جون أفريك: هل يمكن لأردوغان التوسط بين المغرب والجزائر؟

الخميس 22 ديسمبر 2022 06:30 ص

عاودت تركيا الحديث عن استعدادها للقيام بوساطة لحل الخلاف بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء الغربية، في خطوة يرى محللون أن أنقرة تسعى من خلالها إلى تعزيز نفوذها في المنطقة.

وهي الخطوة التي تصفها مجلة "جون أفريك" الفرنسية بأنها "تتماشى مع الخط السياسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لتأكيد نفسه كلاعب عالمي رئيسي مع نشر صورة وسيط قوي وخبير في الأزمات".

وتلفت المجلة إلى العلاقات التركية مع المغرب تارة والجزائرة تارة أخرى "جيدة"، قبل أن تتساءل: "بفضل هذا التوازن، هل يمكن لأردوغان أن يخفف التوترات بين البلدين الشقيقين؟".

وكان السفير التركي لدى المغرب "عمر فاروق دوغان"، قال خلال مقابلة مع موقع "ماروك إيبدو" في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي: "نحن على استعداد للمساعدة في عملية التقارب بين المغرب والجزائر (..) قضية الصحراء هي نزاع مصطنع بحت.. تركيا تؤيد حل المشكلة في أسرع وقت ممكن".

جاء ذلك، قبل الإعلان عن الإنشاء الوشيك لـ"قناة تركية" في مدينة العيون المغربية، وبعد ذلك بأيام قليلة، كشف تقرير نشرته وكالة الاستثمار عن الافتتاح المرتقب لمكتب تجاري تركي في الصحراء الغربية، بقرار من "أردوغان" نفسه، بهدف جعله قاعدة للصادرات التركية إلى دول أفريقيا جنوب الصحراء.

وتقول "جون أفريك" إن تلك خطوة جيدة كان من الممكن أن تثير استياء الجزائريين الذين لديهم سبب وجيه لاعتبار أنفسهم "أفضل حليف" لتركيا في المنطقة المغاربية.

قبل أن تضيف: "لكن يبدو أن الجزائر وأنقرة تتعاونان في جو من الثقة، كما يتضح من الزيارة التي استغرقت 3 أيام في مايو/أيار الماضي من قبل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى تركيا".

وبين عامي 2006 و2013، قام "أردوغان"، رئيس الوزراء آنذاك، بما لا يقل عن 4 رحلات رسمية إلى الجزائر. ومنذ انتخابه رئيساً، زار "أردوغان" الجزائر في 2014، ثم في 2020.

وكانت زيارة "تبون" الأخيرة فرصة للبلدين المرتبطين بقرون من التاريخ لتعزيز تعاونهما الثنائي من خلال توقيع 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مجالات مثل الصناعة العسكرية والطاقة أو المناجم.

وذكّر "تبون"، أن "الجزائر هي ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا في أفريقيا"، مضيفا أن الشركات التركية نفذت في السنوات الأخيرة أكثر من 377 مشروعا استثماريا في الجزائر. ومع وجود نحو 800 شركة في البلاد، فإن الأتراك هم أول أرباب عمل أجانب هناك.

وفي أغسطس/آب الماضي، استنكرت تركيا تعليقات الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" التي وصفتها بـ"غير المقبولة" و"غير الملائمة" بعد أن اتهم من الجزائر "شبكات" تديرها تركيا وموسكو وبكين بنشر دعاية مناهضة لفرنسا في أفريقيا.

وتسلّم المغرب في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي طلبيّة أولى من الطائرات التركيّة المقاتلة بدون طيّار من طراز "بيرقدار تي بي 2"، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلّية عدّة.

على العكس من ذلك، توضح "جون أفريك"، فإن العلاقات المغربية التركية أقل وضوحا، على الرغم من أنها طويلة الأمد، إذ تعود زيارة "أردوغان" الرسمية الوحيدة إلى المغرب إلى عام 2013، حين كان رئيسا للوزراء.

وكان اللقاء الأول بين رئيس الدولة التركية والملك المغربي "محمد السادس" في عام 2014، خلال زيارة خاصة للملك وعائلته.

ومنذ ذلك، كانت هناك فقط زيارات ثنائية قليلة لوفود من الوزراء ورجال الأعمال من البلدين.

وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، دعا "أردوغان" الملك "محمد السادس" لزيارة تركيا قريبا، في دعوة وجهها نائب الرئيس التركي "فؤاد أقطاي"، خلال مقابلته رئيس الوزراء المغربي "عزيز أخنوش".

وتتساءل "جون أفريك": "هل هي علامة على دفء العلاقات الدبلوماسية؟"، خاصة أن تركيا لم تطلب تأشيرات دخول من المواطنين المغاربة الذين توافدوا عليها في ذروة أزمة التأشيرات مع فرنسا، في وقت لا يزال المواطنون الجزائريون بحاجة إلى تأشيرة للسفر إلى تركيا، والتي نوقش ملف إلغائها خلال زيارة "تبون" الأخيرة لأنقرة.

كما أن هناك اهتماما جزائريا لشراء طائرات بدون طيار من شركة تركية غير تلك التي تعاملت مع المغرب.

نقطة أخرى مهمة، توضح "جون أفريك"، هي الموقف التركي من قضية الصحراء الغربية، وهو محور الخلاف الرئيسي بين الرباط والجزائر، إذ تتماشى تركيا مع قرارات الأمم المتحدة.

وتنقل المجلة عن أحد المتخصصين في تركيا (لم تسمه) القول: "لكن يمكن لأنقرة أن تدعم بشكل أكثر انفتاحا خطة الحكم الذاتي المغربية في المستقبل"، مضيفاً: "أن يضع الأتراك أنفسهم كوسطاء محتملين في الخلاف الدبلوماسي بين المغرب والجزائر ليس مفاجئًا".

وتتساءل "جون أفريك": "في لعبة الشطرنج الجيوسياسية هذه، هل ستكون أنقرة قادرة على دفع بيادقها وتأمل في التحكيم في اللعبة؟"، قبل أن تلفت إلى محاولات سابقة لولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" والرئيس الموريتاني "محمد ولد الغزواني" ورئيس الإمارات "محمد بن زايد آل نهيان".

ويسود التوتّر العلاقات بين الجزائر والمغرب، خصوصاً على خلفيّة ملفّ الصحراء الغربيّة، المستعمرة الإسبانيّة السابقة التي يعتبرها المغرب جزءاً لا يتجزّأ من أراضيه، فيما تدعم الجزائر الجبهة الشعبيّة لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب "بوليساريو" التي تطالب باستقلال الإقليم.

وتعمّق الخلاف العام الماضي بين البلدين، بعد اعتراف الرئيس الأمريكي في حينه "دونالد ترامب" بسيادة المغرب على كامل أراضي الصحراء الغربيّة، في مقابل تطبيع المملكة علاقاتها مع إسرائيل.

طالع النص الأصلي للتقرير

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا وساطة تركية المغرب الجزائر

دعوة العاهل المغربي لاستئناف العلاقات مع الجزائر تثير جدلا