سجال الهوية بمونديال قطر.. انتصارات أسود الأطلس تشعل الجدل حول عروبة المغاربة

الأربعاء 14 ديسمبر 2022 01:02 م

"الأسود والكبرياء".. تحت هذا العنوان تناولت مجلة "إيكونوميست" الجوانب الثقافية التي أثارها إنجاز منتخب المغرب لكرة القدم في مونديال قطر، مشيرة إلى أن "رمزية هذا لإنجاز أكبر من لعبة كرة القدم".

وذكرت المجلة البريطانية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن فرنسا، الدولة التي استعمرت المغرب سابقا، ستدافع عن لقبها في نصف نهائي مونديال قطر، الذي شهدت مبارياته عموما، ومباريات منتخب المغرب خصوصا، اعتزازا من جانب الجماهير بالهوية العربية وقضية فلسطين.

وأضافت أن صعود المغرب إلى نصف النهائي كان ضمن سلسلة مفاجآت هزت المونديال منذ دور المجموعات، حيث هزمت السعودية الأرجنتين، وفازت اليابان على إسبانيا وألمانيا.

والمغرب هو أول منتخب أفريقي وعربي يتأهل إلى الدور قبل الأخير من كأس العالم لكرة القدم، وهو إنجاز أثار احتفالات صاخبة في العالم العربي وأفريقيا وبين المهاجرين في أوروبا، لكنه أيضًا أثار مجادلات مثيرة للفضول، خاصة فيما يتعلق بصراع الهويات.

فأفريقية المغرب ليست مطروحة للنقاش، ويكفي لإثباتها النظر إلى الخريطة، ولذا أشاد المدير الفني للمنتخب "وليد الركراكي"، بفوز لاعبيه في ربع النهائي على البرتغال باعتباره انتصارا للقارة، قائلا: "أخبرت اللاعبين قبل المباراة أنه يتعين علينا كتابة التاريخ لأفريقيا".

لكن إنجاز منتخب المغرب كان انتصارًا للشتات أيضًا، إذ ولد معظم لاعبيه الـ 26 في الخارج، وواجه العديد منهم  منتخبات البلدان التي ولدوا فيها خلال مونديال قطر، ومنهم "أشرف حكيمي" الذي نشأ في مدريد لأبوين مغربيين فقيرين، واختار اللعب للمغرب، لأنه يشعر برابطة قوية تجاه أصوله.

وفي 6 ديسمبر/كانون الأول الجاري سجل "حكيمي" ركلة الجزاء التي حققت الفوز للمغرب ضد إسبانيا.

أما بالنسبة للعروبة، فقد كانت محلا للنقاش بين المشجعين وفي المقاهي ومنشورات التواصل الاجتماعي. صحيح أن المغرب عضو في الجامعة العربية ولغته الرسمية هي العربية وأسهمت ثقافته في معظم العالم العربي، ويعرّف الكثير من المغاربة أنفسهم بأنهم عرب، لكن المغاربة من أصول أمازيغية لا يشعرون بالراحة من توصيفهم كعرب، إذ لم يُعترف بلغتهم إلا عام 2011 بعد الإصلاحات الدستورية عام 2011 بعد انتفاضات الربيع العربي.

وتعلق المجلة البريطانية على الجدل حول عروبة الانتصار المغربي في مونديال قطر بالقول: "لو كانت مصر هي التي جعلت رونالدو يبكي لما تردد أحد في تسميته انتصارًا عربيًا. ربما تفسر المسافة بعض الخلاف. ففي الرياض وصف أحد المشجعين السعوديين ليلة انتصار المغرب في الأدوار الإقصائية، بأنه انتصار للعالم العربي بأسره، بينما قال آخر إنه يشعر بقدر ضئيل من التقارب مع بلد يبعد عن السعودية كما تبعد تايلاند".

وهنا تلعب العنصرية دورها، فاللهجة المغربية الدارجة يتم الاستهزاء بها على نطاق واسع من قبل متحدثي اللغة العربية الآخرين بسبب صعوبة فهمها، فهي مستعارة من الأمازيغية وعدة لغات أوروبية، وكثيرا ما تتعرض النساء المغربيات للمز عبر الحديث عنهن كعاهرات، وهناك صورة نمطية قديمة في الخليج توحي بأن المغربيات يستخدمون السحر لإغواء الرجال.

وتشير "إيكونوميست" إلى أن القومية العربية الحديثة، التي تبلورت مع ظهور المنطقة بعد قرون من الحكم العثماني والأوروبي، كانت دائمًا متجذرة في السياسة، وظهر بعض أثرها على أرض الملعب، خاصة في مباريات منتخب المغرب، الذي رفع العلم الفلسطيني بعد فوزه على إسبانيا.

ورغم أن الإسرائيليين كان لهم الحرية في حضور البطولة، مع أنه لا يُسمح لهم عادة بزيارة قطر، فإن العديد منهم أعرب عن دهشته من المعاملة الباردة من المشجعين العرب.

كان الكثير منهم يأملون بتغيّر المزاج العربي تجاههم بعد توقيع المغرب والبحرين والإمارات والسودان اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل عام 2020، لكنهم اكتشفوا حقيقة اهتمام الشارع العربي والمواطنين العرب بمأساة الفلسطينيين حتى لو لم يكن حكامهم يهتمون بها.

وهنا يشير التقرير إلى مفارقة أخرى في إنجاز منتخب المغرب بمونديال قطر وما أثاره من سجالات ثقافية، إذ احتفل اليهود من أصول مغربية في إسرائيل بإنجاز أسود الأطلس.

وخلصت المجلة البريطانية إلى أن الحديث عن القومية العربية أمر عفى عليه الزمن، ويعود لسنوات الخمسينات من القرن الماضي، لكن الحماس في المنطقة العربية للفوز المغربي غير المتوقع، يعطي فكرة حول الترابط الثقافي الذي لا يزال يجمع سكانها. كما أن النقاش حول الهوية، يظهر أنه يمكن استخدامها لتفريق الناس وليس توحيدهم.

المصدر | إيكونوميست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

منتخب المغرب المغرب العروبة أشرف حكيمي الهوية

واشنطن بوست: مواجهة أسود المغرب وديوك فرنسا تحمل أعباء سياسية معقدة