واشنطن بوست: مواجهة أسود المغرب وديوك فرنسا تحمل أعباء سياسية معقدة

الأربعاء 14 ديسمبر 2022 12:29 م

"رحلة المغرب إلى الدور قبل النهائي لكأس العالم فيها كل مقومات القصة الخيالية.. مباراة تلو الأخرى في قطر تجاوز المنتخب الشمال أفريقي غير المتوقع خصمه المفضل بشكل غير محتمل، حيث قفز إلى النصر بإصرار وشجاعة وبدون نقص في المواهب".

هكذا تحدثت صحيفة "واشنطن بوست" عن منتخب المغرب "أسود الأطلس"، الذي يواجه منتخب فرنسا "الديوك الفرنسية"، الأربعاء، في نضف نهائي كأس العالم قطر 2022،  لافتة إلى أن المواجهة "تحمل أعباء سياسية".

واستطردت الصحيفة في مدح المنتخب المغربي: "لقد أدت انتصاراتهم إلى لحظات من الفخر، مشاهد من الاحتفالات السعيدة في مدن عبر المغرب وخارجه، حيث أصبح أسود الأطلس الحديث الرئيسي للمشاهير في الشرق الأوسط والعالم العربي وشمال أفريقيا".

وأضافت: "تقابل أخلاقيات الفريق المغربي وتصميمه، بالإضافة إلى شجاعة العديد من اللاعبين الذين لعبوا رغم إصابتهم، كل ما يمكن تصوره من حلاوة ولطف، فبعض مقاطع الفيديو الأكثر انتشارًا في كأس العالم هي للاعبين المغاربة وهم يحتضنون ويرقصون مع أمهاتهم في الملعب بعد الفوز".

وتجسدت بطولة المغرب من قبل مدربه "وليد الركراكي"، الذي تولى قيادة المنتخب الوطني في أغسطس/آب الماضي، بعد مسيرة ناجحة على المستوى المحلي.

ووصف "ماهر مزاحي" الصحفي ذو الخبرة في كرة القدم في شمال أفريقيا، كيف أن "الركراكي" المولود في فرنسا هو جزء من موجة جديدة من القيادة الرياضية في القارة.

وكتب "مزاحي": "إنه يمثل كل ما هو صحيح في كرة القدم الأفريقية: إنه شاب، وكفؤ، وعالمي، ولا يعرف الخوف، وينطوي في صميمه على الوحدة الأفريقية".

واعتبرت "واشنطن بوست" أن "المشاعر الرياضية ليست فقط هي التي تدفع إلى دعم المغرب؛ ففي طريقه إلى حافة نهائيات كأس العالم هزم سلسلة من القوى الأوروبية؛ بلجيكا أولاً، ثم جارتها إسبانيا عبر المضيق، وأخيراً البرتغال في ربع النهائي؛ والآن من المقرر أن يلتقي بفرنسا، التي سيطرت عليه كمحمية لأكثر من 4 عقود في النصف الأول من القرن العشرين".

وتنقل الصحيفة عن "مونيكا ماركس" أستاذة سياسات الشرق الأوسط في حرم جامعة نيويورك في أبوظبي، قولها إن الفريق المغربي "يخوض حربًا رمزية بالنسبة لكثير من الأشخاص من الشرق الأوسط وأفريقيا والعالم الأوسع الذي انتهى استعماره"، مردفة: "هو جرح جماعي في كبريائهم وتاريخهم مازال مزعجًا حتى يومنا هذا".

ويلمس الدعم المتنامي للمغرب أشكالاً مختلفة من تضامن "الجنوب العالمي"، "فهناك البهجة العربية التي تبعت المنتخب المغربي طوال المباريات التي أقيمت في قطر، والتي تجلت باحتضان العلم الفلسطيني في كل مكان كرمز لإحساس أوسع بالتكاتف والنضال العربي".

وهناك فخر أفريقي بالمنتخب الرائد في القارة في كأس العالم، وكذلك فخر بربري يساور أولئك المنتمين إلى تقاليد وثقافات السكان الأصليين لشمال أفريقيا، وهناك أيضاً موجة من الحماسة الإسلامية للمنتخب الذي عادة ما يسجد لله بعد الفوز في كل مباراة، حسب "مونيكا".

ويمضي التقرير بالقول: "لا يمكن نكران مشاعر البهجة بتغلب المغرب على قوى أوروبا التقليدية، ولكن الأمر أكثر تعقيداً من ذلك بقليل.. إذ يطمس احتضان المغرب العالمي كأبطال لعالم ما بعد الاستعمار المدى الذي ينخرط فيه المغرب نفسه في شكل مستمر من أشكال الاستعمار -احتلاله المتنازع عليه للصحراء الغربية".

ويضيف: "بالطبع، لا يمثل المنتخب المغربي الدولة المغربية، كما يؤكد المشجعون حول العالم".

لا مفر من الشعور بالبهجة في المغرب الذي يطرد الأثقال التقليدية في أوروبا، فعلى وسائل التواصل الاجتماعي، تكثر "التدوينات" عن المغرب الذي أعاد إحياء الفتوحات الإسلامية في القرن الثامن قديماً، وفق المصدر ذاته.

وأوضحت الصحيفة أنه في فرنسا أعادت المواجهة الوشيكة مع المغرب إحياء التوترات السياسية التي دارت حول كرة القدم في البلاد لأكثر من عقدين ماضيين.

وظهر السياسي الفرنسي اليميني المتطرف "إيريك زمور" على شاشة التلفزيون هذا الأسبوع، للتنديد بالمواطنين الفرنسيين المنحدرين من أصل شمال أفريقي الذين قد ينزلون إلى الشوارع لتشجيع المغرب، وطنهم الأم. ووصف سياسيون آخرون من اليمين المتطرف هذه الاحتفالات بأنها تهديدات أمنية.

وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن "فريق فرنسا نفسه هو انعكاس للتعددية الثقافية التي تجعل المؤسسة الفرنسية غير مريحة"، مضيفة: "يتكون الفريق إلى حد كبير من مجتمعات المهاجرين الأفارقة والعرب الذين لهم صلات بمستعمرات فرنسا السابقة؛ وعلى مر السنين، كان يُنظر إلى نجاحه باعتباره تقديراً للاندماج الفرنسي، وإخفاقاته باعتبارها إدانة للاتجاهات الانفصالية لأقليات معينة. وكما قال المهاجم الفرنسي كريم بنزيما: (إذا سجلت، فأنا فرنسي، إذا لم أفعل فأنا عربي)".

والفريقان المغربي والفرنسي الحاليان ليسا غرباء عن بعضهما البعض، نشأ بعض اللاعبين من كلا الجانبين في نفس الأحياء، وظهروا في نفس الأندية الفائقة وانغمسوا في نفس أنماط الحياة المبهرجة لأثرياء كرة القدم، انتماءات فريقهم الوطني تتناقض مع السياق المشترك.

ولا تزال النخبة السياسية في فرنسا تكافح مع مفهوم الهويات الموصولة في بلد يعاني من عمى الألوان مؤسسيا (رغم أنه، من الناحية العملية، ليس تماما). حتى إن الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون"، الذي من المقرر أن يحضر نصف النهائي يوم الأربعاء في قطر، أعرب عن أسفه للتسلل المفترض لـ"سياسات الهوية" الأمريكية بين بعض الأقليات في فرنسا.

لكن "ريم سارة علوان" وهي باحثة قانونية فرنسية ومعلّقة سياسية من أصل جزائري، تلفت إلى أن الصدام بين فرنسا والمغرب سيُظهر جيلا من الرياضيين الذين عززوا الحوار حول الهوية، بغض النظر عما تقوله الطبقة السياسية.

وتقول "علوان": "هناك جيل مرتبط ببقية العالم، يقوم بإنشاء هويته الفرنسية الخاصة، المكونة من ثقافات متعددة".

تضيف أن الفريق المغربي الذي يضم لاعبين كان من الممكن أن يمثلوا فرنسا "هو تبلور هذه الهوية الواصلة في ذروتها، اعترافا بأننا نعيش في عالم معولم حيث يمكنك اختيار الفريق الذي تريد اللعب له لأسباب متنوعة".

وتتابع "علوان" أن "هذا إدراك لا يناسب البعض، في الدوائر اليمينية، يستمرون في إخبارك بأنك لا تنتمي، وأنك لست مندمجا بما فيه الكفاية.. بعد ذلك، تلعب في المنتخب الوطني فيُحذرون من وجود الكثير من العرب أو السود في الفريق. بالطبع، هذا يتغير عندما تفوز".

وتختتم: "في مرحلة ما، فإن الأشخاص الذين لديهم مشكلة في الهوية ليسوا من تعتقد".

طالع النص الأصلي للتقرير

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

المغرب فرنسا أفريقيا ماكرون مونديال قطر قطر الركراكي

سجال الهوية بمونديال قطر.. انتصارات أسود الأطلس تشعل الجدل حول عروبة المغاربة

المغرب يسعى لقهر فرنسا بطريقة تشيكية عمرها 26 عاما

فرنسا ترفع حالة التأهب قبل لقاء المغرب بنصف نهائي المونديال

المغرب يسعى لاستغلال إنجاز المونديال في تحقيق مكاسب دبلوماسية

مواقع التواصل تحتفي بلاعبي المغرب: رفعتم رؤوس العرب وأفريقيا.. أنتم فخرنا