقترب دون توفير ما يكفي من الغاز. إضافة إلى ذلك، فإن سيطرة روسيا وأوكرانيا معا على ثلث إمدادات القمح العالمية كشف عن نقاط ضعف خطيرة في الأمن الغذائي العالمي.

العوامل الخارجية وآفاق السلام

يُعد فصل الأساطير عن حقيقة التفاوت في قدرة روسيا وأوكرانيا وسقف دعم الناتو أمرًا أساسيًا لفهم اتجاه الصراع. ليس هناك شك في أن موسكو تعرضت لانتكاسات عسكرية، ومع ذلك فإن سيطرتها على مساحات كبيرة من الأراضي في الشرق والجنوب (نحو 20% من مساحة الأراضي الأوكرانية) هو إنجاز حقيقي وفي طور التوطيد.

وتعتمد أوكرانيا بشكل كبير على الدعم الخارجي وتحركات الغرب للضغط على موسكو. ويبدو أن الولايات المتحدة والناتو يدركون الآن أن العقوبات لن تجعل الكرملين يعمل من أجل السلام. ولن ولن تساعد العقوبات الإضافية في معالجة مشكلة الشتاء القاسي والانكماش الاقتصادي الحالي. ويبدو أن الكرملين يراهن على نفد الصبر الاستراتيجي للغرب.

لكن الناتو ما يزال يصر على الاستمرار في نفس المسار، لذلم من غير المرجح أن يظهر غصن الزيتون حتى انقضاء فصل الشتاء على الأقل، وفي كل الأحوال لا يمكن تجاهل شروط وطلبات الكرملين.

المصدر | فيجاي شانكار/ أوراسيا فيو – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ألمانيا أوكرانيا بوتين شتاء أوروبا حرب أوكرانيا فصل الشتاء الطاقة الروسية

لأول مرة.. إمدادات الغاز تتدفق من فرنسا إلى ألمانيا مباشرة