كشف حساب جولة بلينكن.. مزيد من "الشيكات على بياض" لإسرائيل

الأحد 5 فبراير 2023 07:30 م

سلّط تقرير للمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI)، الضوء على الجولة الشرق أوسطية التي بدأها وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن" في 29 يناير/ كانون الأول الماضي، واستغرقت ثلاثة أيام، وشملت مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي والأراضي الفلسطينية.

هذه الزيارة، وفق التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد"، جاءت وسط تصاعد مفاجئ بأعمال العنف في الضفة الغربية؛ بما فيها مدينة القدس الشرقية المحتلة، في أعقاب اقتحام إسرائيلي لمخيم جنين للاجئين (شمال) أودى بحياة تسعة فلسطينيين، وقيام مسلح فلسطيني بقتل سبعة إسرائيليين في القدس.

تلك الأحداث أدت إلى تدهور الوضع الذي كان بالفعل متوترا في الأسابيع السابقة، خاصة في ظل تشكيل حكومة "بنيامين نتنياهو" الجديدة اليمينية المتطرفة، والتي نالت ثقة الكنيست في 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

كانت هذه التطورات في صلب محادثات "بلينكن" في القاهرة والقدس ورام الله، حيث حث على "إنهاء العنف"، وجدد دعم البيت الأبيض لمبدأ حل الدولتين، ومع ذلك، فإن تصريحاته يبدو أنها "تظل مجرد كلمات"، وفق المعهد.

وأضاف التقرير أنه بشكل متزايد، تزداد العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة تعقيدا، ولا يُنظر الفلسطينيون إلى واشنطن على أنها محاور موثوق به؛ لذلك من غير المرجح أن تغير تصريحات "بلينكن" الوضع الراهن على الأرض.

علاقة معقدة

وفق الزميل بمؤسسة "كارنيجي" للسلام الدولي "آرون ديفيد ميلر"، فإن الولايات المتحدة تتعامل حاليا مع أكثر الحكومات تطرفا في تاريخ إسرائيل، ورغم ذلك يوجد أساس واسع للتعاون في معظم القضايا.

مثلا، لم تعد إيران الآن تمثل نقطة احتكاك رئيسية بين تل أبيب وواشنطن، فالتوقعات القاتمة لإحياء الاتفاق النووي، وقمع طهران للاحتجاجات الشعبية، ودعمها العسكري لروسيا (ضد أوكرانيا)، كلها عوامل شددت المواقف الأمريكية تجاه طهران، بحسب "ميلر".

ورغم وجود اختلاف واضح بين واشنطن وتل أبيب فيما يتعلق بموقف إسرائيل من أوكرانيا والإصلاح القضائي المقترح في دولة الاحتلال، فإن ثمة اتفاق على تجاهل الاختلاف حول هذه القضايا.

وبينما يتفق الشريكان على ضرورة الحفاظ على وتوسيع "اتفاقيات إبراهيم" (للتطبيع مع دول عربية)، إلا أن مواقفهما مختلفة بشأن القضية الفلسطينية.

ومع ذلك، سيبذل الرئيس الأمريكي "جو بايدن" جهودا كبيرة لإدارة هذا الخلاف مع تجنب أي مواجهة مع "نتنياهو"، لكن إذا فشل الأخير في السيطرة على شركائه المتطرفين في الحكم، فقد تضطر واشنطن إلى إعادة تقييم موقفها.

إجراءات "ترامب"

على جانب آخر، يرى الباحث الأمريكي الفلسطيني "طارق كيني الشوا" أن إدارة "بايدن" أظهرت أن واشنطن ليست وسيط سلام نزيه ولا مدافع عن العدالة والديمقراطية كما تدعي.

وأشار إلى أن الفرصة أتيحت لـ"بايدن" للارتقاء إلى مستوى خطابه المثالي في مجال حقوق الإنسان بالتراجع عن الإجراءات أحادية الجانب لإدارة سلفه "دونالد ترامب"، وكان القيام بذلك سيمثل الحد الأدنى لإدارة تدعي دعم عملية السلام وحل الدولتين، لكن بدلا من ذلك قررت إدارة "بايدن" مضاعفة "شيكاتها على بياض" لإسرائيل.

وشدد على أن زيارة "بلينكن" لم تهدف إلى تحسين حياة الفلسطينيين أو دعم عملية السلام بأي طريقة ذات معنى، حيث تواصل واشنطن منع الفلسطينيين من السعي لتحقيق العدالة من خلال الوسائل القانونية الدولية.

ويرى "الشوا" أن قرار إدارة "بايدن" بإعادة المساعدات للسلطة الفلسطينية ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) هو مجرد بادرة رمزية لا تعالج الأسباب الجذرية لمعاناة الفلسطينيين.

كلمات جوفاء

بحسب الصحفي "دافيد ليرنر" فإنه بالرغم من التشدق بصيغة الدولتين، إلا أن "بلينكن" أشار إلى أن البيت الأبيض ليس على استعداد للذهاب إلى أبعد من ذلك بممارسة الضغط وجعل إسرائيل تقدم التنازلات اللازمة تجاهها.

واعتبر "ليرنر" أن هذا الوضع لم يمثل مفاجأة منذ بداية رئاسة "بايدن"، الذي لم يجعل النزاع من أولوياته، ولم يتراجع عن أي من خطوات "ترامب" التي أبعدت الفلسطينيين عن طاولة المفاوضات، وفي مقدمتها اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل خارج إطار المفاوضات.

كما لم يحاول رسم خط أحمر لاحتواء التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، وكان "بلينكن" أكثر صخبا في موضوع الإصلاح القضائي الداخلي في إسرائيل مقارنة بإعادة إطلاق عملية السلام (المتوقفة منذ 2014)، وفق "ليرنر".

أهداف أمريكية مصرية

بشكل مشابه، تؤكد زيارة "بلينكن" لمصر العلاقة الإيجابية الشاملة بين القاهرة وواشنطن، لكن هذه العلاقات الدبلوماسية تقوم على المصالح المشتركة أكثر من القيم المشتركة، بحسب الباحث المشارك في المعهد الإيطالي "ماتيو كولومبو".

ويرى الباحث أن الولايات المتحدة تتوقع أن تساهم مصر في الأمن الإقليمي وتتخذ موقفا ثابتا ضد روسيا، وأن يتوسط الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" في المواجهة السياسية بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية.

ومع انهيار التعاون الأمني بين الفلسطينيين وإسرائيل، بحسب "كولومبو"، من المهم للولايات المتحدة أن تحتفظ مصر بقناة حوار مفتوحة مع تل أبيب ورام الله في محاولة لتقليص الأزمات المتوقعة وبالتالي منع المزيد من التصعيد العنيف، كما يتوقع "بلينكن" أن يلتزم "السيسي" بالكامل بدعم تسوية سلمية للأزمة الليبية.

في المقابل، تسعى مصر إلى الاعتراف الدولي بدورها الإقليمي، والحصول على المساعدة العسكرية والدعم الاقتصادي من حيث نقل المعرفة والاستثمارات، والنقطة الأخيرة ملحة بشكل خاص في ظل الأزمة الاقتصادية المصرية الراهنة، وفق "كولومبو".

((5))

المصدر | معهد "ISPI" الإيطالي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فلسطين إسرائيل مصر الولايات المتحدة بلينكن بايدن نتنياهو السيسي