موازنة الهوية والحداثة.. هكذا أبهرت قطر العالم بمونديال 2022

الأحد 8 يناير 2023 08:27 ص

"إنجاز هائل لدولة قطر".. هكذا وصف الأستاذ بكلية التربية في جامعة قطر "محفوظ عمارة" نتائج تنظيم البلد الخليجي كأس العالم لكرة القدم 2022، مشيرا إلى أن زوار الدوحة ومن تابعوا البطولة تعرفوا على الثقافة القطرية، وشهدوا ما يمكن تسميته "موازنة" دقيقة بين الهوية والحداثة.

وذكر "عمارة"، في مقال نشره بموقع "مودرن دبلوماسي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الأمر لم يقتصر على جلب المزيد من الزخم الدولي لقطر ومساعدتها في جني الفوائد الاقتصادية، بل أتاح للعالم نافذة على هوية البلد الخليجي وثقافته وتراثه.

فمثل دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، شهدت قطر ولا تزال تغيرًا سريعًا، وهو ما ينعكس في تطورها الحضري، والاتجاهات الديموغرافية فيها، ومستويات التعليم، والتأثير المرئي للعولمة بشكل عام على الثقافة المحلية، حسبما يرى "عمارة".

ولذا تعمل الدولة القطرية، كغيرها من الدول العربية والإسلامية، على تحقيق التوازن الصحيح بين تكامل شروط التحديث مع الحفاظ على الثقافة المحلية الأصيلة، ما يتطلب الانفتاح من جانب والحفاظ على التماسك الاجتماعي والقيم التقليدية من جانب آخر.

واعتبر "عمارة" أن مشهد التخطيط العمراني في قطر شهادة على الموازنة بين التراث والحداثة، لافتا إلى أن السياق الرياضي يوفر المزيد من الفرص للتوفيق بين الوحدة والتنوع، وهو ما مثله المنتخب القطري لكرة القدم، المكون من لاعبين قطريين ومجنسين، هم نتاج وإرث الاستراتيجية الوطنية القطرية لتطوير الرياضة.

وجاء نجاح المنتخب متعدد الأعراق في الفوز ببطولة كأس الأمم الآسيوية لكرة القدم 2019، في زمن محنة تواجه فيه قطر تهديدا خارجيا، وهو ما وصفه "عمارة" بأنه كان "الوقت المناسب لتعزيز أهمية التنوع الثقافي وإبراز مساهمة المواطنين والمقيمين في المشروع التنموي لدولة قطر ومرونتها كأمة".

وأضاف أن "الرياضة كشكل من أشكال التعبير الثقافي والفني هي في صميم المشروع الثقافي والدبلوماسية لدولة قطر"، معتبرا أن الطراز المعماري لاستادات كرة القدم والشعار الرسمي لمونديال 2022 مثلا مساحتان مهمتان لعرض الثقافة القطرية للعالم.

فشعارات الشركات أو المؤسسات أو الأحداث الرياضية لا يتم إبداعها من فراغ، إذ عادةً ما تعبر عن هوية صاحبها وقيمه، وبهذا المعنى تصبح وسيلة "للتضمين" تعكس الارتباط العاطفي بمفهوم معين عن العمل الجماعي والانتماء.

وجاء شعار مونديال قطر 2022 في هذا السياق، إذ تم تصميمه وصنعه بحذر للتأكد من أنه يعكس الثقافة القطرية وأن إطلاقه تم تصميمه بعناية لإبراز رمزيتها.

توقيت إطلاق الشعار أيضا، في 3 سبتمبر/أيلول 2019، في الساعة 20:22 أو 08:22 مساءً بالتوقيت المحلي، (17:22 بتوقيت جرينتش)، كان بالغ الدلالة، فهو اليوم الذي حصلت فيه قطر رسميًا على استقلالها عن بريطانيا.

كانت هذه فرصة أخرى لقطر كي تظهر للعالم أنها، بعد أقل من 5 عقود من استقلالها، أصبحت محط أنظار العالم، ولذا تمت تغطية المباني الأكثر شهرة وتاريخية في قطر بشعار البطولة، وعلى امتداد أكثر من 24 مدينة حول العالم، مثل لندن وسيول ومكسيكو سيتي وجوهانسبرج.

وجاء شكل الشعار مستوحى من شال من الصوف يتم ارتداؤه تقليديًا خلال أشهر الشتاء، ومعبرا عن ما تتميز به قطر من ثقافة عربية محلية، إذ تمثل منحنياته المنحدرة أمواج الكثبان الصحراوية، والتي تعد من أولى الرموز المرتبطة بشبه الجزيرة العربية.

وكانت الإشارة إلى الشتاء مستوحاة من حقيقة أن قطر تستضيف أول بطولة كأس عالم شتوية على الإطلاق. فيما تُظهر الطباعة نقوشًا عربية تجمع بين التقليد والحداثة.

لكن الشعار ليس الوسيلة الوحيدة التي أظهر بها القطريون تراثهم الثقافي، فملاعب كأس العالم الثمانية كانت وسيلة أخرى، إذ تم تصميمها خصيصًا لهذا الحدث أو خضعت لعملية تجديد واسعة النطاق، مثل استاد خليفة الدولي.

وصمم هذه الاستادات بعض من أفضل المهندسين المعماريين في العالم، مثل العراقية الراحلة "زها حديد"، بأشكال تترك انطباعًا يدوم طويلاً، ويعكس الهوية والثقافة المحلية بالإضافة إلى طموح قطر كدولة.

وهنا يشير "عمارة" إلى 4 حالات نموذجية، تمثل إبداع الهندسة المعمارية، الأول هو ملعب الثمامة، الذ يمثل تاريخ المنطقة وثقافتها وهويتها، حيث تم بناؤه على شكل قحفية، وهي قبعة بيضاء تقليدية يرتديها الرجال في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية.

والثاني ملعب الجنوب، الذي وصفه "عمارة" بأنه "نصب تذكاري آخر يربط تاريخ قطر وتطلعاتها المستقبلية"، مشيرا إلى أنه من تصميم العراقية الراحلة "زها حديد"، على شكل قوارب شراعية تقليدية، وهي القوارب التي كانت حتى وقت قريب حجر الزاوية في اقتصاد المنطقة، إذ تعبر عن صيد الأسماك والغوص بحثًا عن اللؤلؤ.

ولا يمثل القارب الشراعي الماضي فحسب، بل يمثل أيضًا دافع قطر وطموحها للوصول إلى ما وراء شواطئها.

ثالث الملاعب هو البيت، وهو مستوحى من بيت الوبر، الذي يستخدمه البدو الرحل في الصحراء ويعكس كرم الضيافة القطري.

أما الرابع، فهو ملعب 974 الذي يتسع لـ 40 ألف شخص، وتم تسجيله بتاريخ كأس العالم باعتباره أول استاد قابل للفك وإعادة الاستخدام.

المصدر | مودرن دبلوماسي - ترجمة وتحرير: الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر كأس العالم محفوظ عمارة الثقافة القطرية

الفيفا يكشف أرقاما غير مسبوقة تحققت في مونديال قطر