تداعيات غامضة.. نظام الأسد يترقب العملية التركية في الشمال السوري

الثلاثاء 29 نوفمبر 2022 10:35 ص

تراقب دمشق احتمال إقدام تركيا على هجوم بري في شمال شرقي سوريا في أعقاب الاشتباكات الحدودية بين أنقرة والقوات التي يقودها الأكراد في المنطقة.

وقبل أيام، شن الجيش التركي عملية جوية استهدفت القوات المرتبطة بوحدات حماية الشعب الكردية التي تسيطر على جزء كبير من شمال شرقي سوريا. وتقول تركيا إن العملية جزء من الرد على تفجير إسطنبول في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري والذي خططت له ونفذته عناصر تابعة للميليشيات الكردية.

وأدى الهجوم الجوي، الذي استهدف عدة مواقع في شمالي سوريا بما في ذلك مواقع في تل رفعت وكوباني، إلى تحييد عدد من عناصر ومقرات الميليشيات الكردية.

وتسببت صواريخ انتقامية في مقتل 3 أشخاص في منطقة كاراكاميش التركية، بالقرب من بوابة حدودية في محافظة غازي عنتاب، ما دفع أنقرة إلى التفكير بشكل أكبر في تنفيذ عملية برية.

وبالرغم من التوغل الذي يلوح في الأفق، لم تظهر تصريحات تهديدية ساخنة من حكومة "بشار الأسد" كما كان يحدث في المرات السابقة، ويبدو أن السبب هو تفاهم ما أجرته روسيا التي لا ترغب في مواجهة أخرى في وقت تركز فيه مواردها على الحرب في أوكرانيا.

ومع ذلك، قال مصدر في وزارة الخارجية السورية إن دمشق لن تتردد في الدفاع عن نفسها بالرغم من كونها في موقف صعب.

وقال المصدر، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: "عندما يتعلق الأمر بوحدة الأراضي والسيادة، سنقف صفا واحدا، وبالرغم أن تركيا لديها مخاوف أمنية حقيقية، فلا ينبغي استخدام ذلك كذريعة لخلق أعمال عدائية وغزو الأراضي" .

وأضاف: "فقدنا جنوداً في الضربات التركية.. وأي حكومة أو دولة في مكاننا ستدافع عن نفسها".

وبينما قال الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" في وقت سابق هذا الأسبوع إن الهجوم الأخير سيقتصر على الهجمات الجوية، تغيرت النبرة في أنقرة بعد ذلك. وقالت مصادر لموقع "ميدل إيست آي" إن المسؤولين الأتراك والروس يتفاوضون بشأن عملية عسكرية تركية محدودة في الأسابيع المقبلة.

قد تؤدي عملية برية إلى مواجهة مع قوات الحكومة السورية التي تعمل في مناطق قريبة من تلك التي تديرها القوات الكردية. وقد لقي 29 شخصًا على الأقل مصرعهم في أول قصف جوي تركي، بينهم جنود سوريون، بحسب مصادر عسكرية تحدثت إلى وكالة الأنباء السورية "سانا".

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهي منظمة ناشطة مقرها المملكة المتحدة ولديها شبكة واسعة من المصادر في سوريا، إن 5 من أفراد الجيش السوري قتلوا حتى الآن.

وكان الرد الرسمي صامتًا إلى حد كبير من دمشق، لكن نائب وزير الخارجية "أيمن سوسان" ندد بما أسماه "الغزو الأمريكي والتركي" وقال إن الحكومة ستفعل كل شيء لحماية أراضيها.

وقال "سوسان" عبر صفحته على "فيسبوك": "ضمان الأمن لا يأتي من خلال العدوان والهجمات والغزو بل من خلال التعاون، ينبغي أن يعلم الجميع أن أمن المنطقة هو مسؤولية مشتركة".

قد يؤدي الهجوم البري أيضًا إلى إفساد الخطط التي طال انتظارها للتقارب السوري التركي، والتي بدأت عندما التقى رئيس جهاز المخابرات التركي "هاكان فيدان" برئيس جهاز المخابرات الوطني السوري "علي مملوك" في سبتمبر/أيلول الماضي. وقد تم هذا الاجتماع بوساطة روسية. بل إن "أردوغان" ذهب إلى حد القول إن العلاقات يمكن إصلاحها بينه وبين رئيس النظام السوري "بشار الأسد".

وقال "أردوغان" للصحفيين في البرلمان التركي في وقت سابق من هذا الشهر: "يمكن أن يحدث لقاء مع الأسد.. ليس هناك عداوة دائمة في السياسة.. عاجلا أم آجلا يمكننا اتخاذ خطوات".

ومع ذلك، فإن التهديد بتنفيذ عملية برية في شمالي سوريا قد يهدد هذا المسار الدبلوماسي بشكل كامل.

وتراجع دور روسيا في سوريا إلى مراقب إلى حد كبير بسبب انشغالها في الحرب الأوكرانية وعدم استعدادها لمواجهة تركيا، ما ترك دمشق في حيرة كبيرة حول مواجهة جارتها الشمالية أو التراجع.

وقال مصدر بوزارة الخارجية السورية إن روسيا أشرفت في السابق على خطوط الاتصال بين دمشق وأنقرة. وأوضح المصدر أنه "حافظ الطرفان على خطوط الاتصال هذه دائما.. وفي منطقة عمليات ضيقة، يكون الخط الأمني ​​الساخن أو التفاهم أمرًا مهما للغاية للدول المتجاورة".

وكانت آخر مرة تواجه فيها السوريون والروس مع تركيا في إدلب عام 2020، وكان حادثًا مكلفًا للغاية لجميع الأطراف، حيث قُتل عشرات الجنود الأتراك ومئات السوريين قبل التوصل إلى اتفاق لإنشاء ممرات أمنية.

ومع ذلك، فقد تغير دور روسيا في الحرب السورية منذ أطلقت غزوها لأوكرانيا في وقت سابق من هذا العام، حيث باتت موسكو غارقة في حرب مكلفة دفعتها إلى تحويل موارد مهمة بعيدًا عن سوريا، بما في ذلك بعض أنظمة الدفاع الجوي.

إن أولوية روسيا هي تجنب الانجرار إلى اشتباكات معقدة في سوريا في وقت يظل فيه الحياد التركي في حرب أوكرانيا ورقة مساومة قوية لأنقرة.

وقال المبعوث الروسي الخاص لسوريا "ألكسندر لافرنتييف"، الثلاثاء: "سندعو أصدقاءنا الأتراك إلى التحلي بقدر من ضبط النفس من أجل منع تصعيد التوتر ليس فقط في مناطق الشمال السوري ولكن في جميع أنحاء البلاد".

مع ذلك، أضاف أن العملية الجوية التركية كانت مبررة بسبب الهجوم الإرهابي الأخير في وسط إسطنبول.

ودعت وزارة الدفاع الأمريكية، التي تقدم الدعم لقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد ويهيمن عليها وحدات حماية الشعب، إلى "وقف فوري للتصعيد"، وحذرت من أن الضربات الجوية التركية يمكن أن تؤدي إلى جعل القوات الأمريكية في خطر.

وقالت الوزارة في بيان: "هذا التصعيد يهدد التقدم الذي أحرزه التحالف الدولي في مواجهة تنظيم الدولة على مدى سنوات الماضية.. هددت الغارات الجوية الأخيرة سلامة الأفراد الأمريكيين الذين يعملون في سوريا مع شركاء محليين لهزيمة الدولة والإبقاء على احتجاز أكثر من 10 آلاف من معتقلي التنظيم".

لكن بالرغم من التحذيرات من موسكو وواشنطن، فإن العملية التركية تبدو وشيكة. ومع تورط القوات الروسية في أوكرانيا، فإن واقعًا جديدًا غير مؤكد في شمال شرقي سوريا قد يلوح في الأفق.

المصدر |  داني مكي | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أنقرة سوريا العملية البرية شرق سوريا روسيا الحرب في سوريا مليشيات كردية وحدات حماية الشعب غارات جوية عملية عسكرية تركية

سوريا تشكك في رغبة تركيا التقارب معها.. ومستشارة الأسد: لا نثق في أردوغان

ميدل إيست آي: تركيا تتفاوض مع روسيا حول عملية عسكرية برية في سوريا

عبداللهيان يناقش مع جاويش أوغلو تداعيات العملية التركية في سوريا