المجلس الأطلسي: 4 عوامل تدعم توقيت عملية تركيا العسكرية بسوريا.. وهذه مآلاتها المحتملة

السبت 3 ديسمبر 2022 06:38 ص

لماذا ترجح المؤشرات اقتراب إطلاق تركيا عملية عسكرية برية ضد المقاتلين الأكراد في سوريا؟ وما هي المآلات المتوقعة لها؟ حول إجابة هذين السؤالين دار تحليل للزميل البارز في المجلس الأطلسي بواشنطن، الضابط السابق بالجيش الأمريكي "ريتش أوزن"، الذي أكد أن إطلاق أنقرة العملية بات محسوما.

وذكر "أوزن"، في تحليل نشره موقع "المجلس الأطلسي"، وترجمه "الخليج الجديد"، أن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" سبق أن أعلن، في يونيو/حزيران الماضي، نيته إطلاق المرحلة البرية من "المخلب-السيف" قريبا بهدف تطهير المناطق الواقعة على طول الحدود الجنوبية لتركيا من المقاتلين التابعين لحزب العمال الكردستاني، والتي أعلنتها الولايات المتحدة ضمن قائمتها للمنظمات الإرهابية، لكنه أكد باستمرار أن التوقيت سيكون من اختياره.

وأضاف أن الاستعدادات للعملية البرية "اكتملت تقريبًا"، ولذا فإن إطلاقها قد يكون "في غضون أيام"، ردا على التفجير الدامي، الذي وقع في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بشارع الاستقلال الشهير في مدينة إسطنبول، وأسفر عن مقتل 6 أشخاص، بتدبير من حزب العمال الكردستاني، حسبما أكدته وزارة الداخلية التركية.

ويصب اقتراب تنفيذ العملية في صالح التزام "أردوغان" بإزالة قوات "وحدات حماية الشعب" الكردية من مسافة 30 كيلومتراً من الحدود التركية، على الأقل غرب نهر الفرات، ولذا يرجح "أوزن" أن يشمل انخراط القوات التركية مناطق مثل تل رفعت ومنبج، الخاضعة لسيطرة مشتركة من قبل وحدات حماية الشعب وقوات نظام الرئيس "بشار الأسد"، التي سبق أن هاجمت القوات التركية شمالي سوريا.

ورغم أن هكذا عملية ليست محبذة بالنسبة لواشنطن، لكنها قد تقدم، في الوقت ذاته، فرصة للولايات المتحدة وتركيا لإيجاد حل نهائي بعيد المنال للصراع السوري "إذا تمكنا من التغلب على انعدام الثقة لديهما"، حسبما يرى "أوزن".

وأضاف أن التوقعات بعملية برية تركية دفعت إلى تواصل عاجل من واشنطن وموسكو لمنعه، لكن البيانات الرسمية التركية والعمليات العسكرية السابقة لا تدع مجالًا للشك في حدوثه، خاصة في ظل إصرار أنقرة على تنفيذ استراتيجتها لاستكمال "المنطقة الآمنة" بإزالة القوات المتحالفة مع حزب العمال الكردستاني من المناطق الحدودية الحساسة، وتمكين عودة اللاجئين السوريين، وضمان النفوذ التركي على الترتيبات السياسية لإنهاء الحرب في سوريا.

وهنا يشير "أوزن" إلى أن كلا من أمريكا وروسيا في وضع لا يسمح لها بإيقاف عملية برية تركية من البداية، على الرغم من أنهما "ستمارسان ضغوطًا بلا شك لإنهائها بمجرد حدوثها" حسب رأيه.

وأضاف: "من المحتمل أن يتم إطلاع رؤساء المخابرات في كلا البلدين (على العملية) خلال الزيارات الأخيرة لأنقرة، وتراهن أنقرة على أن العمليات البرية غرب نهر الفرات سيتم التسامح معها ضمنيًا إذا كانت ضيقة في النطاق وحذرة التنفيذ".

ويتوقع "أوزن" أن تكون هذه آخر عملية برية تعتبرها أنقرة ضرورية لإعلان النجاح في إنشاء منطقتها الآمنة في شمالي سوريا، لكن "من شبه المؤكد أن العمليات البرية ستتجنب كوباني، شرق نهر الفرات، لأن سكانها من الأكراد بأغلبية ساحقة ومؤيدون لحزب العمال الكردستاني، وسيكون من الصعب للغاية الاستيلاء عليها أو إدارتها، إضافة إلى كونها متاخمة للمناطق التي تتمركز فيها القوات الأمريكية"، بحسب تحليله.

وعن توقيت إطلاق العملية البرية التركية في سوريا، أشار المحلل السياسي الأمريكي إلى 4 عوامل رئيسية، وهي تعزيز الحرب في أوكرانيا النفوذ الدبلوماسي لتركيا مقابل إضعافها لمصداقية روسيا العسكرية، والتقارب الدبلوماسي لأنقرة مع الدول المجاورة التي كانت تميل إلى معارضة العمليات التركية ضد حزب العمال الكردستاني بشدة، وتصاعد الاستفزازات الإيرانية ضد القوات والمصالح الأمريكية في العراق وسوريا، واقتراب الانتخابات الرئاسية التركية.

وأوضح "أوزن"، أن الاستفزازات الإيرانية في سوريا والعراق "تلقي الضوء على دور تركيا. إذ من المرجح أن تحتاج الولايات المتحدة بشكل متزايد إلى التعاون التركي لتحقيق أهداف مكافحة الإرهاب والأهداف الإقليمية الأخرى في السنوات المقبلة، بما في ذلك حماية إقليم كردستان العراق من التخريب الإيراني".

وأضاف: "من المقرر إجراء الانتخابات التركية في يونيو/حزيران 2023، ولدى حزب أردوغان العدالة والتنمية واجب الوفاء بتعهداته المتعلقة بالمصالح التركية في سوريا".

ورغم أن العملية  البرية التركية في سوريا قد تؤدي إلى إقرار واشنطن لعقوبات بينها تجميد لأصول مسؤولين أتراك "لكن مثل هذه التهديدات لم تمنع العمليات التركية في الماضي"، حسبما يرى "أوزن".

ويرجح المحلل السياسي الأمريكي، أن تحافظ أنقرة على حدود واضحة لنطاق عمليتها البرية وتتجنب بدقة المناطق القريبة من القوات الأمريكية، كما حدث أثناء العملية التركية الأخيرة في شمال سوريا (نبع السلام 2019)، مضيفا: "كانت أنقرة وواشنطن تتحاوران بعضهما البعض بشأن شمال سوريا منذ تحالف الولايات المتحدة مع وحدات حماية الشعب ضد تنظيم الدولة في أواخر عام 2014، ولكن في أعقاب العملية المقبلة، قد تكون هناك فرصة عابرة لمعالجة لعبة نهائية مقبولة للطرفين للصراع السوري".

وأشار "أوزن" إلى أن "أردوغان" صرح بأنه يفكر في إعادة العلاقات مع "الأسد"، كما يبدو أن واشنطن قد قبلت بقاء "الأسد" المرجح في السلطة، مؤكدا أن ذلك يعني اقتراب الوصول إلى صيغة للحل النهائي في سوريا، إذ إن تركيا وأمريكا هم "اللاعبان اللذان يملكان أقوى أوراق انتزاع التنازلات من الأسد".

ونوه الزميل البارز بالمجلس الأطلسي إلى أن أيا من تركيا وأمريكا لا تستفيد من الهوة الحالية في السياسة السورية، و"إذا كانت العملية البرية حتمية، فلا يزال هناك احتمال أن تؤدي خاتمة سريعة لها إلى محاولات أكثر جدية لصياغة نهج مشترك بينهما".

المصدر | المجلس الأطلسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان سوريا المخلب السيف

برئاسة أردوغان.. اجتماع مجلس الأمن القومي التركي لبحث تنفيذ عملية شمال سوريا