وسط تشكيك خبراء البيئة.. السعودية تكشف عن رؤية خضراء في قمة المناخ

الأحد 13 نوفمبر 2022 01:56 م

سيارات تعمل بالهيدروجين، ومركبات تلتقط ملوثات أنابيب العادم، وفأرة حاسب مصنوعة من نفايات المحيط البلاستيكية المعاد تدويرها، وزراعة مئات الملايين من الأشجار في الصحراء.. هكذا عرضت السعودية رؤيتها لمستقبل صديق للبيئة خلال قمة الأمم المتحدة للمناخ "كوب27" في مدينة شرم الشيخ المصرية، دون التطرق للوقود الأحفوري، الذي يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الأرض، وتعد المملكة أكبر مصدريه.

فالسعودية قدمت نفسها، خلال المؤتمر، كدولة رائدة في مجال الطاقة الخضراء والممارسات الصديقة للبيئة، بأجنحة براقة وعروض أخاذة وتقييمات متفائلة لتقنيات مثل التقاط الكربون القادرة على إزالة ثاني أكسيد الكربون من الهواء، لكنها مكلفة وقد تستغرق سنوات لنشرها على نطاق واسع، حسبما أوردت وكالة "أسوشيتدبرس".

وفي السياق، قال المبعوث السعودي لشؤون المناخ "عادل الجبير"، في منتدى "مبادرة السعودية الخضراء" الذي يستمر يومين على هامش مؤتمر "كوب27": "لدينا أهداف وغايات طموحة للغاية. نريد أن نكون قدوة للعالم في ما يتعلق بما يمكن القيام به".

كما أعلن وزير الطاقة السعودي، الأمير "عبدالعزيز بن سلمان آل سعود"، عن مجموعة من المشاريع الجديدة الصديقة للبيئة أو تطوير المشروعات القائمة، بدءا من التعهدات بزراعة الأشجار إلى مشاريع الطاقة الشمسية الجديدة.

وكان ولي العهد السعودي، الأمير "محمد بن سلمان"، قد أطلق مبادرته "السعودية الخضراء" في مؤتمر "كوب26"، العام الماضي، في جلاسكو بإسكتلندا، بهدف الوصول إلى انبعاثات معدومة لغازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2060، والتي قام بتغييرها إلى عام 2050 في بداية اجتماع هذا العام.

مركز إقليمي

ومن بين الإعلانات السعودية، خلال قمة المناخ، كانت هناك خطط لإنشاء مركز إقليمي "لتعزيز خفض الانبعاثات"، وآخر لاستضافة أسبوع المناخ الإقليمي قبل اجتماع "كوب 28" العام المقبل.

وتخطط "أرامكو" السعودية لبناء أكبر مركز لاحتجاز الكربون وتخزينه في العالم، والذي سيخزن ما يصل إلى 9 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون عندما يتم تشغيله خلال عام 2027.

وكل هذا جزء من تعهد المملكة بخفض الانبعاثات بمقدار 278 مليون طن سنويا بحلول عام 2030.

كما رفعت السعودية هدفها في زراعة الأشجار إلى 600 مليون شجرة بحلول عام 2030، بما في ذلك أشجار المانغروف، في زيادة مقارنة مع هدفها الأولي البالغ 450 مليون شجرة.

لكن هذه الرؤية تلقى معارضة قوية من علماء المناخ وخبراء البيئة، الذين يؤكدون أن السعودية والدول الأخرى التي تمتلك احتياطيات كبيرة من النفط تسعى إلى تشتيت انتباه العالم لمواصلة عملها.

فصادرات الوقود الأحفوري تشكل الدعامة الأساسية للاقتصاد السعودي، وتحقق 150 مليار دولار من الإيرادات السنوية، رغم الجهود المبذولة لتنويع مصادر الدخل مع تسارع التحول العالمي بعيدا عن الاعتماد على الوقود الأحفوري.

ولذا قال الرئيس التنفيذي لشركة "أرامكو" السعودية العملاقة للنفط المملوك للدولة، "أمين الناصر"، إن العالم بحاجة إلى "مزيد من الاستثمار في النفط والغاز، وليس أقل"، مضيفا: "أنا قلق بسبب نقص الاستثمار في النفط والغاز على وجه الخصوص".

خفض الانبعاثات

وقاومت السعودية دعوات إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري بشكل عاجل، محذرة من أن التحول المبكر قد يؤدى إلى ارتفاع الأسعار ونقص المحروقات، وهو ما عبر عنه "الناصر" بقوله: "حجم الأموال التي تنفق على الطاقة الإنتاجية للنفط انخفض إلى 400 مليار دولار سنويا من 700 مليار دولار في عام 2014 (..) هذا لا يكفي لتلبية الطلب العالمي على الأمدين المتوسط والطويل".

وفي السياق، قالت خبيرة سياسة الطاقة المعنية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد المناخ الجديد "ميا مويسيو": "ستكون السعودية في وضع أفضل حال التركيز على خفض الانبعاثات بدلا من الاعتماد على احتجاز الكربون وتخزينه والتخفيضات المشكوك فيها من قبيل زراعة الأشجار، والتي من شأنها أن تسمح لها ببساطة بمواصلة زيادة الانبعاثات الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري".

((3))

وأضافت: "للحفاظ على الانبعاثات على مسار 1,5 درجة مئوية، يجب على جميع الحكومات التركيز على خفض انبعاثات الوقود الأحفوري، وليس تعويضها".

ويصنف برنامج تعقب العمل المناخي، الذي يديره المعهد وشركاؤه، ملف السعودية بأنه "غير كاف للغاية"، ويحلل أهداف وسياسات المناخ للدول مقارنة بأهداف اتفاقية باريس لعام 2015 التي تنص بشكل مثالي على الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1,5 درجة مئوية (2,7 فهرنهايت).

وتروج السلطات السعودية لما تسميه "الاقتصاد الكربوني الدائري" لخفض الانبعاثات من عمليات النفط والغاز، لكن البرنامج يقول إن هذا "يعالج جزءا بسيطا من الانبعاثات ذات الصلة في السعودية وعلى مستوى العالم فحسب، حيث إن معظم الانبعاثات تتعلق بالنفط والغاز تأتي من احتراق الوقود عوضا عن الاستخراج والمعالجة".

وتطلق أصول النفط والغاز في السعودية 900 مليون طن من الانبعاثات سنويا، وفقا لقائمة جرد لأهم المصادر المعروفة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي أعدها تحالف "كلايمت تريس" وتم إطلاقها في "كوب 27".

وهناك أيضا خطة لائتمان وتعويض غازات الاحتباس الحراري في العام المقبل، مع القليل من التفاصيل. وأصبحت ائتمانات الكربون، التي تسمح للدول والشركات بالسداد لتقليل بصماتها الكربونية، على سبيل المثال من خلال زراعة الأشجار، مثيرة للجدل بشكل متزايد، إذ يقول منتقدون إنها بمثابة ترخيص للشركات الملوثة للإبقاء على التلوث.

وواجهت السعودية، خلال محادثات "كوب26" في غلاسكو، اتهامات بأن مفاوضيها يعملون على عرقلة الإجراءات المناخية التي قد تهدد الطلب على النفط، وهو اتهام وصفه وزير الطاقة بالمملكة بأنه كذبة.

ومع اقتراب المفاوضات بشأن الاتفاقية النهائية في الأسبوع الثاني والأخير من "كوب 27"، حذرت مجموعات المراقبة من تأثير ما يسمى بقطاع النفط وجماعات الضغط في الصناعة، وأحصت 636 شخصا مرتبطين بشركات الوقود الأحفوري في القائمة المؤقتة للمشاركين في الاجتماع، ما يزيد بمقدار الربع على حصيلة العام الماضي.

المصدر | الخليج الجديد + أ ب

  كلمات مفتاحية

السعودية المناخ كوب 27 الانبعاثات الهيدروجين محمد بن سلمان

شرم الشيخ.. 150 رجل أعمال إسرائيلي يبحثون فرص الاستثمار

نشطاء يحاولون عرقلة مؤتمر روسي بقمة المناخ والأمن يبعدهم (فيديو)

حصاد مؤتمر المناخ 27.. السعودية والإمارات أمام حقبة دبلوماسية جديدة