كاتب أمريكي: عقوبات واشنطن تتصدر معرقلات جهود الإغاثة في سوريا

الخميس 9 فبراير 2023 07:19 م

"رغم أن العقوبات الأمريكية ليست مسؤولة عن كل البؤس الذي يعيشه الشعب السوري، إلا أنها تؤدي إلى تفاقم ظروفه السيئة وتجعل حياته أكثر صعوبة.. ومع الإقرار بإدانة الحكومة السورية، إلا أن هذا ليس عذراً لحرمان مواطنيها من الإغاثة عندما يكون بإمكان واشنطن تمهيد الطريق لذلك".

كانت هذه الجمل، ضمن مقال الكاتب الأمريكي "دانيال لاريسون" الذي نشره موقع "ريسبونسبل ستيت كرافت" التابع لمعهد "كوينسي" للحكم الرشيد، وتناول فيه الأمور المعرقلة لوصول جهود الإغاثة للمتضررين في سوريا من الزلزال المدمر، الذي ضرب المنطقة، ومنها "العقوبات الأمريكية الواسعة".  

وضرب زلزال مدمر بقوة 7.8 درجة، جنوب تركيا وشمال سوريا هذا الأسبوع، وخلف أكثر من 17 ألف قتيل، إضافة إلى عشرات الآلاف من الجرحى في واحدة من أكبر الكوارث الطبيعية في المنطقة منذ عقود.

يشير "لاريسون" في مقاله إلى أن المساعدات الدولية لا زالت تتدفق على تركيا في أعقاب الدمار، إلا أن التقارير تشير إلى أن جهود الإغاثة في سوريا، تتعرض لعرقلة شديدة بسبب سياسات النظام فيها، والانقسامات السياسية التي خلقتها الحرب، والعقوبات الأمريكية الواسعة.

ويلفت إلى أن الحكومة السورية تطلب مرور جميع المساعدات الإنسانية المخصصة من المناطق التي تسيطر عليها، مما يؤدي حتماً إلى إبطاء إيصال المساعدات.

ويرى الكاتب أنه لابد من الضغط على نظام بشار الأسد، لفتح جميع المعابر الحدودية التي يسيطر عليها، والتخلي عن قبضته الرسمية على توزيع المساعدات، لكن واشنطن، في تقديره، بوضع ضعيف يصعب معه التأثير لإجراء هذه التغييرات، ومع ذلك يرى أنه بإمكانها "إجراء تغييرات مهمة وبناءة في سياساتها الخاصة".

ويشير الكاتب إلى أن العقوبات الأمريكية على سوريا قبل الزلزال، كانت تعرقل جهود إعادة الإعمار، وتسبب مزيدًا من الألم على السكان المدنيين، وهي الآن تشكل عقبة خطيرة أمام تزويد السوريين بالإغاثة من الكوارث ومساعدتهم على إعادة البناء.

ومن ثم، يؤكد على ضرورة أن تتحرك الولايات المتحدة، بسرعة لتعليق أو رفع أكبر عدد ممكن من عقوباتها الواسعة، حتى تتمكن وكالات الإغاثة والحكومات الأخرى في المنطقة من العمل بشكل أكثر فاعلية في معالجة محنة الشعب السوري.

ويؤكد الكاتب أن إدارة "جو بايدن" لم تظهر حتى الآن أي ميل لتخفيف العقوبات أو التواصل مع الحكومة السورية لتنسيق المساعدة الإنسانية للأشخاص في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بل هناك حالة من التجاهل لهذا الأمر.

وبالتالي، فإن هذا الموقف يدفع إلى مزيد من العقاب الجماعي للشعب السوري، من خلال التذرع بجرائم الحكومة كسبب لعدم تخفيف العقوبة الجائرة حسب الكاتب، مضيفا "ذلك يوضح سخافة سياستنا الحالية تجاه سوريا وكذلك أي شيء يمكن أن يحدث".

ومع ترحيبه بالتغييرات التي أعلنتها وزارة الخزانة نهاية العام الماضي حول الإعفاء من بعض العقوبات، يرى "لاريسون" أنها "طفيفة بصورة لا تصلح الخلل الرئيسي للعقوبات الواسعة، أي أنها تلحق الضرر بالسكان بالكامل بشكل عشوائي ردًا على تصرفات قلة نسبية".

ويضيف الكاتب بأن هذه العقوبات على سوريا لم تدفع لتعزيز المصالح الأمريكية، وهي، حسب رأيه، مثل أي نسخة أخرى من حرب "الضغط الأقصى" الاقتصادية، "تؤذي الملايين من الناس ولكن تأثيرها ضئيل على من هم في السلطة أو على سلوكهم".

وغالبًا ما يتم تجاهل هذه التكلفة أو إنكارها في واشنطن، ولكن عندما تحدث كارثة مثل هذا الزلزال، فإن الأمر يجبرنا - حسب الكاتب- على تذكر الحرب الاقتصادية القاسية التي كانت حكومتنا تشنها بالفعل على السكان هناك.

ويستعيد الكاتب جانبا من ذاكرة القرن الماضي، "فمنذ أواخر الثمانينيات إلى أوائل القرن الحادي والعشرين، مد الخصوم السياسيون أيديهم لبعضهم البعض عدة مرات خلال الكوارث الطبيعية الشديدة ".

إلا أن الكاتب يرى أن واشنطن مترددة في فعل أي شيء قد يلمح إلى تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، بعد أكثر من عقد من العداء، مطالبا إياها بأن "تكون مستعدة لسلوك الظروف الاستثنائية عندما تكون الاحتياجات الإنسانية للسكان شديدة للغاية".

وفي النهاية يرى "لاريسون" أن تخفيف العقوبات في حد ذاته ليس الدواء الشافي، لكن من شأنه أن يخفف معاناة الشعب السوري، وإزالة عقبة رئيسية أمام الإغاثة والتعافي وإعادة الإعمار في الأشهر والسنوات المقبلة.

المصدر | دانيال لاريسون/ ريسبونسبل ستيت كرافت– ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سوريا الزلزال قانون قيصر شمال سوريا

أمريكا تسمح بتواصل جميع عمليات الإغاثة في سوريا حتى أغسطس

بموجب قانون قيصر.. عقوبات أمريكية تستهدف أفرادا وكيانات بسوريا