الكويت على خطى السعودية في سياسية المنح والقروض.. ومصر المتضرر الأكبر

الأحد 12 فبراير 2023 01:52 م

قررت الكويت القطع مع سياسة تقديم المساعدات المجانية، والاستعاضة عن ذلك بسياسة جديدة قائمة على ربط أي دعم بتحقيق فوائد اقتصادية أو سياسية، أسوة بالسعودية التي أعلنت في وقت سابق عن مراجعات في هذا الإطار.

هذه السياسة الجديدة، التي تأتي متزامنة م أخرى مشابهة من السعودية، قد يكون لها أثر كبير على مصر، التي تطلب حاليا من المانحين الخليجيين جمع الأموال والاستثمار في الشركات المدرجة ضمن برنامج الطروحات الحكومية.

هذه الخطوة، تشير إلى ما يبدو أن أموال الدول النفطية الثرية في الخليج العربي، قد اتحدت على رفع شعار جديد للحلفاء، وهو: "لا تدفق لمزيد من الأموال والمنح من دون شروط وإصلاحات".

وحسب تصريح جديد لوزير الخارجية الكويتي الشيخ "سالم عبدالله الجابر الصباح"، فإن "بلاده تعتزم مراجعة الطريقة التي تنتهجها في تقديم المساعدات للدول العربية والنامية عبر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية".

وأضاف الوزير الكويتي في فيديو مصور وزعته وزارة الخارجية، "هناك تطورات على المستوى الدولي تتطلب منا أن نعيد النظر في آليات عمل الصندوق وتجيير (تسخير) عمل الصندوق للمحافظة على مصالحنا الوطنية".

وفسر مصدر من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية (حكومي)، تصريحات الوزير بالقول إنهم أعادوا النظر في سياسة منح القروض والمنح، تمهيداً لإقرار سياسة جديدة تقوم على تحقيق مصالح الكويت في المقام الأول، وأن يكون القرض الممنوح لأي دولة ذو مردود إيجابي للبلاد.

وأوضح المصدر أنه ستتم إعادة النظر في إعطاء القروض بلا مقابل، فضلاً عن مراجعة الأعمال الإنسانية البحتة التي لا تحتوي على أي أجندة.

وأضاف أن القروض التي سيعطيها الصندوق "يجب أن تتماشى مع السياسة الخارجية للكويت، خصوصاً فيما يتعلق بالدعم السياسي نحو قضايا معينة، وأن تكون ذات مردود إيجابي، مثل تعزيز الأمن الغذائي للبلاد، إضافة إلى التصويت في مجلس الأمن بشأن القضايا التي تهم الكويت".

وأكدت المصدر أن من ضمن إجراءات الآلية الجديدة، فإن الكويت تسعى لاتخاذ الإجراءات القانونية بشأن التأخُّر في سداد مستحقات الصندوق لدى بعض الدول، لافتةً إلى أن هناك بعض الحكومات متعثرة، ولا تستطيع السداد بسبب الحروب مثل سوريا، ولا يمكن استرداد الأموال منها.

وبلغت قيمة المتأخرات على بعض الدول 163.5 مليون دينار (535 مليون دولار)، منها 146 مليون دينار (477.8 مليون دولار) مستحقة على الدول العربية، و17 مليون دينار (55.63 مليار دولار) على بقية الدول المقترضة من الكويت.

ويهدف الصندوق وفق ميثاقه التأسيسي، إلى مساعدة الدول العربية والدول النامية الأخرى، في تطوير اقتصاداتها عبر القروض الميسرة والضمانات والمنح وتوفير المعونات الفنية، ولا يقدم مساعدات مالية لدعم ميزانيات الدول.

وفي السنوات الأخيرة، تصاعدت لهجة الانتقادات الداخلية للصندوق الكويتي للتنمية، باعتباره يساعد الدول الأخرى في وقت تتزايد الحاجة فيه إلى مساعدة المواطنين الكويتيين في ظل زيادة نسب التضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات.

وفي موقف سابق مماثل لأكبر بلدان العالم تصديراً للنفط، قال وزير المالية السعودي "محمد الجدعان"، خلال مؤتمر دافوس الاقتصادي بسويسرا في 18 يناير/كانون الثاني: "إننا اعتدنا تقديم منح ومساعدات مباشرة من دون شروط، ونحن نغير ذلك.. نعمل مع مؤسسات متعددة الأطراف لنقول بالفعل إننا في حاجة إلى رؤية إصلاحات".

وأضاف الوزير السعودي: "نفرض ضرائب على شعبنا، ونتوقع من الآخرين فعل الأمر نفسه، وأن يبذلوا جهداً.. نريد المساعدة، لكننا نريد منكم الاضطلاع بدوركم".

وهذا الموقف الذي يأتي متسقاً مع سياسات جديدة كشفت عنها دول خليجية أخرى كالإمارات وقطر، التي بدأت بالتلويح إلى أن "عصر الودائع المصرفية غير المشروطة قد ولى"، مفضلة الاستثمار بدلاً من تقديم المساعدات المالية المباشرة.

وقبل أسابيع، أفادت مصادر صحفية بوجود "أزمة" تعتري العلاقات بين القاهرة والرياض على خلفية توجه الاستثمارات السعودية المرتقب ضخها في السوق المصرية، حيث ترغب الرياض في الاستثمار بشكل أكبر في القطاع الخاص، بينما ترغب القاهرة في الحصول على استثمارات مباشرة في الشركات الحكومية، وهو ما ترفضه المملكة لأنها ترى هذه الشركات غير مربحة، حسب مصادر.

وبالعودة إلى الكويت، يرى مراقبون أن الخطوة الكويتية كانت منتظرة، لاسيما في ظل الضغوط النيابية الرافضة لاستمرار ضخ المزيد من الأموال لدول تعاني أزمات اقتصادية لا تنتهي مثل مصر، في الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد الكويتي حالة من التذبذب وعدم الاستقرار، ويحتاج فيه إلى تحسين إدارة الموارد المالية للدولة لإطلاق حزمة من الإصلاحات الهيكلية في مقدمتها تنويع مصادر الدخل.

ويشير المراقبون إلى أن الكويتيين سئموا تقديم الأموال بلا مقابل، وهم يريدون اليوم ومن أعلى هرم في الدولة وضع حد لهذا التمشي العبثي، والاقتداء في ذلك بمحيطهم الخليجي.

وكان نواب في مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي، أثاروا مؤخرا الديون المستحقة على مصر.

جاء ذلك في سياق ردود فعل على ضغوط لصندوق النقد الدولي تطالب الدول الخليجية بضخ 14 مليار دولار إلى القاهرة، ويمثل هذا المبلغ جزءا من إستراتيجية تمويل البرنامج الذي أجازه الصندوق لمصر في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وقال نائب أمين سر مجلس الأمة "أسامة الشاهين" خلال جلسة برلمانية الشهر الماضي: "قبل الحديث عن 14 مليارا جديدة، علينا معرفة مصير المليارات الثلاثة من المنح والقروض، والمليارات الأربعة المودعة ومستحقة السداد".

وتوجه "الشاهين" بسؤال إلى وزير المالية، قال فيه: "ما إجمالي وتفصيل الودائع الكويتية الحكومية في مصر؟، وما تواريخ استحقاقها؟، وما هي العوائد التي تم تحصيلها فعليا وتحويلها إلى خارج مصر من هذه العوائد طوال سنوات الإيداع؟، وما هي توجهات وزارة المالية بشأن التصرف بهذه الودائع المليارية؟".

وأودعت الكويت وديعتين لدى المصرف المركزي المصري بقيمة إجمالية تبلغ 4 مليارات دولار، وكانت الأولى والبالغة قيمتها ملياري دولار تستحق في سبتمبر/أيلول الماضي، والثانية بنفس القيمة أيضا ويحل موعد استحقاقها في أبريل/نيسان المقبل.

وبذلك تحتل الكويت المركز الثالث في قائمة الدول الخليجية المودعة لدى مصر، مقارنة بالإمارات (10.6 مليارات دولار)، ثم السعودية (10.3 مليارات دولار).

كما أودعت قطر في البنك المركزي المصري 3 مليارات دولار خلال العام الماضي.

وكان صندوق النقد الدولي، طالب من وصفهم بـ"حلفاء مصر الخليجيين" بالوفاء بتعهداتهم الاستثمارية والتي تبلغ مليارات الدولارات في مصر، والتي ستكون مقابل حصص بأصول وشركات مصرية، في مواعيدها المحدوة، لضمان أن تغطي الدولة فجوة التمويل الخارجي في السنوات المقبلة.

وذكرت وكالة "بلومبرج في أغسطس/آب الماضي، أن مصر تسعى لجمع 41 مليار دولار لسداد عجز الحساب الجاري والديون المستحقة بنهاية 2023.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الكيوت السعودية مصر قروض منح

تهدئة السيسي غير كافية.. 5 مطالب سعودية لاحتواء الأزمة مع مصر

هدنة السيسي مع السعودية.. لهذه الأسباب تخشى مصر من التوتر مع دول الخليج

المركزي الكويتي يمد أجل القرض الاستهلاكي للمتقاعدين سنتين إضافيتين

وسط مخاوف خارجية وحاجة داخلية.. قرار مصري بوقف الاقتراض إلا بشروط ميسرة