ترسيم الحدود البحرية بين الكويت والعراق.. أزمة قديمة متجددة تبحث عن حل

الاثنين 26 ديسمبر 2022 11:06 ص

رغم مرور 32 عاما على إسدال الستار على الغزو العراقي للكويت عام 1990، وبعد أكثر من 19 عامًا على عودة العلاقات العراقية الكويتية إلى طبيعتها بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، لا تزال قضية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين قائمة "دون حل"؛ وهو ما يفتح الباب لحدوث خلافات وتجاوزات، قد تصل إلى تفجر أزمة دبلوماسية.

وعلى وقع قمة بغداد الإقليمية الثانية التي عُقدت الثلاثاء الماضي في الأردن، طالب رئيس الوزراء الكويتي "أحمد نواف الأحمد الصباح"، خلال كلمته الافتتاحية، بإغلاق الملفات العالقة مع العراق، لا سيما ترسيم الحدود بعد العلامة 162، حتى يتمكّن البلدان من الانطلاق نحو آفاق جديدة للتعاون الثنائي.

ومنذ انتهاء الغزو العراقي للكويت في عام 1991، لعبت الأمم المتحدة دور الوسيط الأساسي في العلاقات بين البلدين، وقامت الأمم المتحدة بترسيم الحدود البرية بين العراق والكويت عام 1993، لكنها لم تعمد إلى ترسيم الحدود البحرية بكاملها، وتركت هذه المهمّة للدولتين.

وتوقف ترسيم الحدود البحرية بين الكويت والعراق عند النقطة المعروفة بـ"العلامة 162"، وهي التي ذكرها رئيس الحكومة الكويتية خلال "مؤتمر بغداد 2".

والعلامة 162، التي تحدّث عنها رئيس الوزراء الكويتي، تعني آخر علامة رسمها مجلس الأمن الدولي وفق القرار (833) في 27 مايو/أيار 1993، وهي تقع في منتصف "خور عبدالله".

وما قبل هذه العلامة باتجاه الشمال الشرقي باتجاه خور شيطانة وخور وربه والزبير تعدّ علامات بحرية، تبدأ بالعلامة 107 وتنتهي بـ162، وهي حدود مرسّمة بقرارات مجلس الأمن الدولي، وفق خط "التالوك".

أما ما بعد ذلك، فتبدأ المنطقة غير المرسّمة من العلامة 135 وتنتهي بالعلامة 162، وتعدّ مُنصِفة لخور عبدالله التميمي (التسمية العراقية للخور).

والطول التقريبي للشريط الحدودي غير المرسّم قد يصل إلى 12 ميلًا بحريًا إقليميًا (22.25 كيلومترًا)، يضاف إليها 12 ميلًا بحريًا كونها منطقة متاخمة، إضافة إلى 62 ميلًا أخرى منطقة بحرية اقتصادية.

وتكتسب قضية ترسيم الحدود البحرية أهمية كبرى لدى البلدين؛ ففيما يعاني العراق من محدودية منافذه إلى البحر، إذ يمتد خطه الساحلي على طول 58 كيلومتراً فقط، تعتبر الكويت أن التوصل إلى اتفاق بشأن الحدود البحرية يصون سيادتها ويتيح لها إمكانية تطوير شمال البلاد.

وتم تشكيل لجان فنية مشتركة للتوصّل إلى حل دبلوماسي يُنهي هذا الملف، لكن مراقبين يعتقدون أن هناك جهات خارجية تدفع إلى عدم إغلاقه.

ويعكف كلا البلدين حاليا على بناء ميناء على ضفاف خور عبدالله؛ إذ تشيد الكويت ميناء مبارك الكبير بكلفة 3.3 مليارات دولار، فيما يبني العراق ميناء الفاو الكبير، بكلفة 6 مليارات دولار، والذي سيكون أول ميناء عراقي ذي منفذ إلى عرض البحر.

وخور عبدالله، هو ممر مائي مشترك يقع في شمال الخليج العربي، بين جزيرتي بوبيان، ووربة، وشبه جزيرة الفاو العراقية.

ويمتد خور عبدالله إلى داخل الأراضي العراقية، مشكلا خور الزبير الذي يقع عليه ميناء أم قصر العراقي.

وظهر خلاف علني حول الحدود البحرية الكويتية العراقية، حين تقدمت الكويت، في مطلع ديسمبر/كانو الأول 2022، بمذكرة للعراق، بشأن قيام 3 قطع بحرية عراقية بـ"تجاوز المياه الإقليمية لدولة الكويت".

وبعد يوم كشفت صحيفة كويتية أن القطع البحرية العراقيةغادرت المياه الإقليمية للبلاد بأوامر من رئيس الوزراء "محمد شياع السوداني"، لافتة إلى أن "التعاون الكويتي العراقي في جميع الجوانب لا تمسه أي شكوك أو عوائق".

وفي أغسطس/آب 2019، تقدم العراق بشكوى رسمية إلى الأمم المتحدة ضد الكويت اعتراضا على قيامها بإنشاء منصة بحرية في "فشت العيج"، وهي مساحة من الأرض تقع بعد النقطة 162.

إلا أن الكويت سارعت في حينها إلى الرد على شكوى العراق، قائلة إن "بناء منصة بحرية فوق منطقة فشت العيج الواقعة في المياه الإقليمية الكويتية هو حق كويتي".

وبينما ترى الكويت أن فشت العيج واقعة ضمن سيادتها، يؤكد العراق أن خطوة الكويت تُحدث تغييرًا في الحدود البحرية، قبل التوصّل إلى اتفاق يفضي لترسيم الحدود كاملة، وهو ما يؤكّده مراقبون بأن قضية فشت العيج ليست طبيعية، وإنما مصطنعة افتعلتها الكويت.

من جانبه، يقول الباحث والمحلل السياسي الكويتي "إبراهيم دشتي" إن قضية ترسيم الحدود البحرية بين الكويت والعراق هي أزمة عانت منها الدولتان قديما، لافتا إلى أنهما في أمس الحاجة لبعضها من أجل إنهاء هذا الخلاف.

وعن تأثير تأخر استكمال ترسيم الحدود لما بعد العلامة 162 على العلاقة بين البلدين، يعلّق "دشتي" بالقول إن "التأخر بذلك سيؤثر في العلاقات المشتركة الثنائية، نحن نريد انتهاء الحالات الرمادية التي ستسبّب أزمات جديدة في المستقبل، وهذا الأمر ليس في مصلحة البلدين".

ويضيف: "إذا كانت الكويت بحاجة لإنهاء هذه القضية، فالعراق بحاجة أكبر؛ لأنه بحاجة إلى استقرار سياسي، والكويت أول الداعمين له في ذلك".

ويشدد "دشتي" على عدم وجود أي عراقيل فعلية لإتمام اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين الكويت والعراق، قبل أن يستدرك بقوله: "لكن إن أراد طرف إيجاد عراقيل، فيستطيع أن يأتي بالأعذار".

فيما يقول خبير الحدود والمياه الدولية العراقي "جمال الحلبوسي"، إن بلاده لديها العديد من الملاحظات والاعتراضات، لا سيما أن الكويت تتصرّف دون استشارة بغداد، وأنها أنشأت بعض المحطات مثل: فشت العيج والكايد التي تعدّها طبيعية، وهو ما يرفضه العراق.

ويضيف: "أي مهندس حدودي لا يمكنه القبول بهذه المحطات علامات طبيعية، وأن من يقبل بها من الجانب العراقي سيفرّط بالمصالح الوطنية"، حسب قوله.

قانونيًا، يرى الخبير العراقي "علي التميمي"، أن ترسيم الحدود مع الكويت حُسمت في مجلس الأمن الدولي بقرارات بدأت بالقرار 661 لعام 1991 وجميع القرارات اللاحقة.

ويوضح أن الكويت ظلّت تطالب بالعديد من النقاط الحدودية، لافتًا إلى أن ذلك يخالف قرارات مجلس الأمن الدولي، منبهًا إلى إمكانية العراق في حلّ الموضوع من خلال الاتفاق الثنائي، أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية المعنية بهذا الشأن، كما يرى.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الكويت العراق ترسين حدود خور عبدالله

مرزوق الغانم يوضح حقيقة زيارة الحلبوسي إلى الكويت.. ماذا قال؟

الكويت تتوقع إحراز تقدم بمسألة الحدود البحرية مع العراق

العراق: اجتماع مع الكويت بعد عيد الفطر لمناقشة ترسيم الحدود البحرية

قضية الحدود البحرية بين الكويت والعراق تعود للواجهة مجددا.. هل من حل؟