استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

كيف تضيع مملكة

الأربعاء 13 يناير 2016 02:01 ص

خلال نقاش عن السعودية منذ سنوات، ذكرت باحثة أمريكية متخصصة بدراسة المملكة أن «النظام السعودي أكثر ديمقراطية من النظام الأمريكي»، ثم أكملت حديثها كأن هذه الفرضية بديهية وواضحة ومتفق عليها.

لدى سؤالها باستغراب عن المعنى، شرحت الأكاديمية أن حكام السعودية، مع أنهم لا يملكون مؤسسات تمثيلية حقيقية، الا أنهم واعون بالكامل لهذا الواقع؛ لذا، فهم «يبقون آذانهم ملتصقة بالأرض»، ويرصدون كل تبدل في المزاج الشعبي ومطالب الناس واحتجاجاتها، ويتفاعلون ويتعاملون معها، وهذا من أسرار بقائهم طوال العقود الماضية.

أما في بلد «ديمقراطي» كأمريكا، فإن أزمة اقتصادية مدمرة تسحق السوق، فيخسر الملايين وظائفهم ومنازلهم ومأواهم، وتعصف بالطبقات الشعبية تحولات عنيفة، فلا تلتفت الحكومة الى كل هذا، بل تنفق آلاف المليارات لإنقاذ المصارف الكبرى والمؤسسات المالية التي تشكل -في الحقيقة- الصوت الوازن والفاعل ضمن النظام، ومن دون أي اعتبار لحاجات الأغلبية ومعاناتها.

بهذا المعنى، كان بنو سعود يتفاخرون بـ«الحكمة الفطرية» التي أدار آباؤهم بها البلاد، ورفضهم الوصفات «التحديثية» (سواء على طريقة شاه ايران أم على طريقة البنك الدولي)، واعتمادهم طريقتهم الخاصة في بناء المؤسسات وارضاء الفئات الشعبية وتوزيع الريع.

من هنا، مثلا، رفض الملك فهد بشدة في أواخر الثمانينيات -حين انحدرت أسعار النفط الى حضيض يشبه مقامها اليوم- أي تعديل بنيوي في «العقد السياسي» الذي يربط الحكومة بالمواطنين، وفضل أن تدخل الدولة في عجز مزمن طوال التسعينيات، وأن تراكم ديونا ضخمة، على القيام بأي خفض في الإنفاق الاجتماعي أو في امتيازات السعوديين (وهو ما كانت تنصح به، دون كلل، المؤسسات الدولية وبيوت الخبرة).

اليوم، على ما يبدو، يقود السعودية حكام يستمعون الى مستشارين أجانب بدلا من ممثلي القبائل. الحكاية تم تأكيدها، وهي تصلح كبداية لقصة انهيار مملكة: وجد ملك شاب بلده في أزمة، واقتصاده يسير على طريق آخره الخراب؛ فجلب مستشارين أجانب من شركة «ماكنزي» ودفع لهم مالا لكي يكتبوا له دراسة، ثم اعتمدها خارطة طريق ورهن، بها، مستقبل مملكته.

منذ أسابيع، تقول تقارير إن «الاصلاحات» التي بدأت تظهر (من ضريبة القيمة المضافة الى رفع أسعار الطاقة) هي جزء من خطة شاملة وجذرية، يدفع بها «ولي ولي العهد» بغية إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي، وأن خطوطها الأساسية موجودة في دراسة أعدتها شركة «ماكنزي» العالمية للإستشارات، تحت عنوان «السعودية بعد النفط».

في مقابلته الأخيرة مع مجلة «ذا ايكونوميست»، حيث تكلم محمد بن سلمان بصفته ملكا للسعودية، أكد الأمير الشاب هذه الأخبار، اذ كرر -بالحرف- خلاصات الدراسة وتكلم بمنطقها وتبنى مقترحاتها التفصيلية، حتى أن الصحافي الذي أجرى الحوار سأله مباشرة عنها وعن دورها في صياغة «الرؤية» التي قدمها الأمير.

الدراسة مثيرة للإهتمام، وهي تنطلق من فرضية بسيطة، يعرفها كل من درس السعودية، وتقول إن المملكة، ان استمرت على منوالها الحالي، فهي ستواجه الإفلاس ولن تتمكن من استيعاب الجيل الطالع من شبابها، لا داعي لتكرار المشاكل البنيوية التي يعاني منها الإقتصاد السعودي والدور الذي تلعبه الدولة في المجتمع.

لكن يكفي ذكر هذا الرقم من دراسة «ماكنزي»: ثمانون بالمئة من دخل الأسر السعودية، أي من كامل مصروف المواطنين واستهلاكهم، مصدره رواتب من الدولة، التي يشكل النفط تقريبا كل عائداتها، وحجم اليد العاملة السعودية، التي تحتاج الى وظائف وتتوقعها، سيتضاعف في الـ15 عاما القادمة (الدراسة قدمت قيمة حسابية لهذه النبوءة، فقدرت أن المملكة، من دون خطة انقاذ طارئة، سيتحول فائضها المالي الى عجز بقيمة تفوق 2 تريليون دولار عام 2030، أي أن ماليتها ستنهار قبل ذلك التاريخ بكثير).

التشخيص لا خلاف عليه، ولكن المشكلة هي في الحلول، حتى نفهم مقدار «واقعية» الدراسة، يمكن أن نذكر أن الباحثين قد اعترفوا، في المقدمة، أنهم لم يأخذوا العوامل السياسية في عين الإعتبار لدى تخطيطهم لمستقبل البلد، ثم يزيدون في فصل آخر أنهم لم يشملوا قطاع النفط والغاز ودوره في دراساتهم واقتراحاتهم، وأنهم يفترضون أن مصروف الدولة السعودية على الرواتب لن يزيد ريالا خلال العقد والنصف القادمين.

اقتراحات المستشارين فيها ما يذكر بالتقارير التي كانت تكتبها الوكالات الأمريكية و»خبراؤها»، في الأشهر التي تلت اجتياح العراق، لإعادة بناء اقتصاد البلد وفق قواعد السوق الحرة، هم وضعوا -كمستشاري «ماكنزي»- في موقع من يخطط مركزيا لاقتصاد تقوده دولة، كأنه ستالين، ولكنهم لا يملكون، معرفيا وايديولوجيا، من أدوات وحلول غير تحرير الأسواق ونماذج البنك الدولي. 

النتيجة: توقعات رغبوية بأن تخلق «السوق» قطاعات كاملة من العدم (منها ازدهار السياحة والمرح في السعودية، مثلا)، وشعبا يصير -لا نعرف كيف- منتجا وفعالا وماهرا، و(هنا الأهم) وصفات ليبرالية تعني في حال تنفيذها تفكيك دولة الرعاية وهدمها، أهم ما جاء في كلام محمد بن سلمان للإعلام لم يكن في التصريح عن امكانية بيع أجزاء من «أرامكو» (وهو ما استحوذ على اهتمام الصحافة الغربية)، بل في اعلانه النية بانهاء أشكال الدعم الحكومي، وتخصيص المؤسسات العامة والتخفف من كلفتها، وقد ذكر الصحة والتعليم كأمثلة على ذلك.

سوف تكشف السنوات المقبلة مغزى هذه «الاصلاحات» وثمن إعادة النظر بالنظام التوزيعي برمته، ولكن اقتباسا من المقابلة يعطينا فكرة عن مقدار تماهي بن سلمان مع شعبه وفهمه لظروفه، حين سأله الصحافي عن وضع النساء وسبب غيابهن عن السوق والاقتصاد، أصر الأمير «التقدمي» على أنه «لا توجد أي عوائق أمام مشاركة النساء» في السعودية، مضيفا: «(المشكلة هي في) ثقافة النساء في السعودية، في المرأة ذاتها. هي ليست معتادة على العمل... نسبة كبيرة من النساء السعوديات قد اعتدن على المكوث في المنزل».

المصدر | الأخبار اللبنانية

  كلمات مفتاحية

السعودية أمريكا آل سعود إيران النفط محمد بن سلمان أرامكو

أوراق السعودية لاحتواء إيران: انفتاح على الحلفاء الإقليميين...وبوادر تهدئة

محللون: دول الخليج تتعامل بحذر إزاء الخلاف بين إيران والسعودية

السعودية .. ما بعد النفط

«إندبندنت»: السعودية في المرتبة الثالثة بين الدول الأكثر سعادة في العالم

«نيوزويك»: السعودية وإيران تدمران بعضهما البعض