قال تحليل نشره معهد "تشاتام هاوس"، إن العديد من التونسيين يخشون أن تكون خريطة الطريق الجديدة لرئيس البلاد "قيس سعيد" بمثابة "انقلاب فعلي يشير إلى عودة الحكم الاستبدادي نظراً لافتقار الانتخابات المقبِلة إلى الرقابة المستقلة".
وقال التحليل الذي كتبته "شيماء بوهلال" زميل برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمعهد، إن خارطة الطريق التي أطلقها "سعيد" في 25 يوليو/تموز –وعلق بموجبها الهيئة التشريعية ومنح نفسه سلطات استثنائية– نصَّت على أن بإمكان الرئيس أن يشرف على استفتاء في أغسطس/آب 2022، وهو ما أفضى إلى اعتماد دستور جديد.
وأضافت أنه أعقب ذلك الإعلان عن إجراء انتخابات تشريعية في السابع عشر من ديسمبر/ شهر كانون الأول وإصدار مرسوم انتخابي جديد.
وأكدت أن المخاوف بشأن النظام الانتخابي تأكدت، إذ أُدخِلت عليه تغييرات أساسية بمباركة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وهي الهيئة التي يستخدمها "قيس سعيد" لإضفاء الشرعية على سيطرته على العمليات الانتخابية، بحسب التحليل.
وأوضحت الكاتبة أن "قيس سعيد"، ومنذ عام 2021 أخذ يستخدم الهيئة لحماية قراراته من التدقيق الدولي، وقد تجلّى هذا بوضوح خلال عملية اعتماد الدستور الجديد بعد أول استفتاء أُجري منذ عام 2002 (عندما أدخل الرئيس الأسبق "زين العابدين بن علي" تغييرات دستورية لمنحه الحق بالحكم لفترة غير محدودة).
وأضاف: "يعد الاستفتاء الأخير محطة أساسية في توطيد الحكم الاستبدادي لسعيد، إذ إنه وضع نهاية رسمية للإطار الدستوري لعام 2014، وقد أبقي على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لتكون بمثابة هيكل الدولة الذي يُنظم الاستفتاء على النص الدستوري الجديد، وهي السلطة الدستورية الوحيدة التي حُفِظت لها من دستور 2014".
وخلصت الكاتبة إلى أنه لا توجد دلائل على أن تنظيم الانتخابات التشريعية في ديسمبر/ كانون الأول سيكون مختلفاً عن استفتاء يوليو/ تموز الماضي.
وقالت إن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مكنت "سعيد" من تعديل قانون الانتخابات دون أي شكل من أشكال المشاركة المفتوحة للشارع أو للهياكل السياسية والمدنية المنظمة.
وتدلل الكاتبة على ذلك بالانتقادات التي وجهتها الأحزاب السياسية التي كانت تدعم استيلاء سعيّد على السلطة (في الإطار الذي اُطلق عليه اسم "مسار 25 يوليو" لقانون الانتخابات، لاسيما من حيث مسألة تدابير التزكية (أن يجمع المترشّح 400 توقيع من الناخبين كجزء من متطلبات الترشيح)، وإعادة تحديد الدوائر الانتخابية، وتعليق التمويل العمومي للحملات الانتخابية، وتجريد المرشحين الحزبيين من جميع المؤشرات التي تدلّ على هويتهم الحزبية.