خبير روسي يوضح دوافع الصين لتحسين علاقاتها مع العالم العربي

الخميس 22 ديسمبر 2022 07:49 م

سلط الخبير السياسي الروسي "فاليري كوليكوف" الضوء على دوافع الصين في تحسين علاقتها مع العالم العربي، مشيرا إلى أن أحد الأهداف الرئيسية لهذه الخطوة "هي مواجهة الهيمنة الأمريكية على الدول العربية".

وذكر "كوليكوف"، في تحليل بموقع "نيو إيسترن أوتلوك" أن الغربيين روجوا لفترة طويلة أن الدبلوماسية الصينية ناجعة فقط في وسط وجنوب شرق آسيا، أما الشرق الأوسط فلا تملك بكين خبرة بالمنطقة، وليس هناك آفاق لتطوير علاقاتها بالعواصم العربية.

وعقب "كوليكوف" أنه بالرغم من ذلك، فإن زيارة الزعيم الصيني "شي جين بينج" إلى الشرق الأوسط واجتماعاته مع قيادة السعودية، التي تعتبر الزعيم الإقليمي بلا منازع، تحسم النقاش في هذا الصدد بشكل نهائي لصالح بكين.

وأضاف أن زيارة الزعيم الصيني لخصت من غير قصد الصراع التنافسي من أجل التوسع والنفوذ في دول العالم العربي الثرية، والغنية بالنفط.

وأوضح أن الولايات المتحدة الأمريكية خفضت اعتمادها على دول الخليج بعد ثورة النفط الصخري، وبعد ذلك بسنوات خفض الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، وبشكل عام، الدعم السياسي والاقتصادي لدول هذه المنطقة.

ونتيجة لذلك، بدأت علاقات الولايات المتحدة بدول الخليج بالتدهور تدريجياً أولاً في عهد الرئيس السابق "دونالد ترامب"، ثم في عهد سلفه "جو بايدن"، ونجحت الصين في الاستفادة من هذا الوضع بمهارة.

ويتجلى هذا، على وجه الخصوص، في تقرير ضخم نشرته وزارة الخارجية الصينية في أوائل ديسمبر/ كانون أول بعنوان "التعاون الصيني العربي في العصر الجديد"

وأكد التقرير أن الصين والدول العربية على وجه الخصوص خلقوا بالفعل مناخا من الثقة الاستراتيجية المتبادلة الواقعية، على أساس مواقف مماثلة تتعلق باحترام مبادئ السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضهم البعض، ومنع سياسات فرض القوة والهيمنة.

وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم الهيمنة تم استخدامه بشكل مطرد منذ طويلة في الصين، للإشارة في المقام الأول بالأمور التي تتعلق بسياسة الولايات المتحدة.

وبالتالي، فإن تركيز بكين الخاص على مواجهة الهيمنة الأمريكية مع الدول العربية يعكس أحد الأهداف الرئيسية للصين في تعزيز علاقاتها مع العالم العربي. خاصة في سياق الهجمات المكثفة الأخيرة على الصين من قبل الولايات المتحدة والرفض الصريح من قبل الكثيرين في الشرق الأوسط لإملاءات واشنطن ضد الدول العربية.

 في ظل هذه الظروف، تُظهر زيارة الرئيس الصيني إلى الشرق الأوسط وأحدث الاتصالات الصينية العربية بوضوح أن الصين أتت إلى المنطقة من أجل أن تبقي لفترة طويلة.

ووفق المحلل فإن المشاريع المشتركة التي اقترحتها بكين للتنفيذ لا تعني فقط التعاون المالي والتجاري، ولكن أيضا الشراكة التكنولوجية طويلة الأجل.

على سبيل المثال، تفتح السعودية سوقها أمام العديد من شركات التكنولوجيا الفائقة الصينية الكبيرة، وأبرزها شركة هواوي، التي تم تقييدها مؤخرًا مرة أخرى في الولايات المتحدة.

وقال "كوليكوف" إن هذا الانفتاح من جانب السعودية دليل على مستوى عالٍ من الثقة بين بكين ودول الخليج العربي، ولا سيما الرياض.

وتجدر الإشارة أيضًا إلى المناقشة المشتركة بين الصين والسعودية للقضايا الأمنية، والتي كانت لفترة طويلة من اختصاص التفاعل بين الرياض وواشنطن، عندما ضمنت الولايات المتحدة الأمن للمملكة.

ومع ذلك، فقد أبدت بكين استعدادها للمشاركة في مناقشة مثل هذه القضايا في الشرق الأوسط، حيث قدمت لأول مرة مثل هذه الضمانات خارج حدودها.

بالإضافة إلى السعودية، أبدى العراق اهتمامه واستعداده لتحسين العلاقات مع الصين. وفي هذا الصدد، أجرى رئيس الوزراء العراقي "محمد السوداني" محادثات مع الرئيس الصيني في الرياض على هامش القمة الصينية العربية الأولى.

خلال المحادثات، لم يناقش قادة البلدين العلاقات الثنائية فحسب، بل ناقشوا أيضًا سبل الارتقاء بها إلى مستوى أوثق من التعاون الاستراتيجي والشراكة المستدامة في مختلف المجالات.

وخلال القمة الصينية العربية الأولى التي عقدت في الرياض، طلب المسؤولون من الصين المساعدة في زيادة حجم المساعدات الاقتصادية والإنسانية لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن ومتاعب شعبها.

وهذا المطلب وفقا للخبير الروسي يدل بوضوح ليس فقط على الاعتراف بالسلطة الإقليمية لبكين، ولكن أيضًا على استعداد لتحسين العلاقات مع الصين وتعزيزها.

على الرغم رفض واشنطن الرسمي لسياسة بكين وتكثيفها لأنشطتها في الشرق الأوسط، إلا أن اتجاه المناقشات في القمم التي عقدت في الرياض أظهر زيادة غير مشروطة في سلطة ونفوذ بكين في العالم العربي.

ليس فقط الصين، ولكن أيضًا الدول العربية في الخليج اتخذت مؤخرًا بثقة مسارًا نحو تكثيف إجراءاتها من أجل التقارب المتبادل، والبحث عن شركاء جدد للتعاون.

وظهر هذا بشكل خاص في تصرفات الدول العربية بعد أن كثفت الولايات المتحدة مواجهاتها مع الصين، ليس فقط اقتصاديًا، ولكن أيضًا سياسيًا وعسكريًا، في محاولة لإشراك دول العالم العربي في هذا الصراع.

وأوضح الخبير الروسي أنه في واقع الأمر فإن الدول العربية تحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى الوصول إلى أسواق مستقرة على أساس طويل الأجل، وهي بحاجة إلى تطوير بنيتها التحتية وطرق النقل.

تشتهر الصين اليوم بمثل هذا السوق المستقر الذي لا حدود له حقًا، والذي أثبت بالفعل نفسه بشكل إيجابي للعالم بأسره في إنشاء بنية تحتية حديثة، بما في ذلك من خلال مبادرة الحزام والطريق.

وهذا لا يساهم فقط في تعزيز تعاون بكين مع العالم العربي، ولكن أيضًا في طرد الولايات المتحدة التدريجي من المنطقة.

وقد زادت التجارة بين الصين والعالم العربي بالفعل عشرة أضعاف على مدار الـ 17 عامًا الماضية، وفقًا لمنظمة جامعة الدول العربية للتربية والثقافة والعلوم. مما لا شك فيه أن هذا التعاون سيستمر في التطور والتوسع.

المصدر | نيو إيسترن أوتلوك- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الصينية العربية العلاقات السعودية الأمريكية العلاقات الأمريكية السعودية